تصدّرت صور طوابير المواطنين أمام الأفران المشهد، خلال الأيام الماضية وذلك للحصول على ربطة الخبز، التي وصل سعرها إلى أكثر من 250 ليرة سورية للمدعوم (جودته ضعيفة ويوزع على حسب عدد أفراد العائلة)، والخبز الذي يُباع في المتاجر والمعروف محليا بالـ”سياحي” إلى 1500 ليرة سورية.
ورغم مزاعم المؤسسة السورية للحبوب قبل فترة في تصريحات صحفية محلية، أنها استوردت 2 مليون طن من القمح لتأمين احتياجات البلاد من الخبز، إلا أن ذلك لم يُحدث أيّ تحسين أو فارق في توفير الخبز وتحسين وتخفيف الأعباء اليومية على المواطنين، خاصة بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا ،و التي تسبّبت بتقلّبات اقتصادية في مختلف الأسواق العالمية.
ويبدو أن المشكلة الأساسية تكمن في تأمين مصدر الخبز الرئيسي وليس شيء آخر، وبالتالي يمكن القول إن السلطات في دمشق هي التي تسبّبت في أزمات فساد واستغلال التّجار وغيرهم من خلال التحكم بالخبز ورفع سعره. دون أن تتخذ-سلطات دمشق- الإجراءات اللازمة والفورية لحل هذه الأزمة، وهناك ترقّب لارتفاع جديد خلال الأيام المقبلة، بحسب المؤشرات والمعطيات الموجودة، بعد الأزمةالأوكرانية، وارتفاع الأسعار بنسبة 25 بالمئة في مختلف المواد السلعية في الأسواق السورية.
وفي شمال غرب سوريا أيضاً، وإدلب على وجه الخصوص لايختلف الحال كثيراً في المناطق التي تديرها ما تسمى “حكومة الإنقاذ” التابعة “لهيئة تحرير الشام” جبهة النصرة سابقاً ، وإلى جانب المشكلات الاقتصادية ذاتها التي تعانيها مناطق الواقعة تحت سيطرة ما يسمى الجيش الوطني السوري المعارض،فبوادر انهيار اقتصادي في تلك المناطق -الشمال السوري الذي يسيطر عليه ‘الجيش الوطني السوري”- وثّقها تقرير لفريق منسقو الاستجابة في سوريا، في كانون الأول/ديسمبر 2021.
أكد التقرير ارتفاع الأسعار هناك لمستويات قياسية، وزيادة معدلات التضخم، وانخفاض القوة الشرائية للسكان، فضلاً عن التقلبات الشديدة لليرة التركية، التي تستخدم بشكل رئيسي شمال غربي سوريا.
حيث تم استبدال الليرة السورية بالليرة التركية منذ حزيران/يونيو 2020، وبات استخدام العملة السورية محدوداً بعد انخفاض قيمتها أمام الدولار الأمريكي وإلغاء اعتمادها كعملة رئيسية في دوائر القوى المسيطرة.
يعيش 97 ٪ من سكان الشمال السوري في فقر مدقع، بحسب تقديرات صادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (UNOCHA)، فكل تسعة من بين كل عشرة أشخاص يعيشون تحت خط الفقر، في شمال غربي سوريا، وفق تقرير “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” منتصف أيلول/سبتمبر 2021.
لا يمكن فصل الجوع المرتقب عن تراجع مستوى دخل الفرد، وارتفاع نسب البطالة، حيث يقول التقرير الأممي إنّ 70 بالمئة من الرجال، و61 بالمئة من النساء عاطلون عن العمل، و18بالمئة فقط من الرجال الذين عملوا في الأشهر الثلاثة الماضية يعملون بدخل منتظم
وقالت “هيومن رايتس ووتش ” في تقرير سابق لها، إن تقاعس الحكومة السورية عن معالجة أزماتها وعلى رأسها أزمة الخبز، الناجمة عن عقد من النزاع المسلح، بصورة عادلة وملائمة يدفع بملايين السوريين نحو الجوع.
ويضيف التقرير الدولي، أنه هناك أكثر من 12.4مليون سوري، من بين عدد السكان المقدر بحوالي 16 مليون، يفتقرون إلى الأمن الغذائي، بحسب “برنامج الأغذية العالمي”، بزيادة مقلقة قدرها 3.1 مليون في عام واحد.
وتقدر “منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ” (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي أن 46 بالمئة من الأسر السورية قللت حصصها الغذائية اليومية، وخفض 38 بالمئة من البالغين استهلاكهم لضمان حصول الأطفال على ما يكفي من الطعام.
وقالت منظمة “الفاو”، في تقرير نشر في 16 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أن سوريا تمثل جزءا من مشكلة أكبر ألا وهي مشكلة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط، حيث أكد التقرير بأن نحو ثلث السكان في منطقة الشرق الأوسط يعيشون حالة انعدام أمن غذائي، وذلك مع ارتفاع في نسبة الجوع التي وصلت إلى 91.1 بالمئة خلال العقدين الأخيرين.
وسيم اليوسف-إعلام مسد