استمراراً لعمليات التغيير الديمغرافي وترسيخ الاحتلال، تواصل تركيا العمل على تنفيذ مشروع بناء المستوطنات في قرى ونواحي مدينة عفرين المحتلة، وزادت مخاطر التغيير الديمغرافي في الشمال السوري بعد الزلزال المدمر في 6 شباط/فبراير الحالي، الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غربي سوريا، بدعم من جمعيات ومؤسسات تتبع لدولة قطر أو تعمل تحت مسميات إنسانية.
كانت منطقة عفرين السورية شمال البلاد المسرح الذي تركزت فيه سياسة تركيا الرامية لتغيير التركيبة السكانية، حيث عمدت لطرد مئات الآلاف من العائلات الكردية من منطقة عفرين ومحيطها من قرى وبلدات وتهجيرهم وتوطين عوائل الفصائل الموالية لها واستباحة ممتلكاتهم واعتقال الآلاف منهم وتسليط الفصائل الإرهابية الموالية لها وإطلاق يدها لممارسة كافة أنواع الانتهاكات بحق من تبقى من السكان الأصليين هناك.
لم تكتفي تركيا ببناء المُستوطنات البشرية خلال الأعوام الفائتة وبجهود المنظمات التركية والإقليمية وعلى رأسهم تلك التي تتبع لقطر، بل قامت مؤخرا باستغلال كارثة الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، لبناء مستوطنات جديدة على الحدود التركية السورية وفي المناطق التي تحتلها والتي بطبيعة الحال عمدت إلى تهجير سكانها الأصليين منها.
قد يهمك: هل تحرض كارثة الزلزال دمشق لتغيير مقاربتها للحل !؟
فيما أعربت دولة قطر عبر سفيرها محمد بن ناصر بن جاسم آل ثاني، عن نيّتها بدعم تركيا والمنظمات العاملة في شمال غرب سوريا على انشاء ” مستوطنات جديدة” في المنطقة، الأمر الذي من شأنه المساهمة في إكمال مخطط تركيا الساعي لتغير التركيبة السكانية متّخذين من هول الكارثة مطيّةً لإكمال مخططات الاحتلال التركي.
وبحسب مصادر محلية، فإن بعض الجمعيات والمنظمات تبنّت هذهِ المبادرة ومنها منظمة “أفاد” التركية ومنظمة “الرحمة” الكويتية و”منظمة قطر الخيرية” و”هيئة الإغاثة التركية” ووفقا للأنباء، فإن عمليات البناء والتخطيط للبدء بإنشاء ” المُستوطنات الجديدة” سوف تبدأ مطلع الشهر المقبل.
أما عن المناطق التي سوف تُبنى فيها هذهِ الوحدات السكنية فهي متوزعة جغرافياً على المنطقة وتشمل جنديرس وقرى مدينة عفرين وجبلية والقرى والبلدات التابعة لها واعزاز ومارع وكفر جنة.
كما أكدت المصادر أيضا أن ما يسمى “المجلس المحلي” في ناحية جنديرس و”المجلس المحلي” في مدينة عفرين بالتعاون مع فصائل ما يسمى “الجيش الوطني” وبالتنسيق مع مكتب والي هاتاي التركية يحاولون منح وثائق صك ملكية وأوراق تخصيص للجمعيات المذكورة للبدء في عمليات البناء.
وكانت تركيا قد أعلنت مطلع العام الحالي عن افتتاحها لمستوطنة في ناحية جنديرس باسم “أجنادين فلسطين” والتي تم إنشاؤها بإشراف الدولة التركية، حيث ضمت 40 وحدة سكنية تم توزيعها على عناصر فصيل ما يسمى “أحرار الشام” الإرهابي في حين يتضمن المشروع ذاته بناء مئتي وحدة سكنية أخرى.
تطول فصول سياسة التغيير الديمغرافي لمنطقة عفرين، واللافت في ذلك مشاركة قطر فيها فقد دشّنت مشروع استيطاني قطري يضم مئات المنازل في ناحية “شيه” بريف المدينة، حيث جرى تشييده بحضور وفد قطري رسمي، بالتزامن مع افتتاح “القرية القطرية الاستيطانية النموذجية” في قرية “جقلا تحتاتي” التابعة لناحية شيخ الحديد بريف عفرين، لتوطين مئتي أسرة من المستقدمين من المناطق الأخرى، في إطار خطة متفق عليها بين الاحتلال التركي وقطر، حيث جرى افتتاح “القرية الاستيطانية” بحضور قائد المجموعة القطرية الدولية لمجموعة البحث والإنقاذ التابعة لقوات الأمن القطرية مبارك شريدة الكعبي، وقائد فصيل “العمشات” التابع للاحتلال التركي المدعو محمد الجاسم “أبو عمشة”.
وأعلنت جمعية “قطر الخيرية” بدء المرحلة الأولى من مشروع “مدينة الكرامة”، في إطار خطة لإعادة إعمار المناطق المنكوبة وبالأخص ناحية جنديرس، وأكد الرئيس التنفيذي لقطر الخيرية، يوسف بن أحمد الكواري، خلال مقطع فيديو نشرته “قطر الخيرية” على حسابها في “تويتر”، أنه أصدر توجيهاته ببدء العمل في المشروع.
مدينة جنديرس الواقعة بالريف الشمالي لمدينة عفرين تُعدّ أكثر مدينة سورية تضررت جراء الزلزال وهي بطبيعة الحال تحت الاحتلال التركي، ورغم أن المدينة منكوبة بشكل كامل تمارس الفصائل الإرهابية الموالية لتركيا انتهاكات صارخة بحق منكوبي جنديرس عبر سرقة المساعدات والتضييق على سكانها الأصليين.
فقد منعت تركيا دخول المساعدات الإنسانية إلى ناحية جنديرس عبر حدودها بداية حدوث كارثة الزلزال كما منعت أيضا دخول المساعدات الإنسانية الإغاثية والمحروقات المقدمة من الإدارة الذاتية إلى المنطقة ولم تسمح لها بالدخول الى مناطق شمال غرب سوريا.
قد يهمك: الثابت في سياسة دمشق لم يستثني كارثة الزلزال
وبعد ضغوط دولية ومحلية على تركيا تم فتح الحدود ودخول قوافل المساعدات الإغاثية عبر حدودها إلى ناحية جنديرس لكن مقابل ذلك اشترطت الفصائل الموالية لها (الحمزات والعمشات) الحصول على 30٪ من المساعدات حتى يسمحوا بتوزيعها على المتضررين.
ولم تقف السرقات عند هذا الحد بل مارست هذهِ الفصائل التفريق والعنصرية في توزيع المساعدات وقامت عناصر تلك الفصائل بجلب وإحضار عائلاتهم إلى المدينة بهدف الاستفادة من أخذ المساعدات وحرمان المتضررين منها وفق شهود عيان من المنطقة.
يُشار إلى أن عدد المستوطنات التي بناها الاحتلال التركي والمنظمات الكويتية والفلسطينية والقطرية الإخوانية، في عفرين بلغ أكثر من عشرين تجمع استيطاني، تتوزع على المدينة ونواحيها وبُنيت جميعها على أراضي المهجرين التي تم الاستيلاء عليها من قبل الاحتلال التركي والفصائل التابعة له.
تيم الأحمد- شمال غرب سوريا