Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

بقلم علي رحمون

لا يمكن قراءة المشهد السوري؛ الآن دون العودة الى البدايات ولو بشيء من التكثيف وبخطوطه العامة والعريضة، خاصة ً وأن ما جرى في سوريا من حراك شعبي وثورة لم يكن بمعزل عن محيطه بالدول الأخرى وماسمي بـ” الربيع العربي”، وامتداد لهيبه الى سوريا والتي بدأت إرهاصاته في 17 شباط/فبراير عام 2011 حين أهان شرطياً مواطناً بضربه في منطقة الحريقة بقلب دمشق هاتفينَ ” الشعب السوري ما بينذل …وحاميها حراميها” ثم جاءت أحداث درعا على خلفية كتابة شعارات على الجدران واعتقال أطفال درعا الذي سبّب بخروج مظاهرات شعبية.

أول مظاهرة انطلقت نظّمها ناشطو المجتمع المدني في سوق الحميدية في 15 آذار/مارس عام 2011 بشعار “الله سوريا وحريه وبس”. وبدأت الدعوة للثورة من خلال صفحات مجهولة النّسب والانتماء تحت أسماء مختلفة “مؤيدة للثورة” وفي يوم الجمعة 18 آذار/ مارس، تمت الدعوة لتظاهرة ” جمعة الكرامة”، واجه النظام المظاهرات والحراك الشعبي السلمي وفي مختلف المدن السورية بالقمع والرصاص وبذلك تحوّلت الشعارات من الحرية والكرامة والمطالبة بالإصلاح الى الدعوة لإسقاط النظام .

في بداية الحِراك لم يكن للأحزاب والقوى السياسية دوراً فعّالاً تنظيمياً أو حتى موجّهاً بما يجري وكل ما فعلته هذه القوى هو محاولة اللحاق بالحراك الشعبي، وبدلاً من أن تقود القوى السياسية ” الضعيفة والمغيّبة أصلا عن دورها ” نشأت لجان التنسيق المحلية من سياسيين وناشطين شباب مدنيين وهدفت هذه اللجان لتوحيد الجهود ومتابعة الحراك الميداني، وتشكّلت هذه اللجان بالتشارك ومتابعة من بعض الشخصيات السياسية وبعض القوى السياسية الناشطة ممن تبقّى من تجمّع ” إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي” الذي نشأ عام 2005 ومن أهم الموقّعين على الاعلان ( التجمع الوطني الديمقراطي وأحزاب كردية والآشوريين وحزب العمل الشيوعي إضافة لحزب الإخوان المسلمين وشخصيات سياسية مستقلة) الذي دعا إلى إنهاء حكم الاستبداد وإقامة نظام ديمقراطي تعددي، والانتقال التدريجي والسّلمي للديموقراطية والمساواة بين جميع المواطنين في سوريا علمانية وذات سيادة “( لم يستمر أكثر من سنة بسبب الخلاف حول علمانية الدولة انسحب الإخوان بعام 2006 من الإعلان ثم بالتتابع انسحب حزب الاتحاد العربي الاشتراكي ومن بعدهم انسحب حزب العمل وحزب البعث الديمقراطي لخلافات سياسية وتنظيمية خاصة بعد أن تمّ اعتقال قيادات الإعلان).

شاهد/ي: الحرب مع الحقيقة

ومع بداية الحِراك الشعبي دفع بعض القيادات السياسية الدعوة إلى تنظيم الحراك والاحتجاجات ومن أهم الشخصيات التي دعت لذلك ( ميشيل كيلو وبرهان غليون وحسين العودات وعارف دليلة وعبد العزيز الخيّر وحبيب عيسى وحازم نهار وغيرهم)، ودعوا كلّ أحزاب المعارضة للالتقاء مجددا وترك كل خلافاتهم السياسية وحتى الشخصية جانبا بهدف وضع رؤية واضحة وموحّدة للأحداث التي تجري، ونتج عن هذه الدعوة تأسيس هيئة التنسيق الوطنية، من 15 قوة سياسية وبعض الشخصيات المستقلة في 30 حزيران/يونيو عام 2011، لكن سرعان ما كان للتدخل الخارجي يد مباشرة في حصول أول انقسام لقوى المعارضة السورية ليتم تشكيل المجلس الوطني السوري وبرعاية قطرية وتركية في نهاية عام 2011 ليطرح نفسه ممثل سياسي للثورة السورية والذي تكوّن من 310 عضو من” الحراك الثوري” غالبيته من الإسلاميين وكتلة المستقلين الليبراليين مع مَن تبقى من إعلان دمشق مع الكتلة الوطنية الكردية وبعضا من ربيع دمشق وبعض من الشخصيات المستقلة ومع ذلك لم يستطيع المجلس تمثيل كل أطياف المعارضة السورية فجرى توسعته بضم بعض المجموعات السياسية بالدوحة في تشرين الأول/أكتوبر عام 2012 وتشكل ” الائتلاف الوطني للتغيير “.

