قدم المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن،يوم الأربعاء الفائت؛ إحاطة لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا، تحدث خلالها عن مجمل الأوضاع وقيّم جهود الأطراف السورية ومقارباتها لحل النزاع الممتد منذ عشر سنوات.
أبدى بيدرسن خشيته أن “يستثمر اللاعبون الرئيسيون في إدارة الصراع (النظام والمعارضة) بدلاً من حل الصراع، ما يجعل سوريا صراعاً مطولاً آخر يستمر لسنوات”.
وأشار المبعوث الأممي خلال إحاطته لأعضاء مجلس الأمن، رغم أن الخطوط العريضة للحل السياسي للصراع مفهومة جيداً من قبل “أصحاب المصلحة الرئيسيين”، مع ذلك لا أحد منهم على استعداد لاتخاذ الخطوة الأولى.
حديث “بيدرسن” جاء انسجاماً مع تصريحات له في ختام الجولة الخامسة من اجتماعات اللجنة الدستورية التي عقدت في أواخر كانون الثاني/يناير من العام الجاري، حيث وصفها بـ “المخيبة للآمال”.
ووفق المصادر، عبّر المبعوث الأممي عن استيائه، وقال في كلمة له بختام الجولة الدستورية الأخيرة داخل القاعة إن هذه الجولة “لم تحقق شيئاً، ولم يتم حتى الاتفاق فيها على منهجية الجلسات”، وعقّب بأنه “لن نستطيع الاستمرار بهذه الطريقة إذا استمر العمل على هذا المنوال.
ورغم أن “بيدرسن” في بداية نيسان/أبريل الفائت، كثف اتصالاته مع أعضاء اللجنة الدستورية المصغرة؛ للوصول إلى اتفاق خطي حول آلية عمل اللجنة وكيفية البدء بصوغ الإصلاح الدستوري وتتضمن الاتصالات الأممية تفاصيل الاتفاق على آلية العمل وإمكانية عقد جلسة جديدة للجنة الدستورية قبل الانتخابات الرئاسية؛ إلا أن ذلك لم يحصل.
وعبر بيدرسن في إحاطته عن أهمية اللجنة الدستورية وأنها عنصر مهم في المسار الدولي لحل الأزمة السورية شريطة التزام أن تكون ذات مصداقية بقيادة وملكية سورية، الأمر الذي يصعب تحقيقه في ظل التدخلات الإقليمية وارتهان أطراف اللجنة الدستورية لتحقيق مصالح القوى الإقليمية المتنافسة.
إلى الآن، لم تظهر مؤشرات جدية لأحداث اختراق حقيقي لجهة حل الأزمة السورية أو حتى مبادرات وطنية من طرفي الصراع في سوريا، وربما هذا ما دفع المبعوث الدولي للقول أنه لا يوجد طرف قادر أن يحسم نتيجة الصراع، وبأن هناك مصالح مشتركة في العديد من المجالات الرئيسية.
أما الملفت في إحاطة المبعوث الأممي أمس، هو رغبته بضم أطراف أخرى إلى العملية السياسية ممن لم يمثلوا حتى الآن في هياكل والاجتماعات الدولية، حيث قال صراحة ” سأعمل على التشاور مع طيف أوسع من الأصوات والمجتمعات والجماعات والأحزاب السورية من جميع المناطق السورية ويتعين علينا تسهيل مشاركة طيف أوسع من السوريين “.
وتابع “إن سوريا بحاجة إلى اهتمام جدي حتى نتمكن من البناء على هذه التفاعلات وتضييق الخلافات، لا سيما بشأن شكل جديد من الدبلوماسية الدولية البناءة ومقاربة الخطوة مقابل خطوة”.
“وهناك حاجة ماسة إلى دبلوماسية دولية بناءة وشاملة بشأن سوريا، بحيث تجتمع كافة الأطراف الرئيسية، التي لديها نفوذ وقدرة على تعزيز العمل نحو السلام في سوريا، على طاولة واحدة”.
وحول العملية الانتخابية التي يجريها النظام السوري، أكد بيدرسن، أن “الانتخابات الرئاسية”، التي يقودها النظام ليست جزءاً من العملية السياسية التي دعا إليها قرار مجلس الأمن الدولي 2254.
وأوضح أن “الأمم المتحدة ليست منخرطة في هذه الانتخابات، وليس لها تفويض للقيام بذلك”، مشدداً على أهمية التوصل إلى حل سياسي تفاوضي في سوريا تنفيذاً للقرار 2254، ومؤكداً على أن “هذا هو السبيل الوحيد المستدام لإنهاء الصراع ومعاناة الشعب السوري”.
كما دعا لوقف إطلاق النار على المستوى الوطني؛ “نحتاج إلى وقف إطلاق نار في عموم البلاد، والبناء على الهدوء الحالي الناجم عن الترتيبات والتفاهمات الدولية بين الفاعلين الدوليين الرئيسيين”.
في الوقت الذي أكد على مواصلة الجهود لمكافحة الإرهاب “من المهم مكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن، عبر نهج فعال وتعاوني وشامل لجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة، مع التمسك بمبادئ القانون الدولي وإعطاء الأولوية لحماية المدنيين”.
وأردف “أن هذه الفترة التي تشهد هدوءاً نسبياً، مقارنة بالسنوات السابقة من الصراع، هي في ذات الوقت فترة من المعاناة الإنسانية الهائلة والمتزايدة للشعب السوري، فترة من التدهور الاقتصادي، الجائحة، التهجير، الاعتقال والاختطاف المستمرين وذكر في هذا الصدد استمرار القصف داخل وحول عفرين وعين عيسى.
كما جدد المبعوث الأممي معالجة الوضع الإنساني المتردي وإيلاء الأهمية الكبيرة لوصول المساعدات الإنسانية بشكل دائم ومستمر ودون عوائق إلى جميع أنحاء سوريا، من خلال عمليات إيصال مكثفة عبر الحدود.
ولفت المبعوث الأممي إلى خطورة انخفاض منسوب مياه نهر الفرات جراء حجزه من قبل تركيا، مضيفاً أن ذلك يؤثر على حياة ملايين السوريين.
وأعرب بيدرسن في ختام احاطته عم أمله أن تؤدي الجهود المشتركة إلى تسوية سياسية دائمة لسوريا تلبي التطلعات المشروعة لشعبها وتستعيد سيادتها ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها تماشياً مع القرار 2254.
وكانت رئيسىىة الهيئة التنفيذية لـ”مسد” إلهام أحمد قد أشارت في وقت سابق خلال حوار مع المرصد السوري إلى أن “لتدخلات الإقليمية أثرت بشكل كبير على المسار الدولي للحل سواء من خلال مسار جنيف أو مسار أستانة اللذين لم يتوصلا إلى أي نتائج حقيقية باستثناء بعض المقايضات التي تمت في مناطق مختلفة من سورية بدءً من الغوطة وربما ليس انتهاءً بسري كانية (رأس العين).
بهـزاد عمـو – إعلام مســد