Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

استيقظت مدينة طرطوس صباح الثالث من تموز هذا العام على خبر اعتقال فراس غانم، وهو رياضي ويمتلك صالة ألعاب رياضيّة متواضعة من قريته “العنازة” القريبة نسبيّاً من مركز مدينة طرطوس، بعدما توقّع في أحد منشوراته أن يتم اعتقاله إثر نشره لانتقادات للسلطة في دمشق، وفراس لم يكن أول من اعتّقل بسبب منشور على “الفيس بوك”، فقد اعتقل الكثير قبله إثر انتقادات أو صرخات وجهها هؤلاء للسلطة لإلقاء الضوء على حالة فساد معينة أو ظاهرة تؤلم السكّان، ونحن إذ لا نتحدّث هنا عن “معارضين” أو “سياسيين” بل أناس عاديين يندرجون تحت صفوف الموالين لدمشق وسلطتها الذين صدّقوا في لحظةٍ ما أن السلطة تريد محاربة الفساد والقضاء على الفاسدين، وجعلوا من “الفيس بوك” منصّة للتعبير عن مظاهر الفساد الفاضحة ، وتفاجؤوا بردّة فعل السلطة على انتقاد فساد ما أو اقتراح ما طرحوه أصلاً لتطوير أسلوب عمل الحكومة، سنعرض في تقريرنا هذا بعضاً من هؤلاء الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية للسلطة كما سنجري لقاءات مع ناشطين ينتقدون الفساد للوقوف على هذه الظاهرة وأبعادها السياسيّة وما تعكسه من احتقان لأهالي الساحل السوري.

أبرز الذين تعرضوا للاعتقال في الساحل السوري إثر منشورات “الفيس بوك”

وضعت السلطة الفيس بوك تحت رقابته وكثّفت من تواجد عناصره على الفيس بوك، وذلك لتحقيق هدفين أولهما نشر الدعاية الإعلاميّة الخاصة به وثانيهما مراقبة الفيس وكم الأفواه، تفادياً لانفلات الأمور من يديه واندلاع موجة احتجاجات انطلاقاً من الفيس بوك، حيث كان ل”الفيس بوك” أثراً كبيراً بدايات انطلاق الاحتجاجات الشعبيّة مطلع 2011.

شاهد/ي: الليرة السورية… إخفاقات السلطة ومؤشرات سقوطها

ومن أبرز هؤلاء رامي فيتالي، أحد سكّان مدينة اللاذقيّة انتقد حالات الضرب والتعذيب لأي شخص يتعرّض للاعتقال بعد انتشار قصة الطفل محمد من مصياف الذي تعرّض للضرب من قبل الشرطة إثر خلاف مع أساتذته في المدرسة، في منشوره طالب بإيقاف عمليات الضرب والتعذيب واحترام المعتقلين، وهو بذلك لا يقصد المعتقلين السياسيين تحديداً بل أي شخص يتعرض للاعتقال لأي سبب كان، برزت بعد اعتقاله موجة من التضامن في “الفيس بوك” من السوريين في الداخل والخارج، حيث اعتقله الأمن السياسي واستمر اعتقاله قرابة الشهرين، ولم تكن المرّة الأولى حيث اعتقل قبلها لانتقاده التفتيش الذي تقوم به الحواجز المنتشرة للناس العاديين، ولم يكن رامي يريد من هذه الانتقادات سوى رفع مستوى التعامل مع السكّان من قبل قوّات الأمن منبّهاً لضرورة احترام الخصوصيّات والتعامل مع الناس بشكل حضاري، حيث اختارت السلطات الأمنيّة اسكاته بدل الأخذ بكلامه والتفاعل معه.

معين علي، في 9 شباط/فبراير من العام الحالي، أي بعد اسبوع من وقوع الزلزال، ينشر معين علي مقطعاً مصوراً يستنكر فيه منع توزيع المساعدات الأهليّة بشكل مباشر على متضرري الزلزال متهماً القائمين على منظمات المجتمع المدني التابعة لسلطة بمحاولة استغلال الكارثة والاستحواذ على المساعدات ضاربةً عرض الحائط معاناة الناس، اعتقل إثر الفيديو مباشرةً وخرج بعدها في فيديوهات يقدّم فيها اعتذاراته عما قاله.

