دون تحديد موعدٍ قادم لاجتماعٍ جديد،انتهتْ كسابقاتها إلى لا شيء الجولة الخامسة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية التي عقدتْ في جنيف بين 25 و 29 كانون الثاني- يناير الماضي، بل أكثر من ذلك فقد أعلن المدعو عوض العلي في بيانٍ مصوّر استقالته من عضوية اللجنة المصغرة للجنة الدستورية عن وفد المعارضة، واصفاً ذلك بـ”عبثية العملية التفاوضية ” وأن المشاركة في أعمال اللجنة “تعطي انطباعاً أن هناك عملية سياسية وأن النظام متفاعل معها بينما الحقيقة غير ذلك”. وفيما تعد هذه الاستقالة هي الأولى لأحد أعضاء اللجنة الدستورية منذ بدء أولى جولاتها أواخر العام 2019، فإن ثمة جدل أوسع حول جدوى المفاوضات الدستورية.
فبعد خمس جولاتٍ من التفاوض بين النظام وما يسمون أنفسهم بالمعارضة ( الإئتلاف السوري ) ، خرج هادي البحرة، الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن هيئة التفاوض السورية المعارضة، في بيان مصور منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، ليؤكّد بأن فشل جولة المفاوضات الأخيرة كان سببه وفد النظام الذي رفض “اقتراحا مقدماً من ممثلي ما تسمى (هيئة التفاوض ) بخصوص منهجية لإدارة النقاشات في اللجنة كي تكون مثمرة، ورفضوا اقتراحنا لوضع إطار زمني للعملية”. كما رفضوا “التقدم باقتراح لصياغات لمبادئ دستورية أساسية، مصرين على حصر طروحاتهم في إطار الإعداد والنقاش لمبادئ خارج سياق الصياغات الدستورية”.
لكن أصل فشل جولات اللجنة الدستورية هو في تمكّن النظام من تعطيل تنفيذ القرار الأممي 2254 .
إذ كان يجب تشكيل هيئة حكم انتقالي ثم صياغة الدستور، لكن النظام وإيران “قدّما الدستور على هيئة الحكم الانتقالي وجمّدا بقية بنود القرار، ثم أكملا لعبتهما بإغراق الجميع بالتفاصيل، كما اعتبر مهند دليقان، ممثل منصة موسكو في هيئة التفاوض واللجنة الدستورية المصغرة، أن فشل المفاوضات في جولاتها السابقة هو “نتيجة طبيعية بسبب سيطرة المتشددين عليها ورافضي الحل السياسي من الأطراف كافة”.
يبدو أن الاستمرار في إقصاء ممثلي شمال شرق سوريا عن مفاوضات الحل السياسي يؤكد على أن محاولات التوصل إلى حل لا تزال خارج إرادة السوريين ومرهونة بأجندات إقليمية ليس من مصلحتها إنهاء الصراع والأزمة السورية بعد.
ولا يعكس أسلوب ألكسندر لافرينتيف، المبعوث الرئاسي الروسي الخاص إلى سوريا، إلّا رسالة مبطّنة للنظام السوري والحذر من عملية بديلة في دمشق من خلال إجاباته عن أسئلة حول اللجنة الدستورية، كان قد أدلى بها في وقتٍ سابق لوكالة “تاس” والتي عكستْ حالة من الإرباك، والحرج لموسكو، و لا تخلو من استياء غير معلن، بسبب موقف النظام، الذي يدفع عمل اللجنة الدستورية نحو المجهول، مهدّداً بنسف جميع “المسارات السياسية” والخطط التي حاكتها الدبلوماسية الروسية على مدار عشر سنوات، ومكنتها من إمساك جميع خيوط الأزمة السورية تقريباً، والاستفادة من هذا كله في تحسين موقفها إقليمياً ودولياً.
فلم يدافع المسؤول الروسي هذه المرة، عن موقف النظام السوري، ولم يذهب كما اعتاد كثيرون إلى القول إن “النظام جاد في العملية ومستعد للتعاون”، وعوضا عن ذلك كلّه اكتفى بالإشارة إلى أنه “إذا رأى بيدرسون استعداداً لدى دمشق، وإذا تمكن من التوافق على آليات العمل، فإنه سيعلن لا شك عن موعد الجلسة القادمة في… أقرب وقت”.
وسيم اليوسف – إعلام مسد