Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

لا تزال محافظة درعا ترزح تحت وطأة عمليات الاغتيال الممنهج والحوادث الأمنية، والتي تزيد من حالة اللا استقرار التي تعيشها المحافظة منذ انتهاء عملية التسوية في العام 2018، وعلى الرغم من أن السلطة قد فرضت سيطرتها على المحافظة الجنوبية، إلا أنها سيطرة هشّة وشكلية، ولم تكن عنواناً للاستقرار وعودة الأمن، بل كانت تلك السيطرة عنواناً للمزيد من الفوضى وانتفاء الأمن، لكن اللافت والذي برز في الآونة الأخيرة، تحول منحى الحوادث الأمنية إلى شكل جديد تمثل في عمليات إعدام ميدانية، تتهم بالوقوف وراءها عناصر أمنية تابعة للسلطة والمليشيات الموالية له.

الأوضاع في عموم محافظة درعا لم تستقر، فـ ما يفرضه وجود السلطة بطابعها الأمني والعسكري في درعا، لا يعد سوى مسرحية عنوانها الرئيس هو الانتقام، فـ في عُرف السلطة الحاكمة في دمشق، فإن أي محافظة تنتفض في وجه السلطة لابد من الانتقام منها ولو بعد حين، ليكون بذلك المشهد في درعا هشّاً وقابلاً للانفجار في أي وقت، وهذا ما يعكس في جانب آخر عدم قدرة السلطة على ضبط الواقع، وفشلها في تحقيق الاستقرار، بل على العكس فإن هذه السلطة غايتها الأولى والأخيرة هي الانتقام من كل السوريين، وهذا ما يفسر بأن ما يحدث في درعا حالياً من مشاهد الاغتيال والإعدامات، هو شكل من أشكال انتقام السلطة ضد الشعب السوري.

صراع غير تقليدي

ما يحدث في درعا من عمليات القتل ضد المدنيين، ورغم اتفاق التسوية، إلا أن هذا المشهد هو في الواقع صراع غير تقليدي تمارسه السلطة ضد المدنيين. هو صراع له وجهين أحدهما مباشر يتم من أجهزة السلطة الأمنية، والآخر يتم عبر ميليشيات تابعة للسلطة تقوم بأعمال القتل والاغتيالات، بما يمكن تسميته عدم ترك بصمات السلطة، وفي المقابل فإن ما يحدث تتخذه السلطة ذريعة لتعزيز تواجدها الامني، وتشديد الخناق على رقاب أهالي درعا.

شاهد/ي: ريف حمص الشمالي.. صرخات مكتومة تطالب بفضح انتهاكات السلطة

ورغم تعدد عمليات الاغتيال والقتل، إلا أنه لا توجد أرقام دقيقة لعدد القتلى من المدنيين، لكن ما يمكن رصده هو ما يقوم النشطاء بتوثيقه من عمليات الاغتيال والقتل، فـ في تقرير وصلنا إليه عبر أحد النشطاء الحقوقيين في درعا ورفض الكشف عن اسمه، أن شهر نيسان الفائت شهد حالة عدم الاستقرار والفوضى الأمنية، إذ تم تسجيل 27 عملية ومحاولة اغتيال في مناطق عدة من محافظة درعا، أسفرت عن مقتل 23 شخصًا، بينهم 17 مدنياً، إضافة إلى إصابة 3 مدنيين آخرين بجروح متفاوتة، ونجاة 7 من محاولات الاغتيال.

لماذا يتم ترهيب المدنيين في درعا؟

تواصلنا مع أحد عناصر التسويات في درعا، والذي أكد لنا أن عمليات الاغتيال تحولت إلى ما يمكن تسميته الإعدامات الميدانية، وهذا حقيقة يدل على احتراف الخلايا الأمنية التابعة للسلطة والمليشيات الموالية لها، وما يحدث أن السلطة تحاول الضغط على المدنيين وإرهابهم بغية التخلي عن مناطقهم، واستبدالهم بعناصر أمنية تابعة للسلطة وحتى للميليشيات الإيرانية.

يؤكد المصدر، بأن هناك عمليات اعتقال يومية تطال المدنيين من خلال الحواجز الأمنية المنتشرة بين قرى وبلدات المحافظة، وبعد أيام يتم اكتشاف جثة أو جثتين لمدنيين، وتبدو عليهم آثار التعذيب. ويعتقد المصدر بأن الإعدامات تتم في غالب الأحيان بعد عدة ساعات أو أيام قليلة من الاعتقال، مرجحاً إجراء استجواب سريع من ضباط مسؤولين عن الحواجز ومن ثم القتل ورمي جثث المعتقلين في الطرقات.

المصدر ذاته أكد أن كل عمليات الاعتقال والاعدامات تستهدف معارضين سابقين لم يغادروا مناطقهم ووقعوا على اتفاق التسوية؛ ويرى المصدر بأن الهدف الرئيس من تلك الإعدامات والاعتقالات هو إنهاء أي معارض للسلطة، إضافة إلى رغبة السلطة بـ إفراغ مناطق التسويات من الشبان المعارضين لها.

تردي الواقع الأمني وانعكاساته

بطبيعة الحال فإن حالة عدم الاستقرار ستنعكس سلباً على كل مناحي الحياة في محافظة درعا، وجراء عمليات الاغتيال الممنهج وحالات الاعتقال، فإن هذا الأمر كان مدعاة لهرب الكثير من الشبان، وقد ازدادت في الآونة الأخيرة مشاهد هجرة الأهالي وتحديداً شباب درعا، والذي يزور أفرع الهجرة والجوازات يدرك بأن غالبية الشباب الذي يقومون باستصدار جوازات السفر المستعجلة هم من شباب درعا، الذين ضاقوا ذرعاً بممارسات السلطة وأجهزتها الأمنية.

شاهد/ي: من طرطوس إلى أرواد.. السلطة تقتلع السوريين من إرثهم الحضاري

وربطاً بتردي الواقع الأمني في درعا، فإن أهالي درعا لم يجدوا بديلاً سوى الرحيل عن مناطقهم، والهجرة تاركين مناطقهم للسلطة وأجهزتها الأمنية، إذ يؤكد بهجت ع( 68 عام )وهو من أهالي درعا البلد، أن الواقع الأمني في المحافظة وضعه أمام احتمال وحيد وهو ترتيب سفر ابنه الوحيد، ويقول، أفعل كل ما بوسعي لإبعاد أبني عن درعا، فلا أريد أن يكون هدفاً لأي عملية اعتقال أو اغتيال، ولهذه الغاية فقد عملت على بيع منزلي و50 دونم زراعي، وقريباً سيغادر ابني المحافظة، وأنا شخصياً أفضل اغتراب كل شباب المحافظة وهربهم كي لا يكونوا هدفاً للسلطة، وهذا الواقع ريثما يتم رحيل هذه السلطة التي حرمتنا الأمن والأمان وحتى أبنائنا.

إذاً فإن المشهد في درعا بات واضحاً، ومع رفض أهالي درعا في عموم المحافظة تقديم الولاء للسلطة، ورغم فرض الأخيرة تواجدها على أهالي درعا، إلا أن الترهيب وعمليات الاغتيال والاعتقال لم تمنع الأهالي من رفضهم لوجود السلطة. صحيح أن غالبية شباب درعا يسافر هرباً من واقع المحافظة الأمني وتردي الواقع الاقتصادي، إلا أن الصحيح أيضاً بأن الزعامات والشخصيات المحلية والمؤثرة تلعب دوراً هاماً في صناعة رأي عام مؤثر وفاضح لتلك الممارسات، ورغم سطوة السلطة الأمنية، إلا أنها تتجاهل تلك الزعامات ولا يمكنها اغتيال أو اعتقال أي شخصية، لأن هذا الأمر سيفجر الأوضاع في عموم درعا، ولذلك تكتفي السلطة باعتقال الشباب كـ رسالة لتلك الشخصيات والزعامات، لكن رغم ذلك فإن الشخصيات البارزة في المجتمع، لم ولن تكترث لممارسات السلطة، وتؤسس لِما يمكن تسميته بـ لجان محلية، تمهيداً لمرحلة قد تكون مفاجئة للسلطة، فقد طفح الكيل، ولابد من وضع حد لممارسات السلطة وإرهابها بحق المدنيين.

وليد السكري-درعا

المشاركة