Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

تمايزت محافظة السويداء في فعلها وردّ فعلها على الحدث السوري منذ انطلاقة الثورة السورية عن باقي المحافظات، ذلك لأسباب تتعلق بطبيعة المحافظة وتنظيمها المجتمعي – الديني، الذي منح أهل السويداء قدرةً على التحصّل على الكثير من المكتسبات خلال الأحداث التي عصفت بسوريا، حيث شهدت المحافظة الكثير من مظاهر الاحتجاج والإضراب والتفاوض مع هيئات سلطة دمشق في كثير من المفاصل لسنا بوارد ذكرها الآن، إلى أن اندلعت احتجاجات شعبيّة واسعة في المحافظة وانطلقت مظاهراتٌ في مختلف مناطقها تطالب برحيل السلطة وتطبيق القرار 2254، ذلك في آب/أغسطس من العام الفائت، حيث بات من الصعب عودة المحافظة لما كانت عليه قبل انطلاق هذه الاحتجاجات بعد أن أعلنت قواها الشعبية افتراقها الكامل مع السلطة في دمشق، تلك السلطة التي أدارت الظهر لما يحدث في المحافظة واكتفت بتخوين سكّانها عبر بعض الإعلاميين المقرّبين منها، ليبقى مستقبل المحافظة والمنطقة الجنوبية عموماً مجهولاً يترنح بين عدّة احتمالات. أجرينا لقاءات وحوارات مع معارضينَ ونشطاء من الساحل السوري للوقوف على آرائهم حول ما حدث ويحدث في السويداء ومستقبلها.

شاهد/ي: الساحل السوري والعدوان التركي على شمال وشرق سوريا

القوى الفاعلة في محافظة السويداء

تنظّم الكثير من أبناء السويداء في مؤسسات وأحزاب معارضة سوريّة، لكن التنظيم الديني هو الأكثر شعبيّة وفاعليّة ولأنّه _ أي التنظيم الديني_ لا يبدو كتلة واحدة إلّا أنّه توزّع على ثلاث كُتلٍ رئيسيّة، وهي الكتلة الموالية للسلطة، والكتلة المعارضة للسلطة حديثاً مع الانتفاضة الأخيرة والكتلة المسلحة والمعارضة السابقة، إلّا أن أهل السويداء أمالوا الكفة للشيخ الهجري كقائد للحركة الشعبيّة ومرجعيّة لها، يقول المعارض والسجين السياسي السابق عمران ك. (64 عاماً): “لا نستطيع اعتبار التنظيم الأهلي في السويداء تنظيماً دينيّاً فهو لا يحمل أجندة “دينيّة” ولا يحاول تحقيق “مجتمع ديني”، ووضّح ذلك بشرحه المطوّل لطبيعة الديانة التوحيديّة الدرزيّة وبُعدها عن ثقافة التشريع والتكفير وتركيزها على الجانب الروحي من المعتقد”، كما أكّد لنا أنّ هذا التنظيم مجتمعيّاً أيضاً أكثر منه سياسيّاً حيث من الممكن أن يقود الاحتجاج لفترة مؤقتة وانتقاليّة، ومن ثم يعود لوضعه الطبيعي، وفي سياق آخر عبّر لنا المعارض نعمان ط.( 54 عاماً) عن قناعته بأن “حزب اللواء” الذي ظهر أخيراً في المحافظة وبدأ ينشط مع الحِراك يقوم بلقاءات ونشاطات مع نشطاء وفاعلينَ في المحافظة بالإضافة لحوارات مع مشيخة العقل مرجّحاً أن يقوم بدور محوري وفاعل في مستقبل السويداء لما يحمل من خصائص تناسب طبيعة المحافظة ويقوم بدور البديل المطمئن لمشيخة العقل وباقي القوى الفاعلة على حدّ تعبيره.

وعن الأحزاب والتيارات الأخرى فقد استبعد معظم من أجرينا معهم الحوارات أن تكون هناك أدوار قويّة وفاعلة لباقي الأحزاب، مع تأكيدهم على نشاط الكثير من المتحزبينَ والمثقفينَ من أبناء السويداء مع كافة القوى الفاعلة، ونشاطهم في الحوارات واللقاءات التي تجري في المحافظة، إلّا أن الظروف الموضوعيّة لأحزابهم ماتزال بعيدة عن القدرة بالقيام بهذه الأدوار.

