على غرار الجولات الخمس السابقة، انتهت يوم الجمعة؛ الجولة السادسة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف بحضور المبعوث الأممي الخاص لسوريا غير بيدرسون، دون تحقيق أيّة نتائج ملموسة أو حتى الاتفاق على موعد الجولة القادمة.
وفي ختام الأيام الخمسة التي استمرت خلالها تقديم صياغات مقترحة للمبادئ الأساسية في الدستور من قبل الأطراف المشاركة في اللجنة المصغرة؛ أعلن المبعوث الأممي عن “خيبة كبيرة” واصفا مجريات هذه الجولة ونتائجها بـ«المحبطة للغاية»، فقد اختار الوفود المشاركة في صياغة دستور جديد لسوريا المراوحة في المكان واجترار أحاديث الجولات السابقة.
وبدأت أولى جلسات الجولة السادسة، الأثنين 18 تشرين الأول (اكتوبر)، وسط أجواء تفاؤل بعد اجتماع تمهيدي جمع المبعوث الأممي غير بيدرسون والرئيسين المشتركين عن وفدي النظام والمعارضة على طاولة واحدة لأول مرة منذ انطلاق مسار اللجنة الدستورية في أيلول (سبتمبر) 2019.
وبحسب المراقبين اكتسبت هذه الجولة خصوصية بسبب اعتماد منهجية للعمل، وهذا يحصل للمرة الأولى، وهي تقديم مبادئ دستورية من قبل الأطراف الثلاثة كل حسب دوره.
وناقشت أطراف اللجنة المصغرة بإشراف المبعوث الأممي أربعة مبادئ دستورية أساسية، اثنان منها من اقتراح النظام وواحد من المعارضة وآخر من المجتمع المدني مدعوماً من المعارضة، بينما كان مقرر مناقشة أربعة مبادئ أخرى، اثنان منها تطرحها المعارضة وواحد من النظام وآخر من المجتمع المدني مدعوماً من النظام. وهذه الصيغة لطرح الاقتراحات ومناقشتها وتوزيعها بين الأطراف هدفها إيجاد توازن في مسار المفاوضات التي يفترض أن تفضي إلى اتفاق على دستور جديد لسوريا.
فعلى مدار الأيام الأربعة ناقشت اللجنة 4 مبادئ، هي: السيادة (النظام)، والجيش والأمن والقوات المسلَّحة والمخابرات (المعارضة)، وسيادة القانون (وفد المجتمع المدني)، والإرهاب والتطرف (النظام).
رغم ذلك لم ترتقي هذه الجولة إلى المستوى المأمول، حيث انتهت وسط تبادل اللوم بين وفدي النظام والمعارضة. فصرح ممثل النظام، أحمد الكزبري، بأن بعض المبادئ التي طرحتها المعارضة “بعيدة عن الواقع”، وأن بعضها يسعى إلى إضفاء الشرعية على وجود قوات أجنبية في سوريا. وقال الكزبري إن الوفد الحكومي بذل “كل ما في وسعه لإنجاح هذه الجولة” منحياً باللائمة بشكل مباشر على وفد المعارضة.
من جهته قال هادي البحرة، ممثل المعارضة، إن وفد النظام لم يقدم أي ورقة توافق، كما أنه ليس لديه الإرادة للقيام بذلك. وأضاف أن المعارضة كانت تسعى لوقف القتال والشروع في عملية سياسية حقيقية تتضمن وضع دستور جديد.
من جهة أخرى حازت هذه الجولة بدعم دولي واضح، حيث تواجد في جنيف؛ وفود واشنطن وأوروبا وروسيا وتركيا وإيران.
قال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن بلاده ترحب ببدء الجولة السادسة من المحادثات بين الحكومة السورية والمعارضة في جنيف. وأضاف برايس: «من الضروري أن يتواصل النظام السوري وقادة المعارضة بشكل بنّاء في جنيف» بما يتسق مع قرار مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا.
وأفادت السفارة الأميركية على حسابها في «تويتر»، بأن نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى إيثان غولدريتش، أعاد خلال لقائه بيدرسون في جنيف التأكيد على دعم الولايات المتحدة القوي لعمل بيدرسون لدفع الحل السياسي للصراع بقيادة سورية على النحو الوارد في قرار مجلس الأمن رقم 2254.
كما اجتمعت الدول الضامنة؛ تركيا وروسيا وإيران، يوم الخميس، في جنيف بشكل ثلاثي، فضلاً عن عقدها اجتماعاً رباعياً مع بيدرسون، ولقاءات مع وفود دبلوماسية أخرى.
كل ما تقدم لم تقتع الأطراف المشاركة في اللجنة للمضي قدما في العملية الدستورية، واحراز اختراق حقيقي وسط غياب إرادة جدية لحل الأزمة السورية وارتهان كل من المعارضة والنظام لمشغليها الإقليميين والدوليين.
واعتبر الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار، في حديث لوسائل الإعلام، إن مسارات اللجنة الدستورية السورية “تخلو من النتائج وتتماشى مع مصالح الدول التي ترعاها”.
وأشار “درار”، إلى غياب الجدية في مواقف ممثلي الأمم المتحدة في المفاوضات “لأنهم رعوا مصالح الدول المتدخلة بالشأن السوري على حساب مصلحة الشعب السوري”.
بهـزاد عمـو -إعلام مسـد