أيضاً هناك كثيرون لا مجال لذكرهم الآن، حيث لم تقتصر ردّة فعل السلطة على الاعتقال فهناك الاستدعاءات المتكررة للأفرع الأمنيّة والتهديدات من قبل الذباب الالكتروني وغيرها من ردات فعل السلطة التي لا توفّر وسيلة لكمّ الأفواه وإسكات الناس.

أساليب أخرى للسلطة للتضييق على المنتقدين

لا توفّر السلطة في دمشق وسيلة متاحة لديها للسيطرة على الرأي العام وضبط الأوضاع وكم أفواه المطالبين بالقضاء على الفساد وعلى أبسط الحقوق للسكان، تبدأ من الترهيب المجتمعي الذي يمارسه عناصر البعث والمخبرين والمتعاونين مع الأفرع الأمنيّة، الذين قد يمارسوا جميع أنواع الترهيب في الحياة العامة وعلى الفيس بوك، ومن ثم هناك الاستدعاءات للأفرع الامنيّة والتي قد تفرض على الشخص المثول في فرع الامن السياسي أو العسكري كل يوم من الصباح وحتى المساء، حيث تمارس هذه الافرع أقسى أنواع الترهيب النفسي والتهديد المتواصل والذي قد ينتهي بالاعتقال أو عدمه فيما لو ضمن ضابط الفرع عدم قيام الشخص المستدعى بالكتابة على الفيس بوك بشكل ناقد أو في حال قدّم اعتذاراً علنيّاً عن انتقاد نشره على صفحته ما يساعد هذه الافرع في نشر حالة الرعب بين الناس، في حديث له معنا اكّد لنا الناشط ع.محفوض(60عاماً) أنّ الأفرع الأمنيّة وخاصّة فرع الأمن السياسي يستدعي شهرياً عشرات الأشخاص ويهددهم بالاعتقال والضرب والتعذيب، ويشير إلى أن السلطة لديها جيش موازٍ يعمل على الفيس بوك (ذباب الكتروني) لديه مهمات عديدة من ضمنها متابعة مناشير الناشطين على الفيس بوك وتحويل أسمائهم للأفرع الأمنيّة.

 

الذباب الالكتروني ودوره على الفيس بوك

 

تنتشر صفحات عديدة على “الفيس بوك” تنشر أخباراً متماثلة بشكل مضطرد كما يقوم أشخاص بملاحقة المنتقدين المحليين والمعارضين على “الفيس بوك”، كما نسمع بين الحين والآخر عن حملات تبليغ منظّمة على الفيس بوك من قبل أجهزة السلطة على صفحات لنشطاء، ومن ضمن مهامه مراقبة الفيس بوك والصفحات التي تنمو متابعاتها والأخبار الشائعة وتحويلها والتحكم بها، وصنع أخبار جديدة، حيث أكّد لنا الشاب ي.خضّور (30 عاماً) أنّ هناك العديد من الصفحات تدار من قبل الجيش الالكتروني، حيث كان عضواً فيه بينما كان يدرس الإعلام في إيران، وأكّد لنا أن معظم الصفحات ذات المتابعة العالية في الساحل تدار من قبل الجيش الإلكتروني، حيث تسّلم خمس صفحات في كل صفحة 5000 متابع وبدأ العمل على نشر أخبار معينة عليها، لكنّه وحسب تعبيره ترك هذا المجال من العمل لأنه يتضمن التبليغ عن أي منشور يحتوي على انتقاد للفساد أو للسلطة أو أحد رموزها، أو العائلة الحاكمة .

شاهد/ي: مقاربات السلطة للواقع السياسي والسوريون بين اليأس والاستنزاف

لابدّ في النهاية من الوقوف طويلاً أمام شجاعة هؤلاء الذين يصرخون عالياً بآلام السوريين ويشيرون إلى الفاسدين دون خوف من الاعتقال، وبالرغم من اعتقال بعضهم ومراجعة آخرين المتكررة والمريرة لأفرع الأمن إلّا أنهم مازالوا يمسكون بأقلامهم في سبيل بناء وطنٍ فيه الحد الأدنى لمتطلبات العيش الإنساني.

أليمار لاذقاني- اللاذقية

المشاركة