مدينة حمص ليست استثناءاً عن باقي المدن الواقعة تحت سيطرة السلطة، فالأزمات واحدة والمخاوف المعيشية الصعبة تُلقي بظلالها على واقع المدينة، والتي تعاني تردٍّ كبير في مستوى الخدمات، الأمر الذي كان سبباً في تعالي أصوات المواطنين، والمطالبة بتغير الواقع الذي تعيشه المدينة، ولعل ما حدث قبل أيام في حي الزهراء، حيث قام أحد المواطنين بضرب معتمد مادة الخبز في الحي، حين رفض إعطاءه مخصصاته اليومية من مادة الخبز “المدعوم”، قائلاً بحسب شهود ” حتى الخبز عم تحاربونا عليه بكفي ذل أنا خسرت ٣ شباب بالحرب وشهداء مو مشان عنصر بالأمن يمنع عني الخبز”، حينها تدخل بعض عناصر الأمن وقاموا باعتقاله، الأمر الذي ينبئ بمسار جديد قد تشهده مدينة حمص.
الأزمة الاقتصادية الخانقة في سوريا، يقول البعض أنها جاءت نتيجة للعقوبات الأمريكية، لكن الواقع يقول غير ذلك، فما أكده عبد العزيز السليم( 67 عام) من سكان حي الزهراء في حمص، وهو متقاعد عسكري، بقوله ” لا عقوبات ولا غيرا نحنا الفساد أكلنا والنظام مبسوط بعذابنا والزعران يملؤون الشارع ويسجلون كل حركة وكل همسة، ما علاقة امريكا براتبي الذي لا يتجاوز ٢٣٠ ألف ليرة سورية، يا دوب عم ناكل خبز”.
ونتيجة عدم قيام السلطة بأي اجراءات من شأنها الحدّ من استمرار الواقع الصعب الذي يعاني منه أهالي مدينة حمص، فقد تعالت الأصوات داخل المدينة من سكان وتجار ومختلف الفئات، بضرورة إيجاد حل، والعقوبات غير مقنعة، واختفاء المحروقات من الأسواق غير مقنع، لكن أهالي حمص يقولون بأن كل شي متوفر، ” تعا لاخدك وتعبي ألف ليتر مازوت بالسعر الحر” هذا ما قاله أحدهم. وبالتالي فإن مدينة حمص وساكنيها يعانون من واقع يبدو أن لا حلّ له.
شاهد/ي: حماه من جديد تكسر حاجز الخوف
ونتيجة الصعوبة الكبيرة في تأمين لقمة العيش بسبب ضعف الرواتب الحكومية وعدم توفّر فرص العمل والغلاء الكبير في سعر السلع الغذائية والوقود، بات وضع المواطن السوري في مدينة حمص لا يُطاق، مما يدفع بهم هذا الحال نحو المطالبة بتحسن أوضاعهم المعيشية، الأمر الذي دفع بالجهات الأمنية إلى تكثيف انتشارها في أرجاء مدينة حمص، وسط حملة من التدقيق وتفييش أسماء المارة من قبل عناصر الدوريات لأسباب غير معلنة. وهذا ما أكده محمد عبد السلام الحمصي( 46 عام) بقوله، “في أحياء المدينة هناك حالة أمنية مشددة ومكثّفة، فالتجوال بعد الساعة الثامنة مساءً قد يجلب لك الويلات، فإن لم يعترض طريقك أحد الزعران التابعين لأحد تُجار الحرب، فحتماً ستعترض طريقك دورية أمنية وتبدأ الأسئلة ” لوين رايح ووين كنت وأنت خادم جيش”، فضلاً عن التدقيق بمعلومات الهوية الشخصية فإذا كنت من سكان حي الزهراء فإن وجودك في حي الإنشاءات يُعد أمراً غريباً ومريباً للجهات الأمنية”، ويختم محمد، لكن كل القصة تنتهي 1000 ليرة لأحد العناصر والسلام. بحسب ما قاله محمد.
إلى ذلك، فقد أكد كثيرون من أهالي حمص أن هناك دورية أمنية مشتركة انضمت مؤخراً إلى حاجز كراج الانطلاق على مدخل حمص الشمالي، حيث بدأت الدورية الأمنية بالعمل على إيقاف جمع السيارات الراغبة بدخول المدينة ليتم العمل على تفييش أسماء الركاب وأصحاب السيارات الخاصة قبل السماح لهم بدخول المدينة.
من جهة ثانية، فإن هناك تعزيزات أمنية وصلت أيضاً إلى حاجز دوار تدمر على المدخل الرئيسي لمدينة حمص من الجهة الجنوبية على اوتوستراد حمص- دمشق لذات الخطوة، الأمر الذي أدى لحدوث طوابير من السيارات التي تجبر أصحابها على التوقف لساعات قبل التمكن من عبور الحاجز، ورغم الأنباء التي تحدثت في وقت سابق عن إزالة بعض حواجز السلطة وتحديداً على المداخل وحتى داخلها، فإن واقع مدينة حمص يدحض تلك الأنباء.
شاهد/ي: الخارجية الأمريكية: يجب إشراك مسد في العملية السياسية والوعد بغدٍ سوري مشرق
وبغض النظر عن المعلومات السابقة، فإن أحياء مدينة حمص وتحديداً حي الزهراء والأرمن وشارع الستين وحي باب السباع، فإن تلك الأحياء تشهد تواجداً أمنياً مكثفاً بخلاف الفترة الماضية. نشطاء مدنيون أكدوا أن التواجد الأمني الكثيف جاء متزامناً مع وجود أنباء تحدثت عن إمكانية حصول تحركات شعبية من قبل أبناء الأحياء السابقة للمطالبة بتحسين الوضع المعيشي، لا سيما بعدما تسبب تدهور العملة المحلية أمام باقي أسعار صرف العملات بعجز شريحة واسعة من المقيمين ضمن مناطق السيطرة الحكومية من تأمين لقمة عيشهم.
واللافت أن “مجموعة 10 آب”، والتي انطلقت في الساحل السوري، بثّت قبل أيام فيديو من حي الإنشاءات في حمص، وظهر في الفيديو شخص ملثّم يقول “لابد من التحرك السلمي في وجه النظام وضرورة محاربة فساد رؤوسه”، لكن حتى اللحظة لم يتم التأكد من صحة الفيديو.
في حمص كما باقي المدن الواقعة تحت سيطرة السلطة، هناك واقع صعب وهواجس العودة إلى المربع الأول، حيث الاعتقالات التعسفية وتكتيم الأفواه، خوفاً من تحركات شعبية واسعة نتيجة فساد السلطة وفساد ممثليه، واليوم تشهد مدينة حمص واقعاً صعباً، فالكهرباء لا تأتي، والمياه لا تجد طريقها إلى صنابير المواطنين، وفي هذا الشتاء لا توجد محروقات، والأسواق تئنّ تحت نار الأسعار، والمواطنون في حمص حائرون وعاجزون عن تأمين قوت يومهم، فإلى متى نبقى صامتين يقول أحدهم.
سحر الحمصي- حمص