شهدتْ محافظة درعا وريفها جنوب سوريا في الآونة الأخيرة مبادراتٍ عدّة للمصالحات بين قوات النظام السوري وما تبقى من الفصائل المعارضة , فعلى الرغم ممّا تشهده المحافظة وريفها من انفلاتٍ للأمن و حالات تكاد تكون يومية من القتل والاغتيالات المستمرة، تعمل روسيا جاهدة لتأخذ دور الوسيط بين طرفي النزاع للحيلولة إلى نزع السلاح من تلك الفصائل وبسط يدِ حلفائها للسيطرةِ على ما تبقى من معاقلهم.
قوات النظام السوري تدخل طفس
تمكّنت قوات النظام من دخول بلدة طفس جنوب محافظة درعا، فبعد خروج هذه البلدة عام 2013 من تحت سيطرة قوات النظام، استطاع مسلحو جبهة النصرة أن يُسيطروا على هذه البلدة لتكون تحت إمرتهم على مر الأعوام الثمانية الماضية.
و بعد الاتفاق الأخير، وتطبيقاً لبنود التسوية التي تمّت بين النظام من جهة ومسلحي المعارضة من جهة أخرى سلّم عناصر الأخير أكثر من 200 قطعة سلاح خفيف ومتوسط الحجم ، مطالبين النظام وأجهزته الأمنية بالإفراج عن معتقليهم .
ومن جهته صرح اللواء (صيتنيك فياتشيسلاف) لوكالة سبوتنيك الروسية : “بالنسبة للمسلحين السابقين بذلت القيادة السورية كل ما يمكن من الجهد للوصول إلى اتفاق لتسوية أوضاعهم والتصالح معهم، فيما أتاحت للرافضين لاتفاق التسوية فرصة مغادرة البلاد برفقة أمتعتهم وحاجاتهم ومازالت هذه القضية تدرس، والعمل مستمر لإحلال السلام في كامل المنطقة”.
بين مطرقة الأجهزة الأمنية وسندان الفقر والجوع
أصبحت قوات النظام السوري ترى في مقاتلي المعارضة سابقاً في كلٍّ من محافظتي درعا والقنيطرة المكسب والعون , فمن كانوا يُصفون بالإرهابيين بالأمس القريب باتوا بعد التسوية النموذج الأمثل لمقاتلين شرسين ضمن قوّاتهم -النظام- فتحاول الأجهزة الأمنية بمختلف فروعها جذب هؤلاء العناصر للانخراط ضمن صفوفها.
وبحسب ناشطين من أبناء تلك المحافظات فإن الخيارات لدى هؤلاء – عناصر التسويات- محدودة لأسباب عديدة منها الاعتقال أو الاغتيال و خاصة بعد الحالات العديدة التي تم تسجيلها في تلك المناطق ،ناهيك الإغراءات التي يتم تقديمها من قبل قوات النظام لتسوية وضعهم الأمني لمن كان متورطاً بتهم كزعزعة الاستقرار و حمل السلاح و غيرها و إعطائهم بطاقات أمنية , و أخيراً الخوف من القبوع بصفوف البطالة في زمن الفقر والحاجة.
الانفلات الأمني
مضى أكثر من عامين على بدء التسويات المصالحات ولا زال عدم الاستقرار و الفلتان الأمني سيدا الموقف في محافظة درعا ،حيث لم يستطع الضامن الروسي أن يحتوي الاضطرابات، والمشاكل التي تعصف بالمحافظة بين الفينةِ والأخرى , في حين اتّهم معارضون قوات النظام بزعزعة الأمن والاستقرار واغتيال وتصفية العناصر التي خضعت للتسويات و المصالحات الأخيرة .
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان (المعارض) خلال الفترة الممتدة من يونيو/حزيران 2019 حتى المنتصف من فبراير/شباط2021 حصلتْ 915 هجمة واغتيال، فيما وصل عدد الذين استشهدوا وقُتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى 600، وهم: 170 مدنيًا بينهم 12 مواطنة، و16 طفل، إضافة إلى 267 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والمتعاونين مع قوات الأمن، و114 من مقاتلي الفصائل ممن أجروا “تسويات ومصالحات”، وباتوا في صفوف أجهزة النظام الأمنية من بينهم قادة سابقين، و23 من المليشيات السورية التابعة لـ ”حزب الله” اللبناني والقوات الإيرانية، بالإضافة إلى 25 مما يُعرف بـ”الفيلق الخامس”.