Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

مع بداية الحرب في سوريا، بات كل شيء مختلف، تغير وجه المجتمع، وبهذا التغيير باتت يوميات السوريين مرتبطة بالخوف والقلق من قادم الأيام، فـ مع الأمنيات التي تؤطر أحلام السوريين بغدٍ أفضل، ومع الحديث عن انفراجات اقتصادية قادمة، يبقى واقع السوريين خارج أي حسابات؛ فاليوم لم تعد المناسبات الدينية في سوريا، تحمل ذات الألق الذي فُقد مع بداية عام 2011، ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، لم تعد ترتبط ذاكرة السوريين وعلى اختلاف أعمارهم، بمشاهد الموائد الشهية، والتجمعات العائلية التي تُعد إحدى أهم طقوس الشهر المبارك، خاصة أن هموم السوريين وهواجسهم كثرت وتراكمت على امتداد سنين الحرب، وباتت ذاكرة السوريين تختزل معاناة اقتصادية طال أمدها، وواقع معيشي قاهر، وأحباء اختفوا، ليكون شهر رمضان ورغم خصوصية هذا الشهر لدى السوريين، إلا أنه بات مساحة جديدة للحزن ومشاعر الفقدان والعوز.

حقيقةً ومنذ بداية الأزمة في سوريا، بات وجه رمضان مختلفاً، ولم يعد كسابق عهد السوريين به، فمشاهد الفقر والضائقة الاقتصادية، صبغت المشهد الرمضاني بألوان مختلفة، وبات شهر رمضان مؤطراً بعنوانين رئيسيين، أحدهما واقع اقتصادي يمنع الاحتفاء بهذا الشهر، والآخر ثمة أحباء قُتلوا وأخرون شُردوا والبقية أجبرتهم الحرب على الهجرة. وبين هذا وذاك، يُطل شهر رمضان المبارك وحال السوريين يزداد سوءاً، فالأسواق ورغم اكتظاظها بالمرتادين، إلا أنهم يتجنبون السؤال عن الأسعار، فما بين التمور والعصائر وخبز رمضان، ضاعت أحلام السوريين، وبات من الصعب الجمع بين تلك الموائد، لتزيين المائدة الرمضانية بها، حيث بات السوريين وفي زيارتهم للأسواق قبيل شهر رمضان، بارعين جداً في إجراء العمليات الحسابية، لكنها عمليات ترهق جيبوهم الخاوية أساساً، جراء سياسات حكومية قضت على “الخمير والفطير”.

قد يهمك: داعش واستثمار كارثة الزلزال في سوريا

وبحساب بسيط، فإن متوسط دخل الموظف السوري لا يتعدى المئة وخمسون ألفاً شهرياً، هو رقم وبإجماع السوريين لا يُمكنهم من شراء أبسط احتياجات الأسرة السورية، وهو بطبيعة الحال، فأنه أجر لا يكفي سوى ثلاثة أيام لا أربعة، فما بالكم والأسعار اليوم باتت كـ لهيب البركان، لا يمكن لأحد من الاقتراب منها. يقول أبو هاشم وهو موظف في إحدى دوائر دمشق، قبل أيام ذهبت إلى سوق ساروجة وهو معروف في دمشق، على اعتبار أنه سوق الفقراء، وغايتي من الذهاب إليه، للاطلاع والبحث عن ما يمكن تحضيره احتفاءً بشهر الخير، ويضيف أبو هاشم، لكن سوق الفقراء لم يعد كذلك، فعائلتي مكونة من 5 أشخاص معي أنا وزوجتي، وعندي “صبية” في الجامعة وهي على أبواب التخرج، واليوم “أقسم بالله٫ يقول أبو هاشم، راتبي لا يكفي بضعة أيام، ورغم عمل زوجتي بالخياطة في المنزل، لكن “ما في شي عم يلحق عشي”.

ويتابع أبو هاشم، كيلو التمر ومن النوع الرديء جداً وصل اليوم وقبل الشهر الكريم، الى ما يقارب 12 ألف ليرة سورية، وأما الرز والسمن والحاجيات الأساسية، فإن راتبي العظيم لا يكفي حتى لشراء 2 كيلو رز، وعبوة سمنة 2 كغ، فماذا أفعل؟ يتساءل أبو هاشم، ويختم عُدت للمنزل ” والله يفرجا”.

حقيقة الأمر، إن السوريين يحتاجون 5 أو 6 أضعاف أجرهم الشهري، ومع ذلك، فإن غالبية السوريين وبإحصاءات أممية، باتوا تحت خط الفقر، والحكومة نائمة، وصانع القرار “آخر همه”، وحالة الانحدار في الواقع المعيشي لدى السوريين، تزداد وتتعمق، إذ لا يبدو من السهل اليوم على أي سوري دخله ضمن حدود المتوسط، أن يغامر بـ لمّ شمل العائلة في رمضان، ويفضل الغالبية قضاء هذا الشهر وحيداً دون عزائم، فالواقع وشكل المجتمع السوري اليوم، يفرض على السوريين توخي الحذر في قبول أي عزيمة في رمضان، خشية ردّ هذه العزيمة بعزيمة أفضل منها، وللطرفة وبما يعكس ألم السوريين، فقد تبادر بعض العائلات والأصدقاء، الى إنشاء عزيمة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، وإطلاق تسميات على شاكلة “عزيمة أونلاين”.

قد يهمك: بلاد الرافدين بلا روافد.. والـ “Gap” التركي السبب

في سوريا فقد شهر رمضان المبارك بهجته لدى غالبية السوريين، حتى بات صوت مدفع الإفطار غير مُحبب لدى السوريين، فهو يُذكرهم بحالة العوز والضائقة الاقتصادية، حتى بات مصطلح “ضرب المدفع”، تعبير رمزي فقط، لا سيما وأن شهر رمضان قبل الحرب في سوريا، وقبل سياسات الخنق التي تمارسها السلطة ضد السوريين، كان شهراً يتمنى السوريين ألا ينتهي، من أجل ألا تنتهي طقوسه والتجمعات العائلية، فاليوم لم تعد التمور والعرق سوس، ولا حتى “سكبة الجيران”، ذات معنى لدى السوريين، فالكل مرهق اقتصادياً، والفقر والعوز وقلة الحيلة، تُخيم على غالبية السوريين، حتى بات لسان حال الشعب السوري ” بأي حال عدت يا رمضان”، ونقول كان الله في عون السوريين، وكل رمضان ونحن وأنتم بحال أفضل.

عمار المعتوق- دمشق

المشاركة