Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

تعيش كل المدن السورية صراعاً يومياً مع الغلاء الذي طال كلّ مناحي الحياة، لكن ما يُلفت النظر هو أن حلب على مدى تاريخها كانت عاصمة البلاد الاقتصادية، فهي رئة سوريا كما يحلو للسوريين أن يطلقوا عليها، لكن غياب السياسات الاقتصادية المجدية ساهم في تدهور الوضع المعيشي بشكل سريع، وتقهقر نشاطها الاقتصادي أشواطاً إلى الخلف.

حلب أهم مدينة سورية فيما يخص الناتج المحلي، وصناعة النسيج فيها حقّقت شهرة عالمية، وكان الاقتصاد المحلي للمدينة يساهم بـ 24 بالمئة من الانتاج السوري، إلا أن الهم الأول لأهلها اليوم هو تأمين لقمة العيش اليومية.

وسط أزماتٍ اقتصادية ومالية خانقة تضرب الاقتصاد السوري منذ مدّة طويلة تزداد الآفاق المستقبلية قتامة مع توالي الأزمات الخارجية التي تفاقمت ووصل صداها لبيوت السوريين.

شاهد/ي: هجرة شباب الساحل استنزافٌ دائم وأفقٌ مغلق

ورغم انخفاض وتيرة الحرب في سوريا، فإن الوضع الاقتصادي آخذٌ في التدهور، أسعار السلع باتت باهظة مقارنة بالرواتب، فالقنابل غابت عن أجواءٍ كبرى من الأراضي السورية لكن القنبلة الراكدة هي زيادة الفقر.

تزداد معاناة المواطنين في مناطق سلطة دمشق، حيث يعيشون أوضاعاً مادية واقتصادية صعبة نتيجة غلاء أسعار المواد الأساسية وانعدام فرص العمل وتدنّي أجور العمال ورواتب الموظفين، تزامناً مع الانهيار المتواصل لقيمة الليرة السورية.

ويأتي ذلك وسط إثارة السلطة الجدل بقراراتها المتعلقة بأسعار المواد الغذائية والمحروقات وكل ما يتعلق بالقطاعات الخدمية والتجارية ولعل أكثر القرارات التي أثارت استياءً كبيراً بين المواطنين، الرفع المتكرر لأسعار المحروقات.

فمؤخراً قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك برفع أسعار المحروقات للمرة الثالثة على التوالي منذ بداية العام الحالي على الرغم من الوضع الاقتصادي والمعيشي السيء لغالبية السكان الذين يأنّ أكثر من 95 بالمئة منهم تحت خط الفقر.

ووصل سعر لتر البنزين أوكتان 95 إلى أكثر من 14100 ليرة سورية، ولتر البنزين أوكتان 90 إلى 11000 ليرة، أما سعر لتر المازوت الحر فقد وصل إلى 12290 ليرة.

قرارٌ أثار غضباً واستياءاً كبيرَين في الشارع السوري عموماً، حيث يقول أحمد عيسى، أن غلاء الأسعار تفوق قدرتهم بكثير، متّهماً الحكومة بأنها تسعى لتجويع المواطنين عبر سنّ القوانين وإصدار القرارات، وعدم مراقبة الأسواق وحالة الاحتكار التي تجري من قبل التجار.

تفاقمت أزمة الفقر التي تعاني منها البلاد إلى حدٍّ كبير، وبات العمل في جمع المواد البلاستيكية والكرتون مصدر دخلٍ للعشرات من العوائل في مدينة حلب، حيث تقول السيدة عبير الحاج، التي فقدت زوجها بعد صراعٍ طويل مع المرض “منذ عامين بدأت أنا وأطفالي الـ 5 الصغار بينهم ابنتان بالعمل في جمع المواد البلاستيكية والكرتون لبيعها نهاية اليوم مقابل الحصول على مبلغ زهيد”.

وتتابع السيدة ذات الخمسين عاماً “مع ساعات المساء من كل يوم، نغمس أيدينا في أكوام النفايات المتروكة في الشوارع والأزقّة في مدينة حلب بحثاً عن البلاستيك والكرتون، لكي نؤمن لقمة عيشنا”، غير مبالينَ للأمراض التي قد تسببها مقابل حصولهم على بعض النقود.
وتشير عبير إلى أن هذا العمل لا يحقّق مدخولاً كبيراً، إذ ثمة كثيرٌ من الناس يلجؤون إلى جمع المواد البلاستيكية في الشوارع نتيجة عدم توفر فرص العمل.

شاهد/ي: حراك السويداء ومتغيراتها بعد استشهاد أول متظاهر

هذا وتشتهر مدينة حلب بالمال والأعمال والاستيراد والتصدير لجميع المحافظات السورية ولعدّة دولٍ في الجوار، لكن اليوم معظم تجّار حلب توجهوا إلى دولٍ مثل مصر والأردن والعراق وغيرها، ليستثمرو أموالهم فيها، لكن السكان الأقل حظّاً اضطروا للبقاء في المدينة، ويبقى التحدي الأول أمام الاهالي بعد مخاطر الحرب الحفاظ على استمرارية الحياة.

عاصمة الصناعة السورية مهمّشة بشكل كامل، وتحوّلت إلى مدينة معطلة الإنتاج عاجزة عن ردف السوق السوري بما يلبي احتياجاته، مما زاد معدل البطالة، وفاقم الوضع الاقتصادي سوءاً أمام المواطن الحلبي.

العديد ممن تواصلنا معهم في هذا الصدد أبدوا امتعاضهم من قرارات سلطة دمشق وتكرار رفع أسعار المحروقات وحوامل الطاقة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على ارتفاع أسعار معظم المواد، وهذا يؤثّر بشكل حتمي على ارتفاع أسعار الصناعات وانخفاض القدرة الشرائية للمستهلك وفق تصوّرهم.

التاجر، بكري ع، أحد تجّار مدينة حلب، يقول إن القرارات الأخيرة التي استهدفت شريحتهم كتجّار من رفع أسعار المحروقات ورفع الضرائب ستؤدي في نهاية ما أسماه بالمهزلة إلى إيجاد طريق للسفر والاستثمار في بلاد أخرى بحسب ما أفاد.
الحلبيون يقولون إن مدينتهم لن تعود كما كانت، ويضيفون أن حلم عودة الحياة إلى طبيعتها بات يتضاءل شيئاً فشيئاً في ظل العوز والعجز المالي، وغياب السياسات الحكومية المُجدية.

لينا العلي-حلب

المشاركة