Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

بقلم: أحمد أعرج

ترتبط الهوية الوطنية السورية بمجموعة محددات تعزّز حضورها ونموها، في مقابل مجموعة عوامل تسبب تراجعها لصالح تصاعد هويات ثانوية اثنية وطائفية وجهوية مدمرة لمفهوم الوطن السوري والمواطنة المتصلة به.
ويمثّل التخندق حول الطائفية، بالأخص، أكثر العوامل سلبية في تفتيت النسيج السوري واغتيال الهوية الوطنية لصالح مشاريع إقليمية عابرة للحدود ذات أبعاد دينية تاريخية تمازجت فيها المصالح القومية بالامتدادات الدينية . وهذا يحيلنا إلى دور قوى الاحتلال والنفوذ الخارجي في تأجيج الطائفية ودعم الحركات ذات التوجّه والبُنى الطائفية باعتبارها حوامل للمصالح القومية لتلك الدول ، ويحضر في مقابل ذلك، الدور الإيجابي ذات البُعد الوطني للعديد من الحركات والأحزاب الوطنية الفاعلة التي عملت على منع إثارة هويات ما قبل الدولة المختلفة في سوريا والتلاعب بها لصالح المشاريع الخارجية الخبيثة .

إن الجغرافيا قضاء وقدر وقع السوريون في شركه ومن المسلّم به أن السوريين لم يشاركوا في إنتاج واقعهم الجغرافي، الذي أصبح نتيجة أهميته وحساسيته البالغة خلال كل الأزمنة أحد أهم عناصر الهوية السورية، بعض هذا الواقع تدخلت في نسجه أذرع السياسة الدولية من خلال دور الفرنسيين والبريطانيين في رسم الحدود الحالية عبر اتفاقية سايكس – بيكو، عندما كانت هاتان الدولتان تمثلان النظام الدولي الحاكم قبل مئة عام.

واليوم تتكرر أخطار الرسم العبثي للخرائط من قبل النظام الدولي بوجود المحتل التركي في الأراضي السورية المحتلة شمالاً وارتباط هذا المحتل بحلف الناتو وريث النظام الدولي السابق حتى اللحظة.

شاهد/ي: تمكين الشباب ركيزة أساسية لبناء الديمقراطية والازدهار المجتمعي

في هذه اللحظة الدولية الفارقة حيث تتبدل معادلات النفوذ بشكل متسارع يكثّف المحتل التركي من جهوده لاحتلال الشمال السوري ويمارس ما يستطيع من سياسات التتريك الممنهجة بما في ذلك بناء المستوطنات ضمن سياق سياسة شاملة للتغيير الديمغرافي للمدن المحتلة في الشمال، على غرار ما ارتكب قبل مئة عام في لواء اسكندرون المحتل، ببساطة يستعمل الأتراك كل غريزتهم وخبرتهم العريقة في الابادة والاحتلال والاقتلاع، ما يحتّم ضرورة تضافر الجهود الداخلية لمواجهة هذه المشاريع الطورانية
التي تجري بتواطؤ وتحت ستار دخاني تؤمّنه المعارضة الخارجية المدعومة من قبل المحتل التركي والمرتزقة لصالح هذا المحتل استنادا إلى عوامل طائفية يمتطيها الأتراك ومرتزقتهم لتبرير واقع الارتزاق الذي أصبح مضرب مثل في الواقع السياسي المعاصر وتعددت ساحاته بين ليبيا واذربيجان واوكرانيا والنيجر ومالي.

إن استعمال الأتراك واتباعهم للإسلام السياسي يمّثل اسطع مثال على دور النفوذ الخارجي في تدمير الهوية الوطنية السورية استنادا إلى عوامل طائفية من أجل زرع الخلافات بين مكونات المجتمع السوري وضربها بعضها ببعض وتهيئة الأرضية للتقسيم وتمكين المحتل التركي من تنفيذ مشاريعه التوسعية في المنطقة .

وهنا وبالرغم من خطر التخندق حول الطائفية الذي يؤثر على المدى الطويل في الموزاييك والنسيج السوري الغني، فإنه يمكن القول أن بنية الشعب السوري لا تزال متماسكة وهو تماسك يحتم على الأحزاب والشخصيات الوطنية إلى جانب وسائل الإعلام والمؤسسات المجتمعية العمل على إعادة صياغة وإنتاج الهوية السورية بشكل أكثر مناعة في مواجهة مشاريع التفتيت الطائفي.

إن الصراعات القائمة في سوريا تحاول إنتاج هويات بديلة أو تكييف الهوية السورية استنادا إلى الأيدولوجية وهذا ما كان واضحاً في تجربة حزب البعث الذي حاول تكييف الهوية السورية وفقاً لايديولوجيته القومية العربية ما ساهم باندلاع شرارة الصراع الكبير والمركّب عام 2011.

وعلى النقيض من محاولات تفتيت وإنتاج هويات بديلة وتكييف الهوية السورية هناك عوامل تعزز الهوية الوطنية فالتاريخ المشترك الذي يربط بين أبناء الهوية الوطنية الواحدة راسخ رغم كل الدمار والتشظي، وهذا التاريخ المشترك يحتاج فضاء ديمقراطي كي يمارس فعله لذا ستظل الديمقراطية هي الضامن الأول للهوية الوطنية ومن خلالها يتحقق مبدأ العدالة والمساواة وانعدام التمييز وصون الحقوق وسيادة القانون.
في حين يرتبط غياب الديمقراطية بانحسار الهوية الوطنية لصالح هويات ما قبل الدولة والمواطنة التي تنمو في مستنقع الطغيان السياسي والاجتماعي والديني .

وفي سياق الديمقراطية الاجتماعية وتطبيق الديمقراطية على المجال الاجتماعي يصبح تعزيز وتمكين دور المرأة في كافة المجالات عاملاً أساسياً للحفاظ على الهوية الوطنية الجامعة.

نحن في حزبنا “حزب التحالف الوطني الديمقراطي السوري” بالتعاون مع العديد من الأحزاب والشخصيات الوطنية عقدنا ندوات وحوارات عدة فيما يخص الهوية الوطنية وخرجنا منها بتوصيات ومقترحات تخص الهوية الوطنية يمكن وصفها ب”رؤية سورية متكاملة للهوية” :

على سبيل المثال من تلك المقترحات والتوصيات:

* الهوية خيار واعٍ وحر قائم على مجموعة من التمايزات الثقافية والعرقية لذا يجب العمل على تعزيز هوية وطنية جامعة مشكّلة من هذه التمايزات.

* لا يمكن للهوية السورية الجامعة أن تهمّش أو تغفل الحقوق الثقافية للمكونات الأثنية والدينية السورية أي أن حضور كل هذه المكونات من كبيرها إلى صغيرها وطنياً يتم عبر الاعتراف الدستوري بها.

* الانتماء هو انتماء للوطن، لسوريا الواحدة ذات النظام العلماني الديمقراطي التعددي، نظام يأخذ بحكم لا مركزي، يخدم كل المناطق على قدم المساواة دون احتمال التقسيم أو الانفصال.

* إن الوطنية السورية إطار جامع وطغيان أي إطار أثني أو ديني أو طائفي هو عامل نابذ ومفرق.

* إن تعزيز الانتماء إلى الوطن السوري يتطلب العمل على تجاوز حالة التشرذم والانقسام الواقع، عبر إطلاق عملية سياسية تنموية والبدء بعملية إعادة الإعمار وعودة المهجرين والنازحين إلى بيوتهم ومناطقهم إضافة إلى ترسيخ قضية الحوار ونبذ العنف واحترام حرية التعبير.

* الالتفات للشباب ودفعهم للوصول إلى واجهة العمل الوطني وامتلاك زمام المبادرة لتغيير حالة التشظي باعتبارهم العامل الأول لمشروع الحل، كما أنهم الأقدر على تطبيق الثقافة المؤسسة للرؤية الوطنية الجامعة استناداً إلى معرفة الذات الآخر.

* الهوية بوصفها إرادة وخيار وبوصفها منتجاً تاريخياً نسبياً ومركباً فهي مسؤولية مشتركة لجميع القوى والفاعلين السياسيين والاجتماعيين المفكرين والقوى المجتمعية.

* الدولة معنية بتوفير أسس المساواة بالحقوق والواجبات الوطنية بين الجميع دون تمييز بأي حق أو واجب أو تكافؤ للفرص في شتى الأمور، وهذا يزيل الغبن والإقصاء ولهذا فمبادئ دستورية كهذه يجب أن تكون مبادئ فوق دستورية.

* باعتبار الهوية إحدى الأسباب الرئيسة للأزمة السورية ، يبدأ الحل بالحوار الوطني التوافقي الداخلي التدريجي الآمن مع وضع برنامج لهذا الحوار وتوسيعه وإشراك أكبر عدد من السوريين.

* حماية الهوية الوطنية أمام مد العولمة التي تحاول إلغاءها واقتلاعها من الجذور.

شاهد/ي: وطن للجميع

السوريون بحاجة لعقد المزيد من الحوارات كقوى وشخصيات ومنظمات مجتمع مدني من أجل لم شتات المجتمع السوري نتيجة الأزمة المندلعة منذ ما يقارب 13 عاماً وتعزيز مفهوم الهوية السورية والانتماء .

كما أن استمرار الحوار بين السوريين سيكون عاملاً مهماً لانجاح المشروع الوطني للوصول إلى مؤتمر سوري تكون الركيزة الأساسية له هي الهوية الوطنية السورية الجامعة وبناء سوريا تعددية ديمقراطية لامركزية .

أحمد أعرج
الأمين العام لحزب التحالف الوطني الديمقراطي السوري

المشاركة