بقلم: سينم محمد
بتاريخ: 29 كانون الثاني من عام 2022
تَركُ معتقلي داعش في سجون ومعسكرات شمال شرق سوريا ليس حلّاً طويل الأمد، وكلّما طالت مدة بقائهم في هذه السجون، أصبحوا أكثر خطورةً على المنطقة، كما اتضّح ذلك جليّاً في هجوم سجن الصناعة المعقّد والمميت.
ففي 20 كانون الثاني / يناير 2022 شنّ تنظيم” داعش” الإرهابي هجوماً واسعاً على مدينة الحسكة. ويُعدّ هذا أكبر هجوم للتّنظيم منذ تحرير قوّات سوريا الديمقراطية (قسد) الباغوز في دير الزور، قَبل ما يقارب ثلاث سنوات، واستعادة السّيطرة على آخر المعاقل التي أسمَوها بـ “الخلافة”. فالهجوم الأخير للتنظيم واستهدافه لسجن الصّناعة، حيث يحتجز 5000 مقاتل من “داعش”، أسفر عن إخلاء عدّة أحياء في الحسكة مع احتلال مقاتلي التنظيم المتطرّف لأبنية وجزء من السّجن.
لتقوم قوّات سوريا الديمقراطية بدعمٍ جوّي من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضدة داعش، على استعادة الأسرى الفارين وكذلك استعادة أجزاء من الحسكة التي تمّ اجتياحها.
سجن الصّناعة هو أحد المرافق التي تأوي عشرات الآلاف من الأفراد المنتمين إلى داعش، والذين تمّ أسرهم على مدارِ سنواتٍ من القتال ضد التّنظيم الإرهابي، والمكان الرّئيسي الآخر لاحتمال عدم الاستقرار هو مخيّم الهول، حيث يتم إيواء أكثر من خمسين ألف سوري وعراقي وأجنبي منتميين إلى تنظيم “داعش”. فهذه المرافق ليست ضخمة فحسب، ولكنّها خطيرةٌ للغاية وتتطلب موارد أكثر بكثير ممّا تمتلكه الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.
تحذّر الإدارةُ الذّاتية المجتمع الدّولي من هذه القضية منذ سنوات، بينما تجاهل الكثير من دول العالم هذه المنطقة والتهديد المستمر لداعش، في حين كان التّنظيم الإرهابي يُعيد تجميع صفوفه ويخطّط لهجومٍ كبيرٍ لتحرير مقاتليه المعتقلين في السجون، وهذا الهجوم على سجن الصّناعة دليلٌ على ذلك، وهو تحدٍّ للمجتمع الدّولي بأسره والتحالف الدولي.
علاوةً على ذلك، فإنّ الهدف المزعزع للاستقرار بهذا الهجوم، لا يفيد سوى السلطة في دمشق، وكذلك تركيا. فأثناء الهجوم على سجن الصناعة في الحسكة من قِبل عناصر التنظيم، أرسل المجلس العسكري في تل تمر وحدة من قوات سوريا الديمقراطية إلى المدينة دعماً لعملية مكافحة الإرهاب، لتبدأ طائرة تركية مسيّرة في تلك الأثناء بقصف إحدى المركبات التي تقلُّ المقاتلين إلى الحسكة، ممّا أدّى إلى إصابة عدداً منهم -المقاتلين- بداخلها.
الإدارة الذّاتية تقدّر الدّعم العسكري الذي يقدّمه التّحالف الدولي لها، والذي استمرّ في تقديمه خلال الهجوم الأخير على الحسكة. ومع ذلك، فهذه ليست قضيةٌ عسكرية فحسب، فالإدارة الذّاتية وقوات سوريا الديمقراطية طالبت مرّاتٍ عدّة بضرورة الاستجابة الدولية لقضية معتقلي تنظيم “داعش”، بمن فيهم المتورطين في هجوم الحسكة، فهم أجانب قَدِموا من عشرات الدول حول العالم للانضمام إلى صفوف داعش، وحتى الآن لم تبذل هذه البلدان سوى القليل من الجهود لإعادة مواطنيها وتَحمّل مسؤوليتهم، حيث دعت الإدارة الذّاتية إلى إنشاء محاكم دولية لمحاكمة أعضاء داعش لارتكابهم أفظع الجرائم، لكنّها -الإدارة- لم تتلقَّ سِوى القليل من الردود بهذا الخصوص.
أناشدُ المجتمع الدّولي لمساعدة الإدارة الذّاتية لشمال وشرق سوريا من أجل التّوصل إلى حلٍّ لقضية معتقلي داعش. والاستمرار في تقديم المزيد من الدعم لقوّات سوريا الديمقراطية من أجل مواصلة الضغط على شبكات داعش في المنطقة، كما تحتاج الإدارة الذّاتية أيضاً إلى دعم اقتصادها المحلّي الذي دُمِّر خلال أحدَ عشرَ عاماً من الحرب.
حيث تستغلّ خلايا “داعش” البطالة والفقر في المنطقة من خلال تقديم الأموال للنّاس، لاستدراجهم نحو الالتحاق بها، والعمل ضمن صفوفها. فإعادة بناء البنية التحتيّة مثل المدارس والمستشفيات، وخلق فرص العمل إلى جانب جهود مكافحة الإرهاب المستمرة هي الطريقة الوحيدة لضمان الهزيمة الدّائمة لداعش، وبدون حلٍّ لهذه المشكلة، فإنّ كلّ الجهود التي بذلها التّحالف الدّولي تجاه الإدارة الذّاتية ستذهب سُدى.
سينم محمد
ممثّلة مجلس سوريا الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية
نشر المقال في موقع The national interest الأميركي.
ترجمة وتحرير
مكتب إعلام مـسـد