ناقشت النساء في مجلس سوريا الديمقراطية، خلال اجتماعهن النصف سنوي، واقع المرأة السورية في ظل المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة، وقيّمن التحديات التي ما زالت تحول دون مشاركة المرأة بشكل فعلي في عملية بناء سوريا المستقبل، رغم دورها الكبير في الثورة والصراع وتحمّلها تبعات النزوح والحرب.
وجاء في التقرير أن سقوط النظام السابق شكّل لحظة انتقالية مفصلية في سوريا، إلا أن المرأة بقيت مهمّشة ومستبعدة عن مواقع القرار، رغم مشاركتها الفاعلة وتضحياتها. وأشار إلى أن مبادرات الحكومة الانتقالية المؤقتة، من مؤتمرات ودساتير مؤقتة، لم تنجح في تمكين النساء، بل كرّست التهميش بصيغ جديدة تعكس استمرار العقلية الذكورية.
بالمقابل، تناول التقرير تجربة شمال وشرق سوريا كنموذج متقدّم، حيث حققت النساء مشاركة فعلية من خلال الرئاسة المشتركة، والمساهمة في الحكم والإدارة والتشريع، ضمن مشروع سياسي يضع تمكين المرأة في صلب رؤيته.
كما أشار التقرير إلى تحديات اجتماعية واقتصادية ما تزال تواجه النساء، أبرزها العنف القائم على النوع، والزواج المبكر، وغياب الحماية، إضافة إلى فقدان فرص العمل في ظل غياب سياساتٍ وطنية داعمة.
ودعا إلى تمكين المرأة على ثلاثة مستويات:
سياسياً: بضمان تمثيل حقيقي في مواقع القرار.
اجتماعياً: بتشريعات تضمن المساواة والحماية.
اقتصادياً: بدمج النساء كقوى إنتاج فاعلة.
وخلال المداخلات والنقاشات، أكدت المشاركاتُ أن المرأة السورية تحوّلت خلال سنوات الحرب من ضحية إلى فاعلة، لكنها لا تزال تُقصى من السياسات العامة، وتُختزل أدوارها ضمن أُطر ضيقة، بعيدة عن التأثير الحقيقي في صنع القرار.
واعتبرن أن التهميش الحالي يتعدى البُعد السياسي ليشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والقانونية، وسط استمرار القوانين التمييزية، والتمييز في فرص العمل، وصعوبة الوصول إلى الموارد، خصوصاً في بيئات اللجوء.
وفي مداخلتها عن وضع المرأة السورية، شددت الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، السيدة ليلى قره مان، على أن قضية المرأة لم تعد مسألة حقوق فقط، بل أصبحت قضية وطنية بامتياز، لا يمكن لأي مشروع ديمقراطي أن ينجح دون معالجتها بجدّية.
وقالت: “رغم كل العنف والقتل والاغتصاب الذي تعرّضت له المرأة السورية، لا تزال تقاوم وتدافع عن حقها في أن تكون شريكة حقيقية في بناء سوريا الجديدة”.
وأكدت قره مان على أهمية أن تقوم المرأة بتمكين نفسها، وأن يكون هناك تمثيل حقيقي للنساء، لأن عدم حصول ذلك سيؤثر على مجرى العدالة الانتقالية.
وأضافت: “أي مكان لا يضمن توازناً حقيقياً بين المرأة والرجل فهو يعاني من خلل بنيوي. ويجب معالجة هذا الخلل لأن استمراره سيؤثر سلباً على المجتمع ككل”.
وختمت بقولها: “ما حققته المرأة في شمال وشرق سوريا لم يكن صدفة، بل نتيجة نضال وتضحيات دامت أكثر من 14 عاماً. والمرأة اليوم ليست تابعاً بل قوة مؤسِّسة، وقادرة على قيادة التحول الديمقراطي”.
وبعد انتهاء مناقشة واقع المرأة السورية، تم قراءة التقارير المقدَّمة للاجتماع حول الوضع التنظيمي وأعمال نساء مجلس سوريا الديمقراطية.
وفي الختام، ناقشت الحاضراتُ مخطط عمل الفترة القادمة، ووضعن مخطط عمل جديد يضمن استمرار منسقية المرأة في متابعة استراتيجية تمكين وريادة المرأة السورية، فيما حدد مكتب المرأة محورين رئيسيين للعمل:
أولاً، التمكين السياسي والاجتماعي عبر تنظيم ورش وندوات حول التفاوض، التحليل السياسي، وبناء التحالفات، وتوسيع حضور النساء في مواقع القرار.
ثانياً، تعزيز التشبيك والوصول من خلال تأسيس شبكة نسوية سورية، توثيق المبادرات النسائية، إطلاق حملة رقمية بعنوان “صوتِك سياسي”، وإنشاء مراكز تواصل إلكترونية للنقاش وتبادل الخبرات.