وأصبح يمثّل طيفاً من المعارضة السورية حيث جرى تشكيله من أجل نيل الاعتراف الدولي الواسع، ومن جهة تانية للحصول على الدعم المادي والمعنوي، وبالفعل حصل على الاعتراف الدولي وتم تقديم الدعم المالي الهائل له ، لكنه عجز عن تحقيق اهدافه ،وعجز عن تمثيل كل المعارضة السورية فبقيت هيئة التنسيق الوطنية خارج الائتلاف وكذلك بعض القوى السياسية المهمة والمؤثرة، رغم الآمال الكبيرة على الائتلاف فقد عجز عن تحقيق أيٍّ من تطلعات شعبنا وسرعان ما تلاشت هذه الآمال وخبت لأسباب كثيرة منها اعتماده على التدخل العسكري الخارجي وعدم اعتمادهم على بيان جنيف رفم 1 في 30 حزيران/ يونيو عام 2012 خاصة وأن المجتمع الدولي أصبح هو المتحكم في مجرى الأحداث السورية، وكذلك الأمر تلاشت الآمال في أداء الائتلاف وخضوعه لأجندات خارجية وضعف قيادته وهيمنة الإسلاميين عليه وبالتالي ومن الأيام الاولى بدأت بعض القوى تنفض وتبتعد عنه وبدأت شعبيته بالتراجع حتى وصل به الأمر أنه لا يمثل إلا نفسه والتيار الإسلامي وشخصيات إسلامية تحت راية المستقلين.

لولا استمرار وجود المجلس الوطني الكردي ضمنه مع المنظمة الآثورية وحتى يمكنني القول ان دوره تضاءل ليصبح فقط عبارة عن جزء من هيئة التفاوض حتى أصبحت هيئة التفاوض تنازعه على الشرعية بالتمثيل السياسي. وهيئة التفاوض التي انبثقت عن مؤتمر الرياض كانون الأول/ ديسمبر عام 2015 وكانت مهمتها الإشراف على العملية التفاوضية مع النظام السوري ضمن مسارات ترعاها الأمم المتحدة ( ممثلين عن الائتلاف والفصائل المسلحة وهيئة التنسيق وممثلين عن منصة موسكو ومنصة القاهرة).
تم إقصاء بعض القوى السياسية الوطنية السورية وخاصة الكردية ومجلس سوريا الديمقراطية واحزابه وذلك بفيتو تركي وفي العام ذاته بدأت فكرة الدعوة لمنصة أستانا الروسية وواجهتها كانت /رندا قسيس/ وبشهر نيسان/أبريل 2017 اجتمعت رندا قسيس ( كمنصة استانا ) مع مجموعة العمل على الدستور السوري المستقبلي وتمهيدا للدعوة لمؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي الروسية ومنه انطلقت مقررات سوتشي ومنها ما يخص اللجنة الدستورية وماسمي بعد ذلك بـ مسار استانة والذي كان له دورا كبير في المماطلة بتنفيذ وتفريغ القرار الأممي 2254 من محتواه.

هكذا استطاعت الدول المتدخّلة بالملف السوري على خلق أدوات سورية تعمل على تنفذ أجندتها، فبقيت مرة أخرى القوى السورية منقسمة حتى على ذاتها ومتشظية ودون رؤية متوافقة على اهداف موحدة لبناء وطن واحد يضمن الحرية والكرامة الإنسانية لشعبه.

ساعدهم بذلك التشظي لعبة النظام القديمة الجديدة بتفتيت وتقسيم القوى السياسية وإعطائها الوعود الكاذبة والمماطلة والتسويف وتعنته الدائم لتحقيق أي هدف أو مطلب مهما صغُر وكان العامل المساعد له بتحقيق ذلك وجود حلفاء لهذا النظام أقوياء على الأرض السورية ( روسيا وإيران)، وبالمحصلة لم تكن هناك نخب سياسية بمستوى الحدث السوري والقادرة على قيادة الحراك السوري لبرّ الأمان في ظل ضعف و قصور بإدراك ما يجري في سوريا وآلية التعامل معه، وبدلاً من مراجعة الذات وتقييم الوضع لوضع خطة عمل تناسب المرحلة فما زالت هذه القوى تعاند الواقع وتختبئ وراء مبررات مختلفة لتبرير عجزها وفشلها.

شاهد/ي: الثورة السورية.. أسبابها وتداعياتها

الآن سوريا بكاملها مع شعبها بخطر حقيقي من مستقبل مبهم وقاتم جداً يبدأ بشبح التقسيم والارتهان وقد تذهب البلاد نحو مزيدٍ من الطغيان والحروب وحتى الاحتلالات، خاصة وأن النظام السوري لم يوافق وحتى اليوم على أي حلّ مطروح للخروج من الكارثة التي تحيق بنا كسوريين وعلى كل المستويات ولن يوافق لأنه نظام مستبد و عاجز وغير قادر على تقديم اي شيء، وكان دوما معرقلا ومتعنتا تجاه اية حلول طرحت عليهه.

بناء على ما تقدّم و في ظل هذا الوضع وحالة المعارضة وهشاشتها اذ يتوجب علينا كسوريين العمل بكل جدّية على تحقيق التوافقات المشتركة والاجماع الوطني على أهداف ورؤية موحّدة ، علينا العمل على خلق روح جديدة مبتكرة لمستقبل وطننا من خلال التوافق على مشتركات تجمعنا وتكون نواة أولى لبناء اجتماع سياسي وطني توافقي بين القوى والشخصيات السياسية قادر على تحقيق وتمثيل تطلعات السوريين بالحرية والكرامة والمواطنة المتساوية. هذا الوضع الكارثي يحتاج الى طرف سوري منظّم وذات مصداقية ومتماسك و بقيادة سياسية حكيمة وطنية محكومة بضوابط وقيم وطنية ومرونة عالية بالعمل والقبول بالآخر ومن دون أي إقصاء وتهميش. نحتاج لقوة سياسية حقيقية و فاعلة تعيد الملف السوري على طاولة المجتمع الدولي لنعيد الأمل بإيجاد حل سياسي يلبي تطلعات الشعب السوري بالحرية والكرامة. سعى مجلس سوريا الديمقراطية ولايزال بالحوار مع كل القوى والأحزاب السياسية الوطنية والمؤمنة بأن السبيل الوحيد للخروج من مأزقنا وكارثتنا هو الحل السياسي السلمي المبني على اساس القرارات الدولية واولها القرار/ 2254 / .ومن خلال الحوار السوري – السوري بين المعارضة الوطنية و الذي يعتمده مجلس سوريا نهجا له ، هذا الحوار لن يتوقف حتى يتم تحقيق التوافقات والمشتركات بالرؤى والاهداف وصولا لمؤتمر يضم كل القوى الوطنية الديمقراطية والشخصيات السياسية المستقلة للوصول الى الحل السياسي الذي لن يتوج إلا من خلال تنفيذ القرار الدولي /2254/ والذي يحقق الانتقال السياسي لتحقيق سوريا الديمقراطية الموحدة على اساس لامركزي والتي تحقق المواطنة المتساوية لكل السوريين، لذلك ووفق مقررات المؤتمر الرابع لمجلس سوريا الديمقراطية مستمرين بالحوار والعمل الجاد مع بقية القوى والشخصيات الديمقراطية للوصول الى التوافقات بالرؤى والاهداف على مسار ستوكهلم لتحقيق هذا المؤتمر الذي سيكون سيد نفسه كخطوة أولية.

علي رحمون
نائب الرئاسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية

المشاركة