Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

خلال الأشهر المُنصرمة، شكّلت حالة الانفتاح السياسي على السلطة في دمشق بوابةً وجد من خلالها السوريون التّواقين للحل السياسي أملاً في التوصل إلى مستقبل لطالما أنتظره الكثيرون، لكن الأمنيات القابلة للتحقّق تبقى في إطارها غير الواقعي، طالما أن السلطة لا تزال ممسكة بعناوين انتصاراتها الوهمية، وطالما أن سياسات السلطة وتحرّكاتها الخارجية، لا تزال تعتمد مبدأ المناورة السياسية، والرهان على الوقت لـ تبدل الوقائع الإقليمية والدولية، وطالما أن السلطة لا تزال تعتقد بأحقّيتها في بلورة الحلول السياسية المناسبة، والتي تتوافق مع معطيات بقائها في واقعها الحالي، وبما يناسب استمرار فسادها وتسلّطها على رقاب السوريين.

شاهد/ي: الإجرام التركي في شمال سوريا.. أهداف محدودة

كل ذلك يضع الحل السياسي والمستقبل السوري في دوامة من اللا استقرار والتساؤلات التي لا نهاية لها، لتبرز ضمن ذلك هواجسٌ تتعلق بمستقبل سوريا، وأي طريق سيلكه السوريون للوصول إلى واقع أفضل؟، وهل يمكن للقوى المؤثّرة في الملف السوري العمل على فرض الحلول؟. كلّ تلك الهواجس وما تحتويه من تساؤلات عميقة، تصبّ مباشرة في معادلات البحث عن حلول سياسية، تضع حدّاً لأزمات معقّدة عانى منها السوريون كثيراً، ولا زالوا.

الحدث السوري ورغم ما يحتويه من تعقيدات وتحدّيات، إلا أنه لابدّ من النظر إلى مستقبل سوريا، والبحث عن حلول بات من الضروري التوصل إليها، لا سيما أن غالبية السوريين قابعين في ظل ظروف بات من المستحيل وصف رداءتها. فالسوريون يحاولون استشراف أفق الحل والمستقبل، بعيداً عن كل أطراف المشهد السوري، لا سيما الفاعلين والمؤثرين والمتحدثين بضرورة يُعرف اصطلاحاً “الحل بقيادة سورية”، لكن في المقابل، فإن غالبية السوريين في مناطق السلطة، يدركون بأن كل الأحاديث المتعلقة بالحلول، ليست إلا كلاماً يملئ الفراغات السياسية والاقتصادية، وهو في الواقع تمريرٌ للوقت، وعبثاً بأحوال السوريين، فاليوم وإن كان التأكيد الإقليمي والدولي على ضرورة التوصل إلى حلّ سياسي، ومنع تقسيم الجغرافية السورية، إلا أن تلك الأقوال لا تنطبق على أرض السوريين العطشى والتّواقة إلى مياه تُغرقها بالسلام والأمن، كما أن التأكيد على ما سبق، يتم إدخاله عنوةً في مناورات سياسية من قِبل السلطة وحلفائها، الأمر الذي يحتاج إلى ترجمة واقعية وحقيقية لِما يُقال.

الحل السوري واستحقاقاته يحتاج حقيقة الأمر إلى حامل وطني واضح، يأخذ على عاتقه مسؤولية التكاتف الوطني البعيد عن مصالح السلطة وروسيا وإيران وتركيا. هذه الاستحقاقات يجب ألا تقتصر على العناوين السياسية فحسب، بل ثمة ضرورة للضغط باتجاه ما يتوجب فعله إقليمياً ودولياً، وفتح باب الحل السياسي وتضمينه مستقبلاً يجب صياغته وفق معادلة وطنية لا إقصاء فيها ولا تمييز، فالسوريون في هذا الإطار، لا يبحثون عن أحقّية طرف على طرف أخر، في ضرورة التوصل إلى حل سياسي، بل ينبغي على جميع الأطراف المبادرة لخلق واقع جديد، ولتغيير قواعد اللعبة، بُغية إخراج سوريا من “ستاتيك” اللا حلول.

