Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

للوهلة الأولى ظن السوريين أن حالة الانفتاح العربي والخليجي على دمشق، ستكون بمثابة تعويم السلطة من جديد، لإعادة قبولها إقليمياً ودولياً، لكن يبدو في العمق، أن المسارات السياسية تُجاه سوريا، تكاد تكون بمثابة الطوق السياسي، والذي يهدف في جُملة مضامينه، إلى إجبار السلطة في دمشق، على قبول المسار السياسي بوصفه مخرجاً للأزمة السورية، وكذلك فإن العروض السياسية التي قُدمت لـ السلطة، لابد أن تؤدي إلى إعادة قراءة سياسية، وتقييم استراتيجي جديد، من قبل السلطة، بُغية قبول الأمر الواقع، فضلاً عن إيصال رسالة سياسية إلى السلطة، مفادها قد أتى زمن التسويات، ولا مناص من الشروع بالحل السياسي، وحلحلة تفاصيل الملف السوري المُعقدة، وبات ضرورياً تقديم تنازلات، والابتعاد عن الخطاب السياسي الذي أرهق السوريين، وعمق أزماتهم، وبات الجميع بحاجة ماسة إلى حل سياسي، يُنقذ السوريين أولاً وأخيراً.

شاهد/ي أيضًا: الأمبيرات سلاح السلطة السري وشرعنة الفساد

بات واضحاً أن حالة الانفتاح على السلطة، وكذا بيان مؤتمر عمان، ذلك في المضمون يُشكل محتوى وماهية القرار الأممي 2254، لكن وفق المنظور العربي، وبصرف النظر عن مدى استجابة السلطة للمستجدات الجديدة، إلا أن واقع الحال يؤكد، بأنه ثمة ضرورات إقليمية لوضع حد للتدهور في واقع السوريين، والذي لم يكن إلا بسبب تعنت السلطة، ورفضها لأي حل سياسي إقليمي أو دولي، متأثرة بمواقف حلفائها في طهران وموسكو، والسوريين في مناطق سيطرة السلطة، غارقون في أزمات معيشية واقتصادية.

ضمن ما سبق، وربطاً بعدم السماح للسلطة بالتمادي أكثر في غيّها السياسي، وبأن إعادة التقارب مع السلطة، قد يكون سبباً في إعادة ترتيب أوراق الملف السوري. بناءً على ذلك كان من الضروري عربياً وخليجياً إعادة النظر في العلاقات مع السلطة في دمشق، وذلك ليس من باب انتصار السلطة، أو فرض رؤيتها على الجميع، أو أنها بصمودها وفق مُنظري السلطة وابواقها، قد أجبروا العرب على طرق أبواب دمشق، كل هذه السرديات لا تعدو عن كونها تُرهات حفظها السوريين، بل ما حدث هو محاولة عربية خليجية لتعديل الواقع السوري، واعطاء فرصة أخيرة “ربما” للسلطة، لمراجعة وتقيم الواقع السوري.

السوريين جميعاً، فقدوا الثقة بأي مبادرات عربية، كما وفقدوا الثقة أيضاً بهذه السلطة، التي لا تزال ترتوي من معاناة السوريين، وتعمل على تعميق ازماتهم، ولا يخفى على أحد، بأن أساليب السلطة السياسية، قد روجت لنموذج مختلف يتعلق ببدائل سياسية، وأن على السوريين الاختيار بين أمرين أحلاهما مُر، فإما القبول بالواقع الحالي وعنوانه سلطة مستبدة لا تقبل بأي حل إلا وفق أهواءها، وإما تعميم نموذج الفوضى والإرهاب، الذي خبره السوريين جيداً في أعوام 2015 وحتى 2018، لكن آنذاك، كانت الظروف الإقليمية والدولية، مختلفة عن مضامين اليوم، واستمرار الأزمة السورية بكل عناوينها، بات مرهقاً للجميع، ولا بد من وضع السلطة في دمشق أمام الأمر الواقع.

المجتمع الدولي يرى في القرار الأممي 2254، الحل الأنسب للسوريين، وعلى اعتبار أن المعارضة السورية، هي المعنية بالجلوس أمام السلطة للتفاوض على حلول، فإن ما حدث في جنيف، لجهة إعادة لم شمل تلك المعارضات، وتلقينها ما يُريده الغرب، يكاد يكون أيضاً مساراً سياسياً جديداً، لإعادة ضبط صفوف المعارضة السورية، وتقديمها كنموذج بديل للسلطة، لكن فإن قُبة جنيف وما جمعته من معارضات متفرقة، لم ولن يُحققوا أي خرق في الملف السوري، صحيح أن الجميع يسعى إلى حل سياسي، وبالتوازي ثمة ضغوط عربية وخليجية وغربية تُمارس على دمشق، لكن الصحيح أيضاً، أن ما يسمى هيئة التفاوض، لم تقدم منذ نشأتها مشروعاً سياسياً جامعاً للسوريين، بل على العكس فإن جل ما قدمته كانت عناوين تركية، والأهم أن هيئة التفاوض عملت على تحييد شريحة واسعة من السوريين، وأغفلت عمداً الكثير من مبادراتهم الوطنية، لا سيما مبادرة الإدارة الذاتية، الأمر الذي يؤكد أنه ثمة خلل سياسي في هيئة التفاوض، قد يُعيدنا إلى المربع الأول، والأهم أن هيئة التفاوض بواقعها الاقصائي الحالي، لا تختلف كثيراً عن السلطة وممارساتها السياسية.

ما نريد توصيفه وبدقة، بأن سوريا وواقعها الحالي، هي شأن كل السوريين، وليست حكراً على السلطة، أو أي فريق سياسي هنا وهناك، وبصرف النظر عن محاولة تطويق السلطة سياسياً وربما محاولة خنقها للقبول بالواقع السياسي الذي يريده الجميع، لكن لابد من القول، بأن أزمة السوريين تقتضي إشراكهم فعلاً بمعادلات سياسية جديدة، تكون بوابة لحل سياسي، وهنا وبكل تأكيد، فإن السوريين أصحاب المبادرات الوطنية، لا يريدون إقصاء أحد، بل على العكس، فإن سوريا لا تكتمل إلا بمشاركة أبناءها والبحث جميعاً عن حل سياسي، يُنقذ الجميع.

شاهد/ي أيضًا: هواجس السوريين.. بين المأمول داخلياً والمطلوب إقليمياً

أخيراً، إن الخطوات تُجاه السلطة في دمشق، والتي جاءت ضمن تحركات سياسية، لم يكن هدفها تعويم السلطة وإعادتها إلى محيطها العربي، بل وضع السلطة أمام واقع جديد يقتضي التخلي عن التعنت السياسي ورفض وإقصاء الجميع، وربما إعطاء تلك السلطة الفرصة الأخيرة، لتقديم حلول تُناسب السوريين فقط، وأيضاً يمكن اعتبار جُل التحركات السياسية العربية والخليجية تجاه سوريا هي بشكل أو آخر تُشكل القرار 2254، لكن وفق صيغته العربية، بالتوازي مع الصيغة الدولية للقرار، وبالتالي ثمة ما يمكن تسميته بمسارين يشكلان في العمق والمضمون طوق النجاة الاخير المقدم للسلطة في دمشق، وعليه فإن كل هذه الظروف باتت في جل حزئياتها مواتية للبدء بحل سياسي، ولابد أيضاً من الاعتماد على رؤية الإدارة الذاتية في تفاصيل الحل السياسي، لا سيما أنها رؤية واضحة ولا تُقصي أحد، بل على العكس هي رؤية جامعة لكل السوريين.

في المقلب الآخر، على السلطة وكذا هيئة التفاوض، عدم إقصاء أحد من السوريين، بل إشراك الجميع بالحل السياسي، لا سيما أن غالبية السوريين وكذلك غالبية القوى الإقليمية والدولية، باتوا متفقين على ضرورة وضع السلطة أمام هذا الواقع السياسي الجديد، والأهم أن الظروف باتت تصب مباشرة بضرورات ايجاد حل سياسي في سوريا، وعليه فإن لا حل سياسي إلا وفق القرار الأممي 2254، لكن هل ترضخ السلطة الحاكمة في دمشق لكل هذه المبادرات، أم أن في جعبتها ورقة أخيرة قد تبرزها لعرقلة أي حل؟، واقع الحال يؤكد بأن السلطة باتت ضمن طوق سياسي لا مخرج منه، إما الذهاب إلى حل سياسي يناسب السوريين، وإما “ربما” الذهاب إلى الفصل السابع. فـ ماذا ينتظر السوريين في قادم الأيام؟.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة