تشهد مدينة البوكمال في محافظة دير الزور شرق سوريا تغيراً في هيكلية العلاقة التحالفية بين روسيا وإيران ، ما يجزم وجود تقاطع في المصالح بينهما
وكانت شبكات إخبارية محلية ومصادر خاصة كشفت عن قيام روسيا بسحب جنودها من نقاط تمركزها في مدينة البوكمال شرق دير الزور، قبيل تعرض مواقع عسكرية إيرانية في المنطقة لغارات جوية إسرائيلية وصفت بـ”الأعنف”، ليل الثلاثاء- الأربعاء.
وأكدتْ المصادر أيضاً أن جنوداً روس انسحبوا من المقر الروسي في بناء الفندق السياحي في مركز المدينة قبل يوم واحد من الضربات، وأبقوا المقر تحت حراسة قوات تابعة لمليشيا “القاطرجي”.
وفقاً للناشطين فإن القوات الروسية انسحبت في وقت سابق، من مقر عسكري في البادية السورية على مقربة من الحدود العراقية.
وهذه التحركات أثارت ريبة واستياء المليشيات الإيرانية، وخصوصاً أن الضربات التي تلقتها الأخيرة كانت غير مسبوقة، وأوقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوفها.
و من الواضح أن سحب روسيا قواتها من المنطقة، يأتي لغرض تجنب أي خسائر في صفوفها، ما يبدو وكأن روسيا قد أُخطرت بشكل مسبق بالغارات.
ويقول الخبراء بهذا الشأن إن الغارات الجوية الإسرائيلية تتم بتنسيق مع روسيا، وهذا ما أكدته تصريحات صادرة عن إسرائيل ، وبالتالي فإن التنسيق هنا بديهي.
و استهداف مدينة البوكمال التي شهدت في الآونة الأخيرة حالة أقرب إلى الصراع على النفوذ بين روسيا وإيران، و أن التنسيق الروسي- الإسرائيلي قائم ، وهذا مايؤكّده عدم تعرض أي جندي روسي للأذى نتيجة الضربات الإسرائيلية في سوريا، خلال العامين الماضيين ، والأمر الآخر الذي يؤكّد كل ماتمّ الحديث عنه هو غياب أي دور للمنظومات الدفاعية الجوية الروسية (أس-300)، رغم وجود هذه المنظومات في مناطق تعرضت للغارات الإسرائيلية، وتحديداً في منطقة الكسوة جنوب دمشق، التي تعرضت للضربات لأكثر من مرة.
مناطق النفوذ في دير الزور
يقول نشطاء محليون إن محافظة دير الزور تشهد تقاسماً للنفوذ الإيراني والروسي خاصة مع سيطرة الروس على الفرقة 17 لجيش النظام. ويتمركز النفوذ الروسي في المناطق الغنية بالفوسفات والنفط حيث قامت شركات روسية في تموز عام 2018 بتنفيذ أعمال التنقيب الجيولوجي في بادية دير الزور الجنوبية وفقا لما قالته مصادر متخصصة في المسج الجيولوجي .
وتمتلك روسيا السيطرة الجوية بطبيعة الحال على كامل المحافظة، حيث تتحكم روسيا بمفاصل العمل فيها سواء العسكرية أو الاقتصادية. ومن أهم نقاط السيطرة الروسية هو مطار ديرالزور العسكري الواقع شرق المحافظة، بالقرب من قرية الجفرة، وتشارك إيران في قيادته العسكرية من خلال تواجد مستشارين عسكريين وفيه قسم محدود مخصص للقوات الإيرانية.
وفي ما يعرف بالمربع الأمني في حي الجورة فإن السيطرة الأكبر تعود للقوات الروسية فيما تتواجد إيران بشكل قيادي من خلال بعض الضباط في مراكز الفروع الأمنية هناك.
أمّا سيطرة إيران الكبرى فهي على الأحياء الغربية والشرقية في المدينة ديرالزور. ومنذ أواخر عام 2017، تسيطر المليشيات الإيرانية بشكل مطلق على جزء من ريف دير الزور الشرقي جنوب نهر الفرات، يمتد من مدينة الميادين غرباً إلى مدينة البوكمال على الحدود السورية-العراقية شرقاً بطول أكثر من 50 كيلومتراً.
وتسببت الغارات الأخيرة التي طالت أكثر من موقع عسكري تابع للنظام والمليشيات الإيرانية في البوكمال ومركز دير الزور، بسقوط عشرات القتلى والجرحى.
يُذكَر أن غاراتٍ مماثلة قرب مدينة البوكمال في 23 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي بمقتل 19 مسلحاً موالياً لإيران، وفق المرصد. وتخضع المنطقة الممتدة بين مدينتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الشرقي لنفوذ إيراني، عبر مجموعات موالية لها تقاتل الى جانب قوات النظام.
وسيم اليوسف- خاص إعلام مسـد