مع بداية الهجمات العسكرية للتحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية على مناطق سيطرة تنظيم ” داعش” الإرهابي في شمال شرقي سوريا بهدف القضاء عليه وتطهير المنطقة من إرهاب التنظيم وأخواته.
لم يكن أمام عناصر “داعش” إلا البحث عن ملاذ آمن تعطيها مساحة لتنظيم صفوفها ويتجنبها المواجهة بعد الهزيمة الشرسة التي تعرضوا لها، فتوجه نحو مناطق سيطرة المعارضة وفصائل “الجيش الوطني” المدعوم من قبل الاحتلال التركي، ولم يكن الأمر بحاجة إلا لحلق اللحى وتغير الملابس والانخراط في صفوف تلك الفصائل التابعة لـ ” الجيش الوطني”.
شاهد/ي أيضًا: فصل جديد من فصول الانتهاكات المتكررة في شمال غرب سوريا
بين إرهاب عناصر “داعش” الفارين وترهيب عناصر الفصائل الموالية لتركيا بحق المدنيين وجد عناصر التنظيم المتطرف مناطق شمال غربي سوريا بيئة دافئة وآمنة لاحتضان إرهابهم الفكري والعدواني وهو ما أكدته عمليات التحالف الدولي في شمال غرب سوريا ضد تلك العناصر وكذلك ما أكدته عدة تقارير دولية ومحلية.
ففي ظل الفساد المستشري والانتهاكات المنتشرة بصفوف تلك الفصائل في شمالي غرب سوريا وجدت عناصر “داعش” ضالتهم.
تقارير ميدانية وحوادث سابقة عديدة أكدت وجود عشرات العناصر التابعين لتنظيم “داعش” منضمين في صفوف تلك الفصائل المنضوية ضمن تشكيلات ما يسمى “الجيش الوطني” المدعوم من أنقرة، وقد كشفت ذلك عمليات التحالف الدولي من خلال الإنزالات الجوية مؤخراً.
في وقت سابق قامت طائرات تابعة لقوات التحالف الدولي بعملية إنزال جوي بقرية السويدا التابعة للغندورة بريف حلب الشرقي الواقعة تحت سيطرة فصائل ما يسمى “الجيش الوطني”، لتستهدف حينها العملية المدعو عايد الهلال، وبحسب التقارير الأمريكية، فإن المستهدف هو قيادي في تنظيم “داعش”، وكان قد التحق بفصيل “صقور الشمال” الذي يعد أحد تشكيلات “الجيش الوطني” بعد فراره إلى مناطق شمالي غرب سوريا.
الحادثة ليست الوحيدة التي أثبتت تغلغل عناصر “داعش” في صفوف “الجيش الوطني” بل تكررت الحوادث، وتكررت معها عمليات التحالف في شمال غربي البلاد لملاحقة خلايا التنظيم المتطرف، فعملية الإنزال الجوي الاخيرة لقوات التحالف هي المرة الثامنة على التوالي وقد سبقها أيضاً:
– استهداف زعيم داعش ” البغدادي” في العام 2019 في قرية باريشا التابعة لمحافظة إدلب والتي تسيطر عليها “هيئة تحرير الشام ” (جبهة النصرة سابقاً).
– القيادي في التنظيم ” أبو حسن المهاجر ” قتله التحالف قرب مدينة جرابلس الواقعة تحت سيطرة فصائل “الجيش الوطني” والنفوذ التركي في العام 2019.
– وفي الثامن والعشرين من حزيران/يونيو من العام 2020 استهدف القيادي في تنظيم “داعش”، المدعو” أبو حمزة اليمني ” في مدينة المسطومة التابعة لمحافظة إدلب.
– استهداف أمير “داعش” الثاني عبد الله قرداش، في العام 2022 في منطقة أطمة التابعة لمحافظة إدلب.
– وفي 16 من حزيران/يونيو من العام 2022 اعتقل التحالف الدولي المدعو ” هاني أحمد الكردي” المتخصص في صناعة العبوات الناسفة والمتفجرات وقد تمت العملية عن طريق إنزال جوي في قرى الحميران في ضواحي جرابلس الواقعة تحت سيطرة “الجيش الوطني” والنفوذ التركي
والجدير بالذكر أن ” الكردي” كان يقيم في المنطقة منذ أكثر من 4 سنوات قبل أن يتم اعتقاله.
بحسب مصادر محلية فإن خلايا تنظيم “داعش” تتواجد في مدينة الباب بشكل كثيف حتى باتت خلاياه لا تهاب أحداً، تغتال وتقتل ضحاياها جهاراً نهاراً دون أدنى شعور بشيء من الخوف ضمن حماية فصائل “الجيش الوطني”.
شاهد/ي أيضًا: الأدوية تؤرق السوريين وأسعارها تزيد أوجاعهم
وبحسب تلك المصادر أيضا
فإن هناك عناصر يتبعون لتنظيم “داعش” ضمن “فرقة الحمزة” والتي ترعاها المخابرات التركية بشكل مباشر ويبلغ عددهم نحو 12 شخصاً، إضافة إلى 7 عناصر أخرين ضمن “جيش الشرقية” والتي تنتشر في مناطق ريف حلب الشمالي والشرقي.
ورغم إثبات تورط العديد من العناصر ضمن تلك الفصائل بانتهاكات وجرائم إلا أن فصائل “الجيش الوطني” لم تتخذ أي مواقف من شأنها وضع حد لهذه الانتهاكات لعدم تكرارها واستئصال انتشار خلايا تنظيم “داعش” في صفوفها.
الفلتان الأمني المستمر الذي يعصف بمناطق سيطرة فصائل المعارضة وكل تلك العمليات التي قام بها التحالف الدولي وشريكه المحلي قوات سوريا الديمقراطية تضع السوريين والمراقبين أمام عدة تساؤلات وتكهنات عديدة.
بينما تقوم تلك الفصائل وعناصرها وما يسمى بأجهزتها الأمنية من ملاحقة معاصر الزيتون ومراقبة حصاد أرزاق المدنيين ومتابعة التجار لفرض الأتوات ومتابعة حوالات السوريين لأخذ قسم منها يضع المراقب أمام سؤال بسيط جداً؛ إذا كانت هذه الفصائل منشغلة بمتابعة المدنيين في لقمة عيشهم لماذا يغيب عنها تغلغل قياديّي وعناصر تنظيم “داعش”؟!
خاصة وأن خلايا التنظيم المتطرف في مدينة الباب تتواجد بشكل كثيف حتى باتت لا تهاب أحداً، تغتال وتقتل ضحاياها جهاراً نهاراً دون مجرد الشعور بشيء من الخوف، ضمن حماية فصائل “الجيش الوطني”.
فهل هو تخادمٌ بين عناصر التنظيم وعناصر “الجيش الوطني”؟ أم أن الشغل الشاغل لتلك الفصائل وأجهزتها الأمنية هو ملاحقة المدنيين والنشطاء فقط؟
نترك الجواب للسوريين.
تيم الأحمد -شمال غرب سوريا