احتمالات المستقبل

مع استعصاء الحل الشامل في سوريا وإصرار القوى الفاعلة على الأرض في محافظة السويداء على شكل الحل الكامل المتمثل برحيل السلطة وتطبيق القرار الأممي 2254، لا يبدو أن هذا الاحتمال قائمٌ على المدى المنظور، وذلك لعدّة أسباب أهمها تعنّت السلطة في دمشق وارتهان الوضع السوري لفاعلينَ دوليينَ، ومع بقاء الحل بعيداً فإن بقاء الوضع في المحافظة على ما هو عليه الآن يبدو مستبعداً أيضاً مع استفحال الإشكال الخدمي والمعيشي _ السبب المباشر لخروج المظاهرات_ وتفاقم مشكلات أمنيّة لها علاقة وطيدة مع انسحاب السلطة في دمشق من المشهد السياسي والأمني في المحافظة كانتشار السرقات وحوادث القتل وتهريب المخدرات، وبهذا الصدد يقول المعارض غياث د. (66عاماً): لا يمكن أن تعود المحافظة لحضن السلطة، فهو أمرٌ بات من التاريخ، ولاحلٍّ سوى اللامركزيّة، حيث أكّد لنا أن عودة المحافظة لحضن السلطة بات من المستحيل ذلك من جانبَين؛ أولهما جانب السلطة، التي لا يمكن أن تعود وتحكم السويداء بعد أن كسر أهل السويداء رموز السلطة وأعلنوا انعتاقهم من نيرها، ومن جانب آخر لا يمكن لأهل السويداء أن يعودوا لحضن السلطة بعد أن ذاقوا طعم الحريّة على حدّ تعبيره.

شاهد/ي: “التسويات” هيبةٌ لن تستعيدها السلطة.. درعا نموذجاً

ليبقى خيار إدارة أهل السويداء لشؤونهم هو الأقرب للواقع والأنسب، حسب ما صرّح به معظم مَن التقيناهم، حيث يقوم سكان المنطقة بتحديد ما يناسبهم وما لا يناسبهم، كما أنهم يقررون شكل علاقتهم مع المركز وفق مصلحة المجتمع، الأمر الأقرب للديمقراطيّة والأكثر نجاحاً في نيل الحقوق، ضاربينَ لنا أمثالاً من أنظمة الدول المتطورة حيث اعتبر الكثير من المعارضينَ أن اللامركزيّة هي أولى خطوات الديمقراطيّة، وأن الديمقراطيّة اللامركزيّة لأي دولة أفضل بكثير من قيادة مركزيّة قمعيّة، حيث يقرر الناس شكل النظام الذي يودون العيش فيه وطبيعة علاقتهم مع المركز.

كما شدّد المعارض موفق ح. (72 عاماً) على أهميّة اللامركزيّة، إذ إنّه وبحسب تعبيره، فإن الأنظمة المركزيّة ستؤدي بالضرورة لحالة قمعيّة سلطويّة، فالمركز لا يستطيع الوصول للجميع ولا يستطيع سنّ قوانين تخصّ الحياة اليوميّة تناسب الجميع، فلكل منطقة شروطها وظروفها، هذا في حال كانت السلطة المركزيّة بأفضل حالاتها، فما بالك بسلطة قمعيّة لا تعتبر نفسها معنيّة بخدمة الآخرين بل بترهيبهم، وأردف قائلاً: إن انعتاق أهلنا في السويداء من نير السلطة إنجازٌ لابدّ من الحفاظ عليه.

لقد شكّلت الاحتجاجات الشعبية في السويداء نقلة نوعية في التعبير عن رفض استمرار حكم سلطة الاستبداد المركزي، حيث يتّفق غالبية السوريون في الساحل مع مطالب بنات وأبناء السويداء ويؤيدون فكرة إدارة لامركزية تتيح لكل منطقة التعبير عن هويّتها التي تُعتبر جزء من الهوية السورية المركّبة والجامعة لكل الهويات الفرعية.

أليمار لاذقاني-اللاذقية

المشاركة