Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

تُعد الزراعة من القطاعات الاقتصاديّة الرئيسيّة في سوريا عموماً وفي الساحل السوري بشكل خاص، ومن أهم وأخصب المناطق الزراعيّة هي الشريط الساحلي السّهلي الذي يمتد من شاطئ البحر وحتى عمق 10 كم بشكل وسطي بالإضافة للجزء السوري من سهل عكّار، وتتميز هذه المناطق بدفء الطقس فيها وبخصوبة تربتها ووفرة مياه الرّي فيها، حيث تكثُر فيها الأنهار والمياه الباطنيّة القريبة من سطح الأرض، انتشرت في هذه المناطق ومنذ بداية الألفيّة الثالثة الزراعات المحميّة (البيوت البلاستيكيّة) حيث تُقدّم محاصيلها في فصل الشتاء بشكل رئيسي، حيث اعتمدت حكومات السلطة في دمشق على تصديرها، وتُعتبر الطماطم (البندورة) من أهم هذه السلع وأكثرها انتشاراً، نحاول في هذا التقرير إلقاء الضوء على معاناة مزارعي هذه المناطق وعلى الدورة الإقتصاديّة التي تحكمها ودور السلطة في تعميق مشاكل المزارعين وغلاء أسعار الخضار.

تكاليف الإنتاج وفق الأسعار الحاليّة

تُعد الزراعات المحميّة من الزراعات المكلِفة وذات المخاطر العاليّة، إذ إنها تحتاج لعناية خاصة وظروف نمو منضبطة ليستطيع المزارع الحصول على المحصول المرجو، في حين يكلّف البيت البلاستيكي الواحد (500 متر مربّع) حوالي 35 مليون ليرة سوريّة (بذار وأسمدة وأدوية زراعيّة وبكرات النايلون …الخ) ذلك حسب تقديرات عامر 53 عاماً، وهو مهندس زراعي لديه صيدليّة زراعيّة ويضيف( لايستطيع المزارع التراخي بأي شرط من شروط الإنتاج مهما بلغت التكلفة) ذلك لأنّه وحسب ما شرح لنا أن المزارع بمجرد اتخاذه قرار الزراعة فإنّه يدخل في مخاطرة ماليّة كبيرة عليه أن يستمر بها حتى النهاية.

في حين ينتج البيت البلاستيكي الواحد من 18 ل 25 طن من البندورة وهي الأكثر إنتاجاً، تأتي بعدها مزروعات؛ كالباذنجان والخيار والفليفلة التي تأتي في المرتبة الثانية، ويحدد سعر المبيع الوسطي للموسم أرباح المزارع التي قد تنخفض في بعض الأحيان لتلامس الصفر، وترتفع أحيانا لتصل لحدود ال10 مليون ليرة للبيت البلاستيكي الواحد، وبسبب حاجة هذه الزراعات للعناية الفائقة والمتواصلة لايستطيع المزارع وبمساعدة أسرته زراعة أكثر من أربع بيوت بلاستيكيّة خلال العام أو الموسم.

شاهد/ي: مراسيم عفو متتالية.. أين المعتقلين منها؟

مشاكل الزراعة ومصاعبها

بعد جولة واسعة على مزارعي البيوت المحميّة والمناطق السهليّة المرويّة في أجزاء متفرقة من الساحل السوري، كانت معظم هواجس المزارعين تتمحور حول تذبذب الأسعار، فقد أصرّ معظمهم ومنهم حاتم (34 عاماً) على تغليب مسألة الحظ على السعر، فمن الممكن أن يكون محصولك ممتاز ونوعيته جيّدة وتخسر وتنكسر والعكس صحيح، فكلّ ذلك يتبع لمضاربات الأسعار التي لا يعلم المزارع ماهي آليّة وضعها فهي (كاليانصيب يا بتصيب يا بتخيب) حسب تعبيره، كما أكّد لنا مزارعون بأنّ السماسرة (الوسطاء التجاريين والمرخّصينَ من قبل السلطة) هم الرابحون في جميع الأحوال، حيث (يربح السمسار أكثر من المزارع في كل حبّة بندورة) كما قال لنا (هلال 48 عاماً) من سهل عكّار ويضيف (أحياناً لا يكفي سعر الخضار سعر الفلينة وأجور نقلها ) ويقصد بالفلينة بالصندوق المصنوع من الفلين والمخصّص لنقل الخضار حيث وصل سعر العبوة الواحد ل 8000 ليرة سوريّة.

وفي وقت إعداد التقرير قمنا بسؤال المزارعين عن سعر كيلو الخيار فأخبرونا بأنّ السماسرة يأخذون الكيلو بسعر 3500 ليرة، في حين كان سعره في سوق الخضار 6500 ليرة سوريّة، علماً أن سوريا تصدّر الخضار بشكل كبير للخليج والدول الأوربيّة عن طريق لبنان.

شاهد/ي: عمليات داعش الإرهابية .. تهديداتٌ لا زالت قائمة

احتكار تجارة الخضار

يحتكر عددٌ قليل من التجار المقرّبين من السلطة في دمشق تجارة الخضار الداخليّة والخارجيّة، حيث يولّون الاهتمام الأكبر لتصدير أعلى قدر ممكن من كميّات الخضار، حيث تُعتبر هذه التجارة من اهم مصادر القطع الأجنبي للسلطة، دون أن تأخذ بعين الاعتبار حاجات السّكان داخل مناطق سيطرتها لأي نوعٍ من أنواع الخضار ودون أن تتدخل في خفض الأسعار، بل تترك السلطة في دمشق سعر الخضار للعرض والطلب الخارجي وسعر صرف الدولار، رغم المآسي التي يعيشها السكان في مناطق سيطرة السلطة بسبب غلاء الأسعار وسوء التغذيّة، حيث وصل سعر كيلو البندورة لـ7000 ليرة والبطاطا ل7500 ليرة والخيارة ل6500 ليرة، وكلّها خضارٌ تُنتج محليّاً وبكميّات كبيرة، ولا تستطيع غالبية العائلات الحصول على كفايتها أو الحد الأدنى من متطلباتها من هذه الخضار، ومع ذلك فهذه الأرباح الضخمة لاتعود على المزارعين، بل على التجار المقرّبين من السلطة، حيث لم يعكس ارتفاع سعر الخضار لانتعاش قطاع الزراعة ولا لبحبوحة عند المزارعين، بل يعيشون الحرمان من خضارهم التي يزرعونها.

تُعد التدخلات ” الحمائيّة الحكوميّة” للأسعار من أبسط وظائف الدولة، وبغيابها يغيب معنى حضور الدولة، ويزيد الأمر سوءاً هو الدور السلبي التي تلعبة السلطة في دمشق، حيث تحتكر التجارة وتزيد الضغوط على السكان والمزارعين وتسلبهم قوت يومهم وتعبهم، لتتحوّل هذه السلطة لكابوس يعود بنا لزمن الإقطاع الجائر حيث يعاني الجميع في سبيل تكديس الثروة بيد حفنة من التجار والسياسيين.

أليمار لاذقاني- اللاذقية

المشاركة