Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

بقلم : خالد الموسى

 

لم يعد لأي صحفي كبير أو سياسي مطّلع ميزة على المواطن العادي في تحليل المواقف السياسية والمعطيات في المنطقة إذا كان مهتمّا ومثابرًا، فمع انفتاح الفضاء لم تعد هناك أسرار عسكرية بالمعنى التقليدي. من تحليل كل المعطيات السياسية والحركة الدبلوماسية، لا شك أن تراجع الدور السياسي القطري في الملفات الإقليمية له إشارات ودلالات في غاية الأهمية يمكننا البناء عليها لفهم ما يدور في الغرف المغلقة.

من المعلوم أن قطر وأموالها كانت تدعم المشروع التركي في المنطقة، حيث تم دعم الاقتصاد التركي بأكثر من خمسة عشر مليار دولار. إلا أن المشروع التركي الهادف لاستنساخ التجربة الإيرانية في المنطقة العربية عن طريق جماعة الإخوان المسلمين، والذي استثمرت فيه قطر، فشل. فرغم أن جميع قيادات الإخوان فُتحت لهم أبواب تركيا وقطر للعمل والانطلاق منها، خاصة في مصر والسعودية لتحقيق اختراق فيهما ولو عن طريق خلق الفوضى، إلا أن هذا المشروع فشل أيضاً.

شاهد/ي: “داعش” والمناخ الإقليمي.. استغلال الأزمات والنزاعات لإعادة الانتشار

أدرك أردوغان أن السياسات القطرية ورّطت تركيا في المنطقة، خاصة مع السعودية ومصر، فتم تشغيل آليات التصحيح السياسي في تركيا، وبدأت تسعى لتحقيق مبدأ “صفر مشاكل” في المنطقة، وطلب ودّ السعودية ومصر. لكن قطر لم تتعظ من هذا الدرس، وبدأت تعمل على المشروع الشيعي الإيراني الذي وصف في استراتيجية إيران بتحقيق “الهلال الشيعي”، ووضعت كافة إمكاناتها المالية والإعلامية، مثل قناة الجزيرة، في خدمة المشروع الإيراني وأدواتها في المنطقة.

ويتذكر الجميع المقاطعة العربية لقطر سابقاً للتراجع عن سياساتها مع إيران، حيث كان الشرط السعودي هو الكفّ عن هذه السياسات التي تمسّ الأمن القومي العربي، إلا أن قطر ظلت تسير في نفس الاتجاه الداعم للمشروع الإيراني. فتم دعم الحوثيين في اليمن بقوة بالسلاح والمال من قبل إيران، ولكن الممول الأول كان قطر، بهدف استنساخ حزب الله في اليمن ليكون شوكة في خاصرة السعودية وإضعافها عن القيام بأي دور سياسي في الإقليم.

كانت قطر وإيران تستفيدان وتستغلان البيت الأبيض إبان حكم أوباما الذي أعطى إيران الضوء الأخضر للتوسع على حساب العرب. وبدأ الضخ الإعلامي من قناة الجزيرة على السعودية ومصر لإحداث فوضى فيهما وشلّ قدرتهما وتفتيتهما، ولعل وعسى يتم تغيير الحكم فيهما. حتى أن السياسة الأمريكية آنذاك لم تعد تتعامل مع السعودية ومصر كما كانت في السابق، وللحظة تم الاعتقاد في الدوحة أن البرنامج القطري أصبح يسيطر على كافة المنطقة.

لكن جاء ترامب إلى الحكم وعادت السياسة الأمريكية لضرورة مصر والسعودية في المنطقة، وتم إلغاء الاتفاق النووي، وبدأت آليات التصحيح السياسي الأمريكي تعمل بطريقة صحيحة في المنطقة، وبدأ تعثّر المشروع القطري الإيراني فيها. ثم جاء بايدن الذي سار على نهج أوباما، فتنفست قطر وإيران الصعداء. قامت قطر بمحاولات حثيثة لكي تعيد أمريكا للاتفاق النووي ورفع العقوبات الاقتصادية عن إيران، وبدأت المفاوضات بين أمريكا وإيران حول الملف النووي، وتم الإفراج عن مبالغ مالية لطهران بواسطة بنوك قطرية. كما تم بطرق قطرية ملتوية وضع عراقيل في العلاقة بين السعودية وأمريكا، ونجحت قطر نوعًا ما في ذلك.

شاهد/ي: الهوية الوطنية السورية بين التحديات والعوامل المعززة

لكن إسرائيل بدأت بوضع عراقيل في مسار الاتفاق النووي وموضوع رفع العقوبات عن إيران. وعندما شعرت قطر وإيران أن الانتخابات الأمريكية على الأبواب، ولم تحقق السياسة القطرية العودة للاتفاق النووي ولا رفع العقوبات، والخوف من قدوم ترامب مرة ثانية للرئاسة، كانت خطوة السابع من تشرين الأول/أكتوبر بأمر قطري إيراني لحماس المسيطر عليها كليًا من قطر وإيران، بهدف خلط الأوراق قبل الانتخابات الأمريكية وعودة المفاوضات. لكن الحسابات والنتائج لم تكن كما خططت الدوحة وطهران، والمعلومات في دوائر المخابرات الإسرائيلية والأمريكية أصبحت مؤكدة عن دور الدوحة وطهران في أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. أصبحت قطر في ورطة وتطلب السلامة، وبالتالي انحسار الدور السياسي القطري بتحذير من أمريكا وإسرائيل.

لقد فشل مشروع استنساخ التجربة الإيرانية من قبل تركيا بواسطة جماعة الإخوان المسلمين بدعم إعلامي ومالي قطري، وتفتت. وبدأت تركيا تطلب السلامة وودّ مصر والسعودية. كما فشلت استراتيجية “المدّ الشيعي” واستنساخ حزب الله في الوطن العربي ودعم وكلاء إيران في المنطقة، والنفوذ الإيراني في الدول العربية، ولعبة الشطرنج الإيرانية في المنطقة وبدعم مالي وإعلامي قطري، وبات مصير إيران هو التفكك والاندحار.

لقد فشلت السياسات القطرية الإعلامية والمادية والاستثمار القطري، تارة في المشروع التركي وتارة في المشروع الإيراني. فشلت سياسة قطر في إضعاف مصر والسعودية، وانتهت سياسات الإعلام القطري عبر قناة الجزيرة في إثارة الشارع والفوضى، وأصبحت مكشوفة، وهذا الإعلام ذاهب نحو الاندحار والزوال والفشل. اليوم نحن أمام معادلات جديدة في المنطقة.

 

خالد الموسى
عضو مكتب العلاقات العامة في مجلس سوريا الديمقراