نشرت وزارة الإعلام التابعة للحكومة السورية مطلع الشهر الجاري مقطع فيديو حمل عنوان “من يُعفى من الخدمة الإلزامية؟ من يحق له دفع بدل نقدي؟” ظهر فيه رئيس فرع البدل والإعفاء في الجيش السوري، العميد الياس البيطار وهو يتوعد السوريين المغتربين بتنفيذ الحجز على أملاك أهل وذوي المتخلفين عن الخدمة العسكرية!
وقال البيطار: « إنّه حسب الأنظمة والقوانين، لا يمكن لأي مكلف ولأي مواطن في “الجمهورية العربية السورية” حتى لو تجاوز الـ 42 ولم يلتحق بالخدمة العسكرية أنّ يعفى من دفع البدل النقدي وقدره مبلغ ثمانية آلاف دولار أميركي».
أثارت تصريحات رئيس “فرع البدل والإعفاء” في وزارة الدفاع، الجدل حول إمكانية الحجز على أموال أقارب المكلف بالخدمة الإلزامية، الذي لا يدفع قيمة “بدل فوات الخدمة” بعد تجاوزه سن التكليف وهو 42 عامًا.
الجديد في الأمر أن كلام البيطار، منح حكومة النظام الضوء الأخضر للحجز على أموال وأملاك أقارب المكلف المتخلف عن أداء الخدمة الإلزامية في الجيش السوري وهو أمر مخالف للقانون الذي أقره مجلس الشعب (البرلمان السوري) عام 2019 بتعديل المادة (97) من قانون خدمة العلم ليجيز إمكانية تحصيل البدل عبر الحجز التنفيذي على أمواله دونما حاجة لإنذار.
اعتبر مراقبون كلام البيطار خرقاً للقوانين التي شرّعها النظام نفسه، في الوقت الذي يعتبر حديث البيطار بمثابة قرار جديد باعتباره رئيسا لفرع البدل والإعفاء.
تلقت تصريحات البيطار الكثير من الردود، استهجنت سلوك النظام في التصرف بأموال وأملاك السوريين دونما حق، بعد أن كان السبب الرئيس لهجرة ملايين السوريين من بلدهم خوفاً من المشاركة في حربه التي تقف على أعتاب العام العاشر منذ بدء الأزمة السورية.
وقد حذر المحامي والناشط السوري “أنور البني” على حسابه في وسائل التواصل الاجتماعي من الانجرار وراء التصريحات غير القانونية التي صرح بها رئيس شعبة التجنيد العامة، وبيع ممتلكاتهم خوفاً من الحجز عليها ومصادرتها من قبل النظام.
وأضاف الحقوقي السوري، أن “القانون السوري نفسه والقانون الدولي يمنع بشكل قاطع الحجز إلا على أموال الشخص المكلف نفسه، وبحالات خاصة فقط على أملاك زوجته وأطفاله القاصرين، ولا يمكن بأي حال أن يطال أهل المكلف كوالديه أو أخوته أو أخواته”.
واعتبر الصحفي والخبير الاقتصادي، عدنان عبد الرزاق، في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “النظام السوري يتجه، بواقع تراجع موارد الخزينة العامة والعجز الكبير بالموازنة، إلى إيجاد بؤر جديدة، تؤمن له بعض العملات الصعبة، بعد تبديد الاحتياطي النقدي بالمصرف المركزي البالغ نحو 18 مليار دولار مطلع عام 2011”.
وذهب كل من الناشط الحقوقي أنور البني وهيئة القانونيين السوريين (مؤلفة من حقوقيين وباحثين في القانون)، إلى اعتبار كلام البيطار وتصريحاته أنّ “كل ذلك من أجل استكمال جريمة التغيير الديمغرافي، وبيع عقارات السوريين بالمزادات وشرائها بثمن بخس”.
ونبه البني وحذر السوريين من التجاوب مع دعوات بيع أملاكهم خوفاً من الحجز والمصادرة، مؤكداً أن مصادرة أموال السوريين بشكل غير قانوني هي جريمة حرب، ويتم توثيقها لمحاسبة المجرمين الضالعين فيها، وسيتم إعادة الحقوق لأصحابها وتعويضهم ضمن عملية العدالة الانتقالية، محذرا من أن عمليات البيع حالياً لا تمكنهم مستقبلاً من استعادة هذه الحقوق باعتبارهم تصرفوا بها بإرادتهم.
ويرى طيف واسع من السوريين أن قوننة نهب أموال وممتلكات المهجرين والمعارضين وكل من هرب من الحرب في سوريا، وإضافته إلى ترسانة القوانين والتعديلات والإجراءات التي يتبعها -النظام- من أجل تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار والاستثمار. كالقانون رقم 10 لعام 2018، والمرسوم التشريعي رقم 63 لعام 2012، وقانون مكافحة الإرهاب الذي يسمح بحجز أموال وممتلكات من تتهمهم حكومة النظام بالإرهاب.
يعتبر هذا الاجراء حلقة من سلسلة حلقات يتبعها النظام السوري في سبيل البحث عن العملة الأجنبية بعد أن تعرض منابع تزويد النظام بالعملات الصعبة للعقوبات الأميركية والأوروبية، فعمّد النظام إلى رفع جميع ما يعرف بـ “خدمات الوطن للمغتربين والمهاجرين”. حيث حصلت خزينة النظام على 21.5 مليون دولار أميركي من عائدات جواز سفر السوريين المغتربين بحسب قول وزير الداخلية في حكومة النظام محمد رحمون في نوفمبر الماضي.
وقدرت دراسة أعدها “المركز السوري لبحوث الدراسات” نشرت أواخر مايو/أيار الماضي، أن خسائر الاقتصاد السوري منذ بدء الحرب عام 2011 وحتى مطلع 2020 بلغت نحو 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9.7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010.
سمير العيسى – خاص إعلام مسـد