عقد المجلس العام في مجلس سوريا الديمقراطية اجتماعاً استثنائياً في مقر المجلس بمدينة الحسكة بحضور الرئاسة المشتركة؛ كل من السيدة ليلى قره مان والدكتور محمود المسلط، وبحضور أعضاء المجلس وقيادات ورؤساء الأحزاب السياسية إلى جانب ممثلي هيئات المجتمع المدني والقوى الديمقراطية المنضوية في المجلس.
استُهل الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ثم استعرضت الرئاسة المشتركة مجمل التطورات السياسية في سوريا والمنطقة، وأكدت على ضرورة تطوير الأداء السياسي والتنظيمي لمجلس سوريا الديمقراطية، بما يعزز موقعه كمكوّن فاعل في مستقبل البلاد.
وفي مداخلته أكد الدكتور محمود المسلط، أن المرحلة المقبلة حاسمة في رسم مستقبل سوريا، مشددًا على أن المجلس يعمل بروح التوافق بعيدًا عن العداء أو الإقصاء. وأوضح أن لا سلام ولا استقرار دون دور فعّال لشمال وشرق سوريا، داعيًا إلى مبادرات وطنية جديدة تشمل الحوار مع دمشق، وصياغة رؤية سياسية مشتركة تجمع كل المكونات.
وأوضح المسلط أيضاً أن مجلس سوريا الديمقراطية لا يشكل عائقًا أمام أي توافق وطني، بل يُعدّ ركيزة أساسية ومحورية في مسارات الحوار السياسي البناء، مؤكداً على الأهمية البالغة للزيارات الحكومية الناجحة، ومن ضمنها زيارة وزارة التربية إلى مناطق الإدارة الذاتية، التي تجسّد إرادة صادقة لبناء جسور الثقة والتفاهم.
وأشار المسلط أن المجلس يضطلع اليوم بدور أوسع وأعمق، كونه شريكًا استراتيجيًا مع دمشق وعضوًا فاعلًا في التحالف الدولي، مما يستوجب منه التحلي بأقصى درجات المرونة والمسؤولية في التعامل مع التحديات المستجدة، بما يُسهم في تعزيز الاستقرار وبناء السلام الشامل في سوريا.
كما دعا إلى خلق استراتيجيات جديدة وتمتين العلاقة مع الدول العربية، مشددًا على أهمية الجهد الإعلامي المنظم من أجل إيصال رسالة المجلس الحقيقية إلى الأشقاء العرب وإلى المجتمع الدولي.
ومن جانبها قدمت السيدة ليلى قره مان قراءة سياسية دقيقة للتحولات الجيوسياسية المتلاحقة في المنطقة، مؤكدة أن الصراعات القائمة على تحديد من يمتلك الهيمنة ومن يفرض شروطه تشكل المحور الأساسي للتحولات العميقة التي يشهدها الشرق الأوسط اليوم، وأضافت أن انعكاسات هذه الديناميات باتت تتجلى بوضوح على المشهد السوري، مما يعكس الأهمية الكبرى لهذه التحولات وتأثيرها الحاسم على مستقبل سوريا والمنطقة بأسرها.
ووجهت السيدة ليلى قره مان نقدًا صارمًا لغياب الحراك الوطني الفاعل والمعارضة الجادة في المشهد السوري، مؤكدة أن “الصمت الذي يلفّ الساحة اليوم وغياب المواقف الواضحة والإدانات الحقيقية لما يجري يشير إلى الخوف من التعبير عن الموقف، وهو ما يعمّق من مأساة البلاد ويعقّد من فرص التغيير”.
وحذرت من أن هذا الانسداد السياسي يضع على عاتق القوى الديمقراطية مسؤولية تاريخية جسيمة في قيادة التحرك الوطني وإعادة صياغة مستقبل سوريا بمبادرات جريئة وقرارات حاسمة.
وقالت قره مان: “إن مجلس سوريا الديمقراطية يظل الصوت الحقيقي والمعبّر عن نبض الشعب السوري الذي ما زال يحتفظ باعتراضه المشروع، وهدفنا لم يكن ولا يمكن أن يكون الصدام مع دمشق، بل بناء جسور تفاهم وطنية تستند إلى مبادرات سياسية جريئة وأفعال عملية.”
وختمت بتأكيد حاسم: “مشروع سوريا الديمقراطية هو القاطرة التي بإمكانها توحيد القوى الديمقراطية الوطنية، ورسم خارطة طريق تعيد لسوريا كرامتها وتحقق لشعبها السلام والاستقرار الدائمين”.
وحذّرت السيدة قره مان، من التوسع الملحوظ في خطاب الكراهية والتحريض الموجّه نحو شمال وشرق سوريا، مشيرةً إلى أن هذا التصعيد الإعلامي المتزايد قد يمهّد لأوضاع من الفوضى أو تحولات مفاجئة تؤثر سلبًا على الاستقرار في المنطقة، ودعت إلى ضرورة التعامل مع هذا الواقع بحسٍّ عالٍ من الحكمة والرصانة، مع اتخاذ خطوات حاسمة تحفظ السلم الأهلي وتعزز التماسك الوطني، في ظل التحديات الراهنة التي تواجه سوريا والمنطقة ككل
وتطرقت قره مان، أيضاً على ضرورة تفعيل المسارات الداخلية والانفتاح على المحيط العربي كركيزة أساسية لأي تغيير حقيقي في سوريا، وأكدت أن “النجاح لن يتحقق إلا من خلال شمولية الجميع، حيث تمثل كل خطوة في هذا الاتجاه دعماً قوياً لمسارنا الوطني ودافعاً حقيقياً نحو المستقبل”. وشددت على أن سوريا اليوم بأمسّ الحاجة إلى قيادات ترتفع أصواتها بروح وطنية ومسؤولية عالية، لتقود العمل السياسي وتضع الأسس لبناء وطن مستقر ومزدهر يعكس تطلعات شعبه.
وخلال الاجتماع تطرق الحضور إلى أهمية الحوار السوري-السوري في هذه المرحلة الحساسة، مؤكدين على الدور المحوري للاتفاقية الموقّعة بين الجنرال مظلوم عبدي وأحمد الشرع، والتي تشكل قاعدة أساسية لتحقيق الاستقرار في سوريا، وشدد المجتمعون على ضرورة ضمان حقوق جميع المكونات في مختلف الجوانب مع التأكيد على رفض الإقصاء والعمل على بناء سوريا تجمع كافة أبنائها.
وتناول الاجتماع مجموعة من المبادئ والاستراتيجيات التي تشكل الركائز الرئيسية لرؤية المجلس المستقبلية، كما شارك الحضور في مناقشات معمقة حول التطورات السياسية الراهنة مؤكدين على أهمية التنسيق والعمل المشترك لمواجهة التحديات.
وفي ختام الاجتماع، جدد مجلس سوريا الديمقراطية التزامه الثابت بمواصلة العمل الموحّد لتعزيز دوره السياسي كممثل حقيقي لتطلعات السوريين والسعي الجاد للمساهمة في دفع مسار الحل السياسي الشامل، الذي يحفظ المبادئ الوطنية والدستورية، ويعيد بناء سوريا على أسس من العدالة والشراكة والتعايش.