في الواقع السوري ثمة حقيقة تُعد عاملاً مُعطّلاً لأي حلّ سياسي، ففي ظل بقاء السلطة لا يُمكن تحقيق التعددية السياسية، وفي المقابل فإن السلطة لا تعترف بالقوى السياسية المعنية بالملف السوري، وربطاً بذلك، فإنه من الضروري وضع معايير ونواظم تؤسس لمشهد سياسي يكون ندّاً لتلك السلطة.

هذا المشهد يجب أن تؤطره رؤى جامعة ومشتركة قوامها التوافق على أسس ومقومات الحل السوري، مع وضع دستور توافقي يكون هدفه بناء واقع سياسي واجتماعي جديد، مُخالف بالكليّة لكل الدساتير السابقة. ومن خلال ذلك، يُمكن بناء مجتمع سوري يعي قيمة السياسة وتأثيراتها، وسوريون يتفهمون دورهم الحيوي في صياغة مجتمع مدني بعيداً عن التحزب، لكنه يعي أهمية العمل السياسي لإنتاج نموذج وطني صحي، يضمن التعددية السياسية والتنافس لصالح الجميع، وليس لصالح شخص بعينه.

ما سبق لا يُعد أمنيات يتداولها السوريون، بل ثمة نماذج وطنية تتبنى الخيار الوطني الجامع والمؤسس لمشهد ديمقراطي واسع، فالسوريون وعلى امتداد سنوات سيطرة السلطة، أدركوا أن الديمقراطية تحتاج إلى مناخ سياسي قوامه الديمقراطية والتعددية السياسية، وعليه فإن وجود السلطة الحاكمة، وسياساتها الإقصائية غير الديمقراطية، فإن الحديث عن الديمقراطية غير مُكتمل، وبمنع اكتمال المشهد الديمقراطي، لا يمكن بناء شرعية المستقبل، ولا يمكن البقاء في ظل سلطة تأكلت سياساتها جراء عجزها عن تقديم نموذج سياسي وطني ديمقراطي، الأمر الذي جعل سوريا والسوريين تحت برميل من البارود، مُهيئ في كل لحظة للانفجار، فالسلطة تُجيد المناورة السياسية وهي حقيقة لا يُمكن إنكارها، ورغم اعتماد تلك السلطة على مقومات زائلة، لكنها في الواقع الحالي تُزيد من المعاناة والانحدار في واقع السوريين.

الواقعية السياسية تؤكد بأن السوريين يحتاجون الى سنوات لرؤية حالة الانتقال السياسي التي يتوقون إليها، وهم في واقع الحال، فأنهم في السنوات الأخيرة للولاية الدستورية التي فرضها دستور 2012، وبعد ذلك فانهم أمام استحقاق جديد لا تبنيه غوايات التمثيل السياسي، بقدر ما تبنيه حالة التكاتف والتلاحم الوطني لإنشاء مشهد سياسي داخلي جريء، يتقاطع جُملة وتفصيلاً مع الحالة الإقليمية والدولية.

شاهد/ي: من دمشق إلى بكين.. السوريون يريدون حلاً

المشهد السوري تحكمه عناوين عديدة، تبدأ من حالة الانفتاح السياسي على السوريين وليس على السلطة، والضغوط الدولية لإعادة اللاجئين إلى بيئة آمنة مستقرة لا تحكمها ملاحقات السلطة الأمنية، ووصولاً إلى تطبيق القرار الأممي 2254، لذلك فإن السوريين يجب عليهم لتحقيق الخلاص السوري، أن يعتمدوا على قواهم المدنية، وأن يأخذوا القرارات الدولية كرافعة لتحقيق الخلاص.

مع ذلك، يجب أن نُدرك أن الحلّ السياسي في سوريا لن يكون سهلاً، فهناك مصالح متعارضة وتدخلات خارجية تعقّد عملية الحل السياسي، لكن السوريين يستحقون العيش بكرامة والحصول على فرصة للبناء والازدهار، ويجب على المجتمع الدولي أن يدعم الجهود الرامية إلى تحقيق الحل السياسي وإعادة بناء سوريا بعد هذه الفترة المأساوية.

عمار المعتوق- دمشق

المشاركة