قامت قوّات الإحتلال التركي بتنفيذ موجة ضربات جويّة باستخدام مسيّرات ومدفعيّة على مناطق شمال وشرق سوريا نهاية الشهر الأول من العام الحالي، حيث كانت هذه الموجة هي الأعنف بعد موجتين من الضربات في الشهرين اللذان سبقا الضربة، واستهدفت الضربات مواقع وأهداف مدنيّة وخدميّة وبنى تحتيّة، أدت لانقطاع كامل للتيار الكهربائي عن عدد كبير من قرى الحسكة والقامشلي و لنقصٍ شديد في موارد الطاقة.
وفي سابقة خطيرة استهدفت مسيّرة تركية في 11 شباط/فبراير الجاري، مركزاً لجرحى الحرب وسط مدينة القامشلي، مخلفا شهداء وجرى. هؤلاء الجرحى في المركز المستهدف كانوا ممن فقدوا أعضاء من أجسامهم في معارك تحرير المناطق السورية من سيطرة التنظيم الإرهابي داعش.
شاهد/ي: “التسويات” هيبةٌ لن تستعيدها السلطة.. درعا نموذجاً
في وقت ينشغل به العالم بأحداث غزّة، يستغل المحتل التركي الوضع لتنفيذ عدوان غاشم على أراضٍ سوريّة بهدف ضرب التجربة الديمقراطيّة للإدارة الذاتيّة واستمرار معاناة السوريين، الأمر الذي تستثمر به تركيا ودول المنطقة لتحقيق مكاسب سياسيّة داخليّة بوحشية تامة. كيف نظر أهل الساحل والعاملون والمهتمون بالشأن العام السوري لهذه الضربات وماهو موقفهم الذي سنحاول مقاربته من خلال هذا التقرير الذي اعتمد شهادات ولقاءات مع مختلف الفعاليات في الساحل السوري.
أهداف العدوان التركي
“الأطماع الاستعماريّة لتركيا لاتتوقف ولاتدعم سوى المتشددين الإسلاميين الذين يخدمون مصالح أردوغان العثمانيّة تحديداً” هذا ماقاله المعارض السياسي فخرالدين ع. (68 عاماً)، في مستهل حديثة عن العدوان التركي، حيث أكّد أن الرئيس التركي او ما بات يعرف بـ”الاردوغانية” لعبت بخبث في الملف السوري منذ انطلاق شرارة الحراك الثوري، ولعب على المشاعر الدينيّة ووظفها لخدمة مصالحه، كما أكّد أن الاحتلال التركي دعم الجهاديين فقط في سوريا، ذلك لضرب الثورة السوريّة أولاً وأحلام السوريين في وطن ديمقراطي حر، كما أكّد أن التجربة الديمقراطيّة للإدارة الذاتيّة ونجاحها في إدارة مناطقها بشكل ديمقراطي ودور مجلس سوريا الديمقراطيّة في قيادة قاطرة الحل السياسي في سوريا يقوّض المشروع التركي القائم على مزيد من الموت والدمار لـ سوريا، واختتم بالقول “بالنظر إلى الأطر والمشاريع المطروحة فأننا نرى في مسد التجربة الديمقراطيّة الأنصع في سوريا، ومن التجارب القليلة إن لم نقل الوحيدة القابلة للحياة على الأرض السوريّة”.
موقف الأهالي من العدوان التركي
قمنا بتوجيه بعض الأسئلة على عينة عشوائيّة من سكان الساحل السوري حول موقفهم من العدوان التركي على مناطق شمال وشرق سوريا، وجاءت معظم الإجابات بالإدانة المباشرة للعدوان على الأراضي السوريّة وضرب المنشآت النفطيّة وحقول الغاز والبنى التحتيّة التي هي ملك للشعب السوري وستقع أضرارها على كل فرد يعيش في سوريا، أيضاً إدانة التدخل التركي في الشأن السوري منذ البداية، حيث وصفهم البعض بالإخوان وآخرون بالاحتلال العثماني الجديد، بينما جاءتنا إجابات كثيرة تضع هذا العدوان ضمن حالة التدهور التي يعيشها السوريون في كل مكان ” حياة السوري صارت رخيصة” على حد تعبير أحدهم وهو تعبير دارج الآن في الساحل، كما عبّر آخرون بقولهم” أردوغان يريد إعادة السلطنة كالسلطان عبد الحميد” حيث تذكرهم الأطماع التركيّة الآن بحكايات شعبيّة حول السلطان العثماني عبد الحميد الثاني.
موقف السلطة في دمشق
يقول المعارض عمران ه. (54 عاماً) “ع قلبن أحلى من العسل” على حد تعبيره في وصف موقف السلطة في دمشق حول العدوان، فبعد استعصاء الحل السياسي في سوريا، وتسليم العالم للأمر الواقع في بقاء السلطة في مكانها بدعم من حلفائها، لاترغب السلطة في دمشق بوجود نموذج ديمقراطي عادل على الأرض السوريّة، وتعتبر تجربة الإدارة الذاتيّة في شمال وشرق سوريا نموذجاً قد يشكّل بديلاً عن السلطة والتطرّف الإسلامي الخياران القاتلان الذي تريد السلطة وحلفاؤها زجّ السوريين ضمنهما، لذا من الضروري ضرب هذه التجربة ووئدها، كما نوّه المعارض حاتم ع.(64 عاماً) إلى أنّ مشروع الحل السياسي الذي طرحته مسد يشكّل بديلاً حيويّاً وديمقراطيّاً لكل القوى والأحزاب السوريّة للدخول في مسار الحل، وبديلاً واضحاً لمسار أستانة الذي يحاول الإبقاء على الواقع السوري المرير لا بل تكريسه، ولذلك فإن المصلحة المشتركة بين الأتراك والسلطة في دمشق واضحة لاغبار عليها، وقد تكون هي أساس التوافق والتطبيع المزعم إحياءه بين الطرفين في المستقبل.
شاهد/ي: بالأرقام.. جرائم الاحتلال التركي وفصائله في عفرين السورية
أصبح جليّاً أن الاحتلال التركي يتحرك في الساحة السوريّة وفق أجندة تدميريّة واضحة، دون أن يأخذ بعين الاعتبار ايّة عوامل إنسانيّة أو أخلاقيّة، والأكثر وضوحاً من ذلك أطماعهم في الأراضي السوريّة وثرواتها، ومايحاول فعله الاحتلال التركي لن يكون ذا أثر بالغ على نسق مجلس سوريا الديمقراطيّة وخطّها الواضح في إطلاق العمليّة السياسيّة مع جميع الأحزاب والهيئات السياسيّة التي تقبل بالديمقراطيّة والحل السياسي طريقاً يحفظ سوريا من أطماع جيرانها، كما أن الثبات على المبادئ والدفاع المستميت عن حقوق السوريين في مناطق الإدارة الذاتيّة وحفاظ هذه الإدارة على مقررات عقدها الإجتماعي وحمايتها لجميع السوريين سيعرّي طبيعة هذه الضربات والأطماع التركيّة وسيحشد القوى الوطنيّة في خندق واحد للوصول للحل السياسي الذي سيضمن أمن وسيادة البلاد.
أليمار لاذقاني- اللاذقية