Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

يعلم السوريون في مناطق سيطرة السلطة، بأنهم يعيشون على فُتات الفاسدين، وأزلام السلطة، ويعلمون كذلك بأنهم محاصرون ومكبّلون بواقع معيشي واقتصادي، مفاتيح حلوله بيد السلطة، لكنها لا تريد ان تُخرج السوريين من أزماتهم. نتيجة لذلك، تتفاقم معاناة السوريين يوماً بعد يوم، ويدخلون في أزمات متجددة، عنوانها الأبرز لا حلول، فالسوريون في كل يوم، يستيقظون على همّ جديد، وأزمة جديدة، وواقعهم المعيشي في انحدار مستمر، على الرغم من أن غالبية السوريين يعملون في أكثر من مجال، لتأمين قوت يومهم، وإكفاء عائلاتهم، لكن ما يعملون به شهرياً، لا يكفيهم حتى نهاية الأسبوع الأول من كل شهر.

موظفي القطاع العام في سوريا، هم فئة تكاد تقترب من نسبة 62% من عموم السوريين في مناطق سيطرة السلطة، ورغم ارتفاع الأسعار الذي بلغ مستويات قياسية، إلا أن راتب الموظف السوري لا يزال ثابتاً، دون مؤشرات على رغبات السلطة بزيادته، رغم وعودها والتي يعلم السوريون بأنها لا تُمثل سوى مهدئات مؤقتة.

شاهد/ي أيضاً: شواطئ الساحل السوري بين الفوضى والاستغلال

واقع الحال يؤكد، بأن هموم الموظفين المعيشة تتفاقم، الأمر الذي يدفع غالبية الموظفين، إلى البحث عن عمل ثانٍ وثالث، لتحسين دخلهم الشهري، بما يتناسب ولو جُزئياً، مع المصاريف الشهرية، فالراتب لا يكفي كما يقول عدنان ط، وهو موظف درجة أولى في إحدى شركات القطاع العام في دمشق، ويقول، “راتبي 136 ألف ليرة سورية، لا يكفي لشراء الخبز، وينتهي خلال ثلاثة أيام، فماذا أفعل؟، ويتابع قائلاً، أعمل الآن على جملة من الأوراق لتقديم استقالتي، لتأمين عقد عمل يكفيني أنا وأسرتي”.

عدنان وغيره من الموظفين يسعون الى تقديم استقالاتهم، معتبرين أن الذهاب إلى الوظيفة، لا يُغني ولا يسمن، فالكثيرون أكدوا أنهم يستطيعون تأمين أعمال أُخرى، لكن تتطلب دوام صباحي حسب تعبيرهم. دليل ما سبق، فقد أكد مصدر في محافظة دمشق، أن عدد طلبات الاستقالة منذ بداية العام وحتى نهاية شهر حزيرا ن/يونيو الفائت، قد بلغ ما يقارب 6397 طلب، مؤكداً أن هذا الواقع له تداعيات كارثية على القطاع العام، لكن لا حلول ولا زيادة مرتقبة في الأجور، حتى وإن وافقت السلطة على توصيات اللجان الاقتصادية برفع الرواتب بنسبة 100%، إلا أن الراتب سيبقى غير قادر على سد رمق السوريين.

ويعمل معظم الموظفين في فترات ما بعد الظهر، لتحسين مستوى الدخل وتغطية أقل ما يمكن من مصاريف الطعام والشراب والطبابة والفواتير، متناسين المصاريف الموسمية من لباس أو أدوات منزلية، ليضطر الموظف للعمل مساءً سواء على سيارة أجرة أم في المقاهي، وهي أكثر الأعمال إقبالاً.

عدد لا بأس به من الموظفين يتقدمون بطلبات استقالة لعدم تغطية الراتب أي مصاريف شهرية، إذ يعتبر أولئك أن الذهاب إلى الوظيفة مضيعة للوقت، وهناك أعمال صباحية تعطي رواتب أفضل من رواتب القطاع العام، ما يدفعهم لترك الوظيفة والتوجه نحو أعمال مجدية مادياً حسب تعبير الكثيرين.

