Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

المحور الثاني .

حاضرت فيه :عائشة خزنة , منسقية مؤتمر ستار – مقاطعة عفرين

: زكية بكر , إدارة بيت المرأة في مقاطعة عفرين

 

إن الصراع الدائر في الشرق الأوسط و خاصة سوريا ليس بصراع عسكري أو سياسي بقدر ما هو صراع مفاهيم و استراتيجيات ذات أبعاد عميقة فالقوى الرأسمالية تسعى لتثبيت مشاريعها في المنطقة باذلة في ذلك كل جهد و الشعوب هي من يدفع ثمن هذه المخططات فهي أي الرأسمالية تسعى إلى تفتيت النسيج المجتمعي والاستفادة من تنوع الأعراق و المذاهب و الطوائف لتجعلها جبهات في مواجهة بعضها البعض بغية أضعاف الكل و تسهيل السيطرة عليها وبالتالي تمرير مخططاتها و هذا ما جعل الصراع بين الحداثة الرسمالية و الحداثة الديمقراطية يتبلور و تتوضح معالمه في الأحداث الأخيرة الدائرة في سوريا .

إن الشعب الكردي الذي يتجاوز تعداده ال50 مليون نسبة موزعا على أربع دول يعتبر أكبر شعب بلا سيادة مستقلة و القضية الكردية ليست بالجديدة أو أنها من اختراع أحد بل إنها قضية شعب قدم للتاريخ و الحضارة الكثير و الكثير و أثبت و على مر التاريخ بأنه شعب مسالم يؤمن بالتعايش السلمي مع باقي مكونات المنطقة و بذل من أجل الدفاع عن القيم و الأصالة المجتمعية كل غال و نفيس .

و في خضم النزاع الدائر في سوريا منذ 2011 لعب الكرد دورا كبيرا و جوهريا في الدفاع عن حقوق شعوب المنطقة و احترام خصوصياته و شكل في المعادلة السورية و الإقليمية القوة التي ترفض أن تكون طرفا في النزاع و جزء من المشكلة بل كان لها منهجها في اتخاذها مبدأ الخط الثالث الذي حمى مناطقه من شتى أنواع المخاطر والكوارث التي جلبتها الحروب و كانت و على مدار سنوات عدة القوى التي أثبتت جدارتها في مواجهة التطرف و القضاء على التنظيمات الإرهابية و اليوم و بعد مرور سنوات ثمان على هذه الحرب لم يعد خافيا على أحد بأنها أي القوات التي تشكلت في الشمال السوري من كل أطيافه أصبحت الجهة التي تمثل السلام و الضمان في دحر الارهاب .

إن هذه التجربة الديمقراطية و الفريدة في جغرافية الشرق ا لأوسط و بعد أن أثبتت للعالم بأن شعوب المنطقة قادرة على ادارة نفسها بنفسها و تمتلك الارادة في العيش المشترك أثار قلق القوى الاقليمية و الدولية التي تتعارض مصالحها مع مصالح الشعوب ما جعلها تعمد إلى ابتداع نوع آخر من النزاعات هادفة بذلك لتفتيت هذا النسيج و كسر هذه التجربة الديمقراطية فكانت المؤامرة الدنيئة على عفرين تلك الحرب اللاأخلاقية التي قادها أمراء داعش من حزب العدالة و التنمية التركية التي استغلت بدورها هذه الفرصة لتعيد أمجاد العثمانية تلك الحقبة المظلمة في تاريخ المنطقة فكانت سياستهم لابل و تصريحاتهم واضحة كل الوضوح في ذلك ما جعلهم يستحقون لقب العثمانيون الجدد .

المؤامرة التي حيكت ضد عفرين فضحت هذه الأحقاد و السياسيات القذرة التي تجلت في لغتهم الحاقدة ووحشية ألياتها العسكرية 72 طائرة حربية مزودة بأحدث التقنيات كانت تستهدف أهالي عفرين ضاربة بعرض الحائط كل القيم والمعايير الانسانية والأخلاقية و على مرأى و مسمع من العالم .

58 يوما واجه أهالي عفرين و وحدات الحماية الشعبية و وحدات حماية المرأة  وواجهوا واحدة من أعتى الترسانات العسكرية في حلف الشمال الأطلسي (الناتو) واجهوها ببسالة اسطورية لتسجيل المرأة الكردية مرة أخرى تاريخا جديدا في المقاومة أمثال أفيستا خابور و بارين كوباني و سميرة و روزيار و مئات من رفيقاتهم إلى جانب محبي السلام من كل مكونات المنطقة و القوى الكردستانية و العالمية أمثال الشهيدة
(هيلين) لقد تذرعت ألة الحرب التركية الحاقدة بحجج عارية عن الصحة محاولة تمويه حقيقة حربها الاحتلالية على عفرين لكن هذا التمويه لم يكن بحاجة لإزالته عبر اعلام مضاد فما قامت به خلال الحرب و بعد احتلالها ايضا كان ليظهر جليا للعالم نواياها في ابادة الشعب الكردي و تهجير من يبقى حيا من أرضه عنوة لقد حصدت ادارة الاجرام التركية الكثير الكثير من أرواح المواطنين العزل الابرياء من نساء و أطفال و شيوخ عبر قصفها بالطائرات و المدافع للمنازل و البنية التحتية و حتى استهداف المزارعين في حقولهم قصف عشوائي خلف الدمار و اراقة دماء الأبرياء على مدينة تعرف بأرض المرأة كما و أنها قصفت و منذ الأيام الأولى للحرب المواقع التاريخية و شواهد الحضارة في عفرين و حتى المساجد و المدارس و المشافي لم تسلم منها و نزح على اثر الاحتلال أمكثر من 300 الف مواطن عفريني الى مقاطعة الشهباء .

إن الجرائم التي ارتكبها حزب العدالة و التنمية التركية بزعامة السلطان العثماني الجديد اردوغان هذه الجرائم انتهكت كل المواثيق و المعاهدات الدولية لحقوق الانسان كما و انتهكت كل القيم و المعاهدات الانسانية و الأخلاقية و سط صمت دولي مريب فصور أطفال عفرين الذين قضوا بقصف الطائرات التركية كفيلة بتصنيف اردوغان كواحد من أخطر ارهابي العالم خاصة و قد جمع حوله جميع المتطرفين و المرتزقة من كل انحاء سوريا و حتى من القادمين من دول أخرى و شكل معهم عصابة متطرفة لا يقل خطرها عن خطر داعش فهم لم يكتفوا باحتلال عفرين و ارتكاب تلك الجرائم الحربية بل فتكو بالمدينة و سكانها ابتزازا و قتلا و اغتصابا و سرقة و سلب و نهب تعجز اللغة عن توصيفه و قد بدؤوا و منذ اللحظة الأولى لاحتلالهم بأحداث تغيير ديموغرافي في المقتطعة جريمة لا لبس فيها و ذلك من خلال تشويه معالم المدينة و تغيير اسماء الشوارع و الساحات و المدارس و المشافي و حتى اسماء القرى الشيء الذي و ثقته جهات حقوقية رسمية ولكن و رغم كل هذا و رغم ظروف اهالي عفرين النازحين الصعبة فإن مقاومتهم استمرت و لازالت مستمرة باصرار و عزيمة قوية لإبقاء قضية عفرين قضية حية عازمين على الاستمرار في موقفهم حتى لحظة العودة إلى أرضهم و ما المؤامرة على عفرين إلا حلقة متصلة بسلسلة المؤامرات التركية على الشعب الكردي و تمثل المؤامرة على القائد أبو واحدة من أبرز حلقات تلك السلسلة لكن مقاومة القائد في سجنه و اصرار الشعب على متابعة السير على خطاه افشلت المخططات الرامية إلى تغييب الشعب الكردي و قضيته العادلة كما و خلفت أزمة كبيرة في الداخل التركي و في محاولة من العدالة و التنمية لتلاف الحرج الذي وقعت فيه توجهت نحو انتخابات مبكرة لم تكن كما أرادها فقد خسر خلالها الكثير من الأصوات و كسب في المقابل حزب الشعوب الديمقراطي (67) مقعدا في البرلمان التركي الشيء الذي جعل أزمة حكومة العدالة تستمر و تتوسع الهوة بينها و بين الشعب التركي كما أن أحزابا كالحزب الديمقراطي الكردستاني المتشبث بالسلطة تورط في التآمر على الشعب و القضية من خلال مواقفها المخزية .

النساء المقاومات في عفرين رمز المرأة الحرة

لأن العطاء اساس الوجود و الاستمرار و لأن المرأة رمز للعطاء اساس الوجود و الاستمرار و لأن المرأة رمز للعطاء بدأ تاريخ المجتمعات بتقديس و منحت المرأة كما الطبيعة منحت للعالم من خصوصياتها أجمل القيم وأسماها ولكن بظهور المفاهيم الذكورية السلطوية بدأ الصراع البشري الأول بين الرجل والمرأة بين العطاء و أنانية بين الجماعية و الفردانية لتنتقل في ما بعد بانتشار المفهوم الذكوري السلطوي إلى الحياة المجتمعات عامة و تتحكم بمفاصلها و مستوياتها كافة تاريخ طويل يقدر بألاف السنين و لازالت المرأة تعاني من السياسات ذات الذهنية الذكورية و التي تأخذ أشكالا متعددة و أساليب مختلفة من ظاهرة العنف ضد المرأة إلى ظاهرة تحويلها إلى سلعة إلى ظواهر مختلفة باختلاف المجتمعات و في كل الأحوال تغيب  المرأة عن مكانها الطبيعي في قيادة المجتمع و التكامل مع الأخر لتشكيل حالة اجتماعية صحية تجمع ما بين الجنسين هذا التغيب و القمع و التشويه ظل مستمرا حتى في الحالات التي تعيش فيها المجتمعات مرحلة ثورية و لكي لا نتوسع بطريقة تشوش على ما اجتمعنا هنا لأجله سنحاول التحدث عن الواقع السوري عامة و شماله خاصة .

عندما تنطلق شرارة الثورة و للوهلة الأولى تمنح هذه الشرارة للناس دفئا داخليا و تبدو أملا جديدا لبداية جديدة من حيث المفهوم لعام الثورة هي ثورة مجتمع و ليست ثورة رجل و سلطة هذا من حيث المبدأ و لكننا نرى فيما بعد أن كل الشعارات التي كانت ترفع فيها من حرية و ديمقراطية و غيرها يتم استغلالها فيما بعد لفئة معينة و جنس معين و لسنا بعيدين في واقعنا السوري عن هذه الحالة اذ رأينا كيف انحرفت الثورة مبكرا عن مسارها وباتت تديرها الذهنيات المتشردة دينيا و اجتماعيا و هنا لا نقصد أبدا أن المرأة كانت غائبة تماما ولكن السؤال هل أخذت مكانها ودورها الطبيعي الذي يليق بها هل فعلا يمتلك المجتمع الذكوري السوري بمختلف اصطفافاته السياسية و هل يمتلك الرغبة والارادة الحقيقة في تقاسم قيم الحرية و الديمقراطية مع المرأة هذه الأمور ليست واضحة المعالم بعد فيما يخص كامل الجغرافية السورية أما بالنسبة للشمال السوري فكان الوضع مختلفا إذ أن الثورة و منذ بدايتها ارتكزت على مفاهيم تحارب الذهنية الذكورية السلطوية و كانت المرأة حاضرة و منذ البداية في هذا النضال على كافة الأصعدة السياسية و لعسكرية و المجتمعية وكان مبدأ حرية المجتمع لا تكون إلا بحرية المرأة اساسيا في مسيرة النضال المستمرة حتى الآن .

كما تعلمون تعرضت عدة مناطق في الشمال السوري لاعتداءات من قبل الفاشية التركية كان أفظعها ما جرى في عفرين عبر العدوان القذر لآلة الاجرام التركية و أدواتها الرخيصة من المرتزقة و المتطرفين الذين جمعتهم من شتى الانحاء و الذي بدأ في 20 من يناير 2018 و في مواجهة هذا العدوان كان لأهالي عفرين كلمتهم و نخص بالحديث هنا المرأة العفرينية التي برز دورها في جميع الساحات و الساحة الأكثر حساسية و خطورة جبهات القتال المباشرة مع المحتلين ليكتبوا للعالم تاريخا جديدا و يؤكدوا أن المرأة قادرة على القيادة كما هي قادرة على أن تكون قدوة لمجتمعها في مختلف الظروف فكانت أفستا خابور- بارين كوباني – روزيار والكثير من الرفيقات اللواتي أضفن باستشهادهن صفحات مشرقة و مشرفة للمجتمع الانساني و كانت المرأة العفرينية قدوة في تنظيم المجتمع و في المجال الطبي و الاعلامي هذه المقاومة التي أبدتها ليست بالأمر العادي أبدا انها ملحمة تعجز الاقلام عن و صفها كما تعجز اللغات عن التعبير عنها خاصة و أن هذه المقاومة لمدة 58 يوما لم تتوقف عند حد معين انما ظلت مستمرة حتى في ظروف النزوح الصعبة في مقاطعة الشهباء .

إن هذه المواقف التاريخية التي ابدتها المرأة العفرينية لم تكن من باب الصدافة أو ردة فعل على حدث ما انما يمتاز المجتمع العفريني دونا عن غيره ببروز دور المرأة في تفاصيل الحياة كلها و تتمتع بقدر جيد من الحرية مقارنة بأوساط اجتماعية شرقية أخرى حتى القرارات التي تؤخذ داخل الأسرة فهي تعود و بنسبة ليست بالقليلة إلى المرأة …

 

قامشلو 23-1-2019

 

المشاركة