Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

للوهلة الأولى قد تُثار لدى البعض تساؤلات تتعلق بماهية سياسة دمشق، لجهة التعاطي مع الكارثة التي ألمّت بعموم السوريين، والتي أصابت جغرافيتهم في مقتل، لا سيما بعد سنوات الصراع التي قاربت اثنا عشر عاماً. لكن الواقع المؤسف الذي يعانيه السوريين، يبدو أنه مستمر باستمرار سياسات سلطة دمشق، لجهة مقاربة واقع السوريين وكارثتهم، بناء على معطيات سياسية، تبتعد كل البُعد عن الواقع الإنساني المُزري الذي يعيشه الشعب السوري، فـ منذ اليوم الأول للكارثة، خرج البعض من المحللين واضعين نُصب أعينهم توجيه الاتهامات لفئة من السوريين، وتحميلهم وزر الكارثة، خاصة في المناطق التي كانت خارج سيطرة السلطة في دمشق، وهنا الأمثلة كثيرة، لا سيما في حلب، إذ اعتمد البعض من المقرّبين من دمشق، على مقاربة الكارثة وفق منظورهم الإقصائي،بمعنى تحميل المسؤولية بتردي الأبنية للبعض، وانهيارها جرّاء الزلزال المُدمر الذي أصاب حلب وغيرها من المحافظات السورية، لكن ماذا يقول أولئك في انهيار المباني التي كانت تحت سيطرة وسياسة دمشق؟.

قد يهمك: الفساد يمنع المساعدات عن ضحايا الزلزال في حلب

ما سبق يُعد مدخلاً لمقاربة سياسة دمشق للكارثة، لكنها مقاربة لم تخلو من خطاب إقصائي تخويني، في وقت نحن بحاجة ماسة، لخطاب تقريبي يتعالى على الجراح السياسية، ويقرب وجهات النظر أقلّه إنسانياً، على الرغم من أن الخطاب الرسمي، كان يحمل في طياته الكثير من التعاطف تُجاه مَن أصابتهم الكارثة، لكن الواقع يبدو مغايرا لذلك، وتحديداً في المناطق الواقعة خارج سيطرة السلطة في دمشق، وفي ذلك إجحاف كبير بحقّ عموم السوريين. ونتيجة لذلك،حاولت دمشق إستجداء التعاطف الخارجي، لرفع العقوبات عنها، تحت ذريعة مساعدة المدنيينَ الذين أصابتهم الكارثة، لكن الكثير يعلم، بأن العقوبات الأميركية لا تطال الجوانب الإنسانية أو الإغاثية، لكن رواية دمشق تبقى ضمن إطار العقوبات الأميركية التي تمنع دخول أي مساعدات إنسانية، سواء إلى مناطق سيطرة دمشق، أو التي خارج سيطرة الأخيرة.
وعلى عجالة، بدأت المساعدات الإقليمية والدولية، بالوصول إلى دمشق، وبالتوازي تم ايقاف مفاعيل العقوبات على دمشق، لمدة ستة أشهر. لكن كل ذلك لم يكن كافياً ليحرّض دمشق، على تبني خطاب جديد، يُقارب الواقع الإنساني الجديد في سوريا، لتُسارع خارجية دمشق، إلى وصف البيان الأميركي بأنه مجافٍ للحقائق، وتطلب من المجتمع الدولي المزيد من الضغوط على الإدارة الأميركية لرفع العقوبات كاملة عن دمشق، وكلنا يعلم بأن العقوبات لم تكن موجهة للسوريين، بقدر ما كانت موجهة لصُناع القرار في سورية، والذين هم من كان يحاصر السوريين بـ فسادهم وإستغلال مناصبهم، وحتى قبل الكارثة، كان السوريون يعانون من أوضاع غاية في البؤس.
مساعدات كثيرة وصلت الى المطارات السورية، لتصل تباعاً الى المحافظات التي أُعلنت بأنها منكوبة، لكن أن تصل المساعدات شيء، وأن يتم إيصالها إلى الذين أصابتهم الكارثة شيء أخر. تقارير كثيرة وناشطون سلّطوا الضوء على واقع السوريين ما بعد الكارثة، إذ أجمع كُثر، على أن المساعدات التي وصلت إلى المحافظات المنكوبة، لم تُوزع بُطرق تسد رمق المحتاجين، فغالبيتها سُرقت، والغالبية أيضاً وثّقوا تواجد المساعدات التي تُباع في الأسواق السورية، حتى أن صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، غصت بمناشدات كثيرة لوضع استراتيجية يُمكنها إيصال المساعدات إلى مستحقّيها، والضرب بيد من حديد على من يقومون بسرقتها،وهم للأسف صُناع قرار ومقربين من دمشق.

 

قد يهمك: 2167 ضحية حصيلة متغيرة وغير نهائية لضحايا الزلزال شمال غرب سوريا

في ذات السياق، ورغم الكارثة التي ألمَت بالسوريين، إلا أن الشعب السوري، تعالى على جراح الجغرافية السياسية، وأصرّ على الإتحاد إنسانياً، لمواجهة هذه الكارثة، وهنا حقيقةً لا يمكننا إنكار جهود السوريين في شمال شرق سوريا، لمحاولتهم إيصال المساعدات إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة في دمشق ، لكن من المؤسف أن نقول، بأن دمشق رفضت ذلك، على اعتبار أنه يؤطر معاني السيادة السورية،  إضافة إلى ذلك، كان الخطاب الإعلامي المواكب للكارثة، لا يصل إلى مآسي السوريين في إدلب، أو في مناطق  خارج سيطرتها، وهذا الأمر لا يمكن ترجمته إلا برغبة دمشق إقصاء من يقعون خارج سيطرتها، واستثمار تلك الكارثة سياسياً، وتحييدها عن مسارها الإنساني.

الحديث عن افتتاح المعابر في سوريا، هو حديث لا يمت للواقع بأي صلة، فاليوم لا تكفي التصريحات التي تخرج على ألسنة مسؤولي دمشق، خاصة أن السوريين في عموم الجغرافية السورية، هم بحاجة للمساعدة، لكن دمشق تُصر على تبني خطاب اقصائي، مع تحميل المسؤولية بتردي الواقع السوري، إلى سنوات الحرب والعقوبات.

ختاماً، حريَ بدمشق أن تُعيد ترتيب واقعها الكارثي، وبناءه على خطاب سياسي وإعلامي جديد، يُقرب السوريين أكثر، وتحديداً بعد الكارثة التي أصابت الجغرافية السورية، وحريٌّ أيضاً بالدولة السورية، أن تفتح كل المعابر والحدود، لدخول السوريين ومن يرغب بمساعدتهم، دون ذلك، لا يُمكن توقع أي نهضة جديدة، وسيبقى السوريون يلوكون أوجاعهم، جراء سياسات اقصائية، لن تُبقي أحد.

 

عمار معتوق- دمشق

المشاركة