شكّل الغزو التركي لشمال سوريا من خلال عملياتها العسكرية” درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام” انتهاكاً واضحاً للمواثيق والأعراف الدولية، وخرقاً للسلامة الإقليمية وقدسية الحدود السورية، وقد كشفت هذه العمليات حجم وحدود الاطماع التركية وسياستها الرامية إلى إعادة هندسة الشمال السوري، والعمل على توطين اللاجئين هناك من أجل تغيير هوية المنطقة نحو استكمال خطة أنقرة في تتريك المنطقة، وقد أفرزت العملية عدداً من التداعيات الوخيمة سواءً فيما يرتبط بهروب عدد من أعضاء تنظيم داعش من سجونهم في مناطق شمال و شرق سوريا، أو عَبر نزوح وفرار عدد من المدنيين من هذه المناطق، فضلا من مقتل أعداد أخرى جراء هذه العمليات العسكرية،ليكون حديث الرئيس التركي أردوغان في إعادة مليون لاجئ سوري إلى المناطق التي احتلتها تركيا في شمال سوريا آخر فصول أنقرة في تدخّلها بالشأن السوري، فخطة أردوغان وبحسب مراقبين تحمل مآرب سياسية تتعلق بقرب الانتخابات التركية، وكسب ورقة اللاجئين، أو ما يدور حولها من أهداف قومية تدفع لإيجاد تغيير ديمغرافي،وإنشاء منطقة آمنة تخضع لنفوذها، ويقطنها سكان موالون لأنقرة.
وفي المقابل رفضت جمعيات ومنظمات في سوريا أي مشروع يهدف إلى إحداث أي تغيير ديمغرافي في شمال شرقي البلاد، ووفق بيان مشترك، على هامش مؤتمر بروكسل السادس في 9 و10 من مايو-أيارالجاري و المعني بدعم مستقبل سوريا والمنطقة، ألمحت تلك الهيئات المختصة بحقوق الإنسان إلى أن المخطط يهدف إلى إحداث فتنة وحرب أهلية في المنطقة ضمن سياسة التغيير الديمغرافي، وتدمير التركيبة السكانية، تحت مزاعم وصفتها بعودة اللاجئين.
هذه المنظمات المحلية السورية، ومن بينها (المرصد السوري لحقوق الإنسان ومركز عدل ومنظمة ماف) وغيرها دعت إلى صون حقوق الشعوب في أراضيها، كما تنص الاتفاقيات الدولية.
وفي موضوع متّصل عارض رئيس البعثة الأوروبية لدى تركيا نيكولاس ماير لاندروت، المشروع الاستيطاني الجديد ،الذي يروج له الرئيس التركي أردوغان، ببناء 250 ألف وحدة سكنية في المناطق السورية الشمالية الخاضعة لاحتلال القوات التركية وتوطين مليون لاجئ سوري من المتواجدين على الأراضي التركية فيها.
وقال ماير لاندروت في حديث إلى وكالة الأنباء “Anka” التركية الأربعاء 11 مايو-آيار الجاري : “العودة ستسعد الجميع، لكن الظروف المناسبة غير متوفرة حتى الآن”، وذلك تعليقاً على مشروع رجب طيب أردوغان بإعادة مليون لاجئ سوري إلى مناطق احتلالهم في شمال البلاد.
وأوضح المسؤول الأوروبي، أن تركيا تتحمل أعباء تواجد اللاجئين السوريين على أراضيها، موضحاً أن الاتحاد الأوروبي قدّم دعماً كبيراً لأنقرة فيما يتعلق بمسألة اللاجئين.
وأضاف، “عندما تتم تهيئة الظروف المناسبة، فإن العودة المشرِّفة للاجئين السوريين ليس فقط من تركيا ولكن أيضاً من الأردن ولبنان ومصر وأوروبا ستجعل الجميع سعداء، ولكن هذه الشروط غير موجودة حاليا”.
ولفت ماير لاندروت أيضاً، أن الاتحاد الأوروبي يعتمد في قراره لإعادة اللاجئين على تقييمات المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولا توجد شروط مناسبة لعودة واسعة النطاق للاجئين في سوريا.
هذا وكان أردوغان كشف مؤخراً عن خطة جديدة تهدف إلى إتمام عمليات بلاده في تغيير ديمغرافية مناطق الشمال السوري، تلك الخطة ستشمل إعادة اللاجئين بشكل “طوعي”،إلى المناطق الخاضعة للسيطرة الأمنية التركية في شمالي سوريا، من خلال إنشاء تجمعات سكنية، في المناطق التي تمتد من بين مدن اعزاز وجرابلس والباب، وصولا إلى مناطق (كري سبي-تل أبيض) وعين عيسى، من خلال انشاء نحو 250 ألف وحدة سكنية، في 13 منطقة في الشمال السوري .
وسيم اليوسف-إعلام مسد