عقد مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية ملتقى موسع في مدينة الرقة، بعنوان “المرأة السورية بين العنف السياسي وبناء سوريا الجديدة”، وذلك ضمن الحملة والفعاليات المقامة بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. شاركت في الملتقى جاندا محمد، نائبة الرئاسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية، وممثلات عن مؤسسات المجتمع المدني والحركات النسوية وجامعات شمال وشرق سوريا، إلى جانب حضور من مختلف المناطق السورية عبر تقنية “فيديو زوم”.
افتتحت رئيسة مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية، جيهان خضرو، الندوة بكلمة تناولت فيها واقع المرأة السورية منذ الثورة وما بعدها، مشيرة إلى صلابتها ودورها المحوري رغم محاولات إعادتها إلى الهامش في المرحلة الجديدة. وأكدت أن المرأة قدّمت تضحيات كبيرة في مسيرة التغيير، وأن أي مشروع وطني لا يمكن أن ينجح دون مشاركة فعلية وفاعلة للنساء في الحياة العامة.
تضمّن الملتقى محورين رئيسيين. تناول الأول العنف السياسي وتأثيره على حقوق المرأة السورية، وقدمته الدكتورة زبيدة جميل القبلان ممثلة التيار المدني الديمقراطي عن دمشق، حيث استعرضت أشكال العنف الممارس ضد النساء، خاصة العنف السياسي الذي يُعدّ أحد أخطر أنماط الإقصاء، إضافة إلى العنف الجسدي والانتهاكات التي عانت منها السوريات في ظل ممارسات التنظيمات المتطرفة مثل داعش. وأكدت أن جميع أطراف الصراع تتحمل مسؤولية ما وقع للمرأة، مشددة على ضرورة عدم قبول أي نسبة تمثيل سياسي تقل عن 45%، وأن المرأة باتت أكثر وعياً بحقوقها وامتلاكاً للخبرة القيادية، مشيدة بواقع النساء في شمال وشرق سوريا ونظام الرئاسة المشتركة الذي تتبناه الإدارة الذاتية.
وفي المحور الثاني، تناولت فهيمة الجاسم، الرئيسة المشتركة لمجلس الشعوب في مقاطعة الرقة، دور المرأة في بناء سوريا الجديدة، مؤكدة أن تمثيل النساء في مراكز القرار ليس مسألة قانونية فحسب، بل هو مسألة حقوقية ومجتمعية ترتبط بمدى تطور الدولة. وأشارت إلى أن المجتمعات التي تلعب فيها المرأة دوراً بارزاً تكون أكثر تقدماً واستقراراً، داعية إلى تغيير الصورة النمطية التي تحصر المرأة في الأدوار التقليدية، وتعزيز حضورها في مجالات التعليم، والتمكين السياسي، ودعم الفتيات في مواصلة تعليمهن. كما شددت على ضرورة تعديل القوانين المتعلقة بالزواج والإرث وحماية حقوق المرأة لضمان مكانة عادلة في الدستور الجديد.
واختُتمت أعمال الملتقى بإعلان مشترك من المشاركات، ممثلات الأحزاب والتنظيمات النسوية والشبابية والوفود الأكاديمية من مختلف المحافظات السورية. وجاء في الإعلان التأكيد على جملة من المبادئ والأسس التي تشكل جوهر المرحلة الانتقالية، أهمها:
الإدانة الكاملة لجميع أشكال العنف ضد المرأة، وبخاصة العنف السياسي الذي يستهدف تغييب النساء عن المجال العام. كما شددن على أن دور المرأة في المرحلة الانتقالية هو حقٌّ أصيل لا يمكن تجاوزه، وأن تغييبها يمثل انتهاكاً لمبادئ العدالة الانتقالية ولأسس بناء الدولة الديمقراطية.
وأكدت المشاركات أن المرأة السورية كانت وما تزال شريكاً أساسياً في حماية المجتمع والتصدي للتطرف والعنف وصناعة السلام، وأن محاولات إقصائها من العملية السياسية جرت في كثير من الأحيان عبر أدوات قانونية وإدارية هدفت إلى تهميش دورها.
ودعا الإعلان إلى إنشاء آلية وطنية نسوية لمراقبة الانتهاكات ضد المرأة وتوثيق آثار العنف، وإلى تبني سياسات واضحة لحماية النساء الناشطات وتوفير بيئة آمنة لمشاركتهن في العمل السياسي. كما شدد على أن أي عملية سياسية تُبقي المرأة خارج مواقع القرار تبقى عملية منقوصة تفتقر إلى أسس الاستقرار.
وأكدت المشاركات ضرورة اعتماد تمثيل نسائي لا يقل عن 50% في هيئات وصياغة الدستور والمجالس التشريعية واللجان السياسية والإدارات العامة، ووقف سياسات التهميش، وضمان إدراج حقوق المرأة والمساواة الجندرية في أي دستور أو عقد اجتماعي جديد بما يضمن تطبيقها الفعلي.
كما دعا البيان إلى تعزيز برامج التمكين السياسي والاقتصادي للمرأة باعتبارها ركناً أساسياً في إعادة بناء سوريا بعد الحرب.
وفي ختام البيان، أكدت المشاركات من مدينة الرقة أن سوريا الجديدة لن تُبنى دون نسائها، وأن مسار العمل النسوي الوطني سيستمر حتى تحقيق التمثيل العادل والفعّال للنساء في كل مفاصل الدولة والمجتمع.










