تتفاقم معاناة السوريين في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد من تدهور الأوضاع الاقتصادية، لتطال الواقع الصحي المتهالك وتصبح المشافي الحكومية هياكل جامدة، وافتقادها للأدوية لتضيف فصلا آخر من الأزمات التي تعصف بالبلاد.
تلقي الأزمة الاقتصادية المتدهورة بظلالها على جميع نواحي حياة السوريين في مناطق السلطة في دمشق، سواء الاجتماعية أو الخدمية والصحية، مما يؤدي إلى خلق العديد من التداعيات السلبية على تلك المجتمعات بمختلف مكوناتها.
نسلط الضوء في هذا التقرير على الجانب الصحي الذي يمكن وصفه بالهش بالاستناد إلى آراء وشهادات حية من بعض المتضررين من الفجوة الصحية التي خلقتها الأزمة الاقتصادية الخانقة.
يشتكي العديد سكان مدينة حلب التي كانت تعتبر العاصمة الاقتصادية في البلاد؛ من تدهور الحالة المعيشية ويواجهون صعوبات بالغة في الحصول على الخدمات الطبية وغياب الدعم ونقص المواد الطبية والأدوية.
حتى المنظمات باتت لا تصغي
علي الأحمد (45 عامًا) وهو اسم مستعار لأحد المواطنين الذين يعانون من مرض القصور الكلوي في مدينة حلب قال (في تصريح خاص للمكتب الإعلامي لـ مـسـد) أنه واصل الذهاب إلى الجمعيات “الخيرية” طالباً للمساعدة في تأمين أدوية غسيل الكلى لكن دون نتيجة تُذكر ” لا آذان تصغي لمتطلباتنا”.
وأضاف (علي) خلال حديثه أنه حاول الحصول على تمويل من أجل تغطية مصاريف المستشفى الخاص، حيث يتوجب عليه الخضوع لجلستين أسبوعياً في ظل نقص الأدوية والأجهزة في المشفى الحكومي وأخص الذكر مشفى ’’ أبن رشد’’ الحكومي الوقع في حي السريان بمدنية حلب.
حال ’’ علي’’ كحال الآلاف من مرضى الكلى السوريين الذين تجبرهم الظروف لطلب المساعدة من المنظمات ’’ الخيرية’’ لتغطية تكاليف المشافي الخاصة والتي يصل سعر الجلسة الواحدة فيها وسطياً لمبلغ 350 ألفاً، في ظل عدم وجود حلول مجدية تقدمها الجهات الصحية في حكومة دمشق والمعنية بتوفير العلاج مجاناً للسوريين.
المشافي (الحكومية) شكلية
وفي هذا السياق أشار حاتم سليمان وهو اسم مستعار لأحد الأطباء العاملين في المشافي الحكومية بمدينة حلب، بأن الازمة الاقتصادية أثرت بشكل مباشر في توسيع فجوة التدهور الحاصل في الواقع الصحي، وأشار بأن استفحال الوضع سيهدد حياة الكثير من المرضى الفقراء.
كما ولفت الطبيب حاتم إلى أن الوضع يسوء في المستشفيات الحكومية (العامة) نتيجة عوامل عدة منها عدم وجود ادوية وانخفاض دعم الحكومة وعجز وزارة الصحة عن تأمين الأجهزة الطبية او حتى قطع تبديل لها بالإضافة إلى عدم توفر كوادر طبية كافية في المشافي، نتيجة هجرة اعداد كبيرة من العاملين في المجال الطبي، وتوجه القسم الأخر إلى القطاع الخاص.
منوهاً إلى أن العاملين في المجال الطبي الذين بقوا في البلاد يفضلون العمل في المشافي الخاصة، ويعود السبب إلى انخفاض قيمة رواتبهم التي لا تكفي لتامين لقمة العيش بحسب ما أفاد.
ويبلغ الحد الأقصى لرواتب العاملين في المشافي الحكومية حوالي 90 ألف ليرة سورية (ما يعادل 25 دولار أميركيا) في الشهر للحاصلين على شهادات التخصص في حين تنخفض قيمة هذه الرواتب بحسب باقي التخصصات الطبية من ممرضين ومسعفين.. إلخ.
الأدوية مفقودة..
يعاني المواطنون في مدينة حلب من نقص الأدوية بشكل عام وارتفاع أسعارها وفقدان بعضها في الصيدليات، وحول أزمة نقص الأدوية في سوريا، أفادت سمر العلي وهو اسم مستعار لصيدلانية تعمل في أحياء مدينة حلب بأن هنالك أسباب مباشرة وغير مباشرة لحدوث أزمة الأدوية.
وأضافت أن ضعف الرقابة الحكومية ساهم في زيادة احتكار تجار الأدوية وبالتالي يعتبر سبباً رئيسي في فقدان بعض الأصناف التي وصفتها بـ ’’ الأدوية الاختصاصية’’ مثل أدوية السرطان والسل وأدوية تصلب لويحي وأدوية غسيل الكلى وفي حال تواجدت تكون بأسعار باهظة.
قالت سمر أيضاً بأن تطبيق قانون قيصر خلق لهؤلاء المحتكرين حجج في رفع الأسعار وخلق مشاكل عديدة في سوق الأدوية دون رقيب أو حسيب.
وكانت حكومة دمشق قد رفعت أسعار الادوية بنسبة 60% خلال العام الماضي وحده وسط فقدان بعض الأنواع وغلاء أسعارها في السوق السوداء.
يذكر أن منظمة الصحة العالمية في آخر تقرير لها والصادر بتاريخ 6 كانون الثاني/يناير الفائت، لفتت إلى أن الوضع الصحي الهش في سوريا سيحتاج إلى توفير 257.6 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الصحية الحرجة في سوريا، والحفاظ على الرعاية الصحية الأساسية، بما يشمل الاستجابة لكورونا وتقديم الخدمات المنقذة للحياة وبناء نظام صحي مرن.
لينا العلي – حلب
إعلام مـسـد