في تقرير نشرته صحيفة “الوطن” المحلية، شبه الرسمية، أكد رئيس اتحاد العمال في محافظة اللاذقية منعم عثمان، أن الاستقالات من القطاع العام وصلت إلى 900 استقالة منذ بداية العام الجاري حتى تاريخه. وأضاف عثمان، إن معظم العمال المستقيلين هم من قطاعات العمل ذات البيئة الصعبة وفيها تعب وجهد ومنهم على سبيل المثال عمال الغزل والنسيج، إضافة للأعمال التي تتطلب مصاريف أجور طريق لكونها بعيدة عن مكان إقامة العمال.

وذكر رئيس اتحاد العمال أن معظم من يتقدم باستقالته يؤمن عملاً آخر إما في أرض زراعية أو محل تجاري أو سيارة أجرة، وغيرها من الأعمال التي كما يعبر عنها أنها توفر على الأقل أجرة الطريق التي يتكبدها إلى وظيفته وراتبه بالكاد يغطيها، وفق قولهم.

وأشار عثمان، إلى أن اتحاد العمال يطرح باستمرار أهمية تحسين الأجور الشهرية للموظفين بما يعادل 10 أضعاف الراتب الحالي، قائلاً، منذ أكثر من عام ونحن نطالب الحكومة بزيادة الأجور لأن الوضع المعيشي للطبقة العاملة سيئ وصعب وبحاجة لتحسين القدرة الشرائية، فالعامل لا يستطيع تأدية أي واجب اجتماعي أو تأمين لباس لأولاده بشكل موسمي، كما أن العامل في حال اشترى لباساً لا يستطيع تأمين أجور الطبابة، والعكس صحيح فهناك أمور وحاجيات على حساب أخرى وفق تعبيره.

كلام عثمان، يؤكد بأن السلطة في وادٍ والموظفين في وادٍ أخر، فالواضح من كلام عثمان، بأن السلطة لا تفكر حتى بتقديم معالجات جذرية لواقع السوريين عموماً، وللموظفين على وجه الخصوص، وتكتفي بتصدير التصريحات هنا وهناك، دون أي تغيير في واقع الموظف السوري.

صحيح أن الأزمة السورية وتداعياتها، أثرت وبشكل مباشر على قيمة العملة السورية، وتدني سعر الصرف، لكن الصحيح أيضاً، أن سياسة تجميد الرواتب، التي تتبعها السلطة، تؤكد وتثبت فشل إدارة الأزمة بجانبها الاقتصادي، كما أن السلطة لا تّتبع سياسات من شأنها تحسين مستوى معيشة السوريين، فهي لا ترى أي مشكلة في معيشة السوريين، لكنها في ذات التوقيت، دائما ما تستجيب لمطالب التُجار برفع الأسعار، بينما كل نداءات السوريين، لتحسين واقعهم الاقتصادي، تُجابه بالدعوات إلى الصمود.

شاهد/ي أيضاً: مخيمات أم مستوطنات.. ماذا يحدث في شمال سوريا؟

وربطاً بما سبق، فإنه لا توجد لدى السلطة أي بدائل لمرحلة اقتصادية مقبلة سوى زيادة الضغط على المواطن السوري، ومزاحمته في قوت يومه، ورفع الدعم عن كل ما يتم دعمه من مواد غذائية أو محروقات، فـ الوضع المعيشي في النهاية، وبحسب خبراء، سيصطدم بأسعار معوّمة تتحكم فيها أداة العرض والطلب وتوفّرها في الأسواق، لتكون الأسعار بذلك أغلى حتى من الأسعار العالمية في بعض الأحيان، وتكون حصة تجار الحرب وأزلام السلطة من جيب المواطنين السوريين، وتحديداً الموظفين منهم.

الوضع المعيشي في مناطق سيطرة السلطة، يتجه إلى أسوأ مما يعيشه السوريون اليوم، ولا يمكن أن يكون هناك حل من أجل تحسين الوضع المعيشي في سوريا، سوى بتسوية سياسية لا تكون فيها تجار الحرب التابعين للسلطة، طرفًا فيها.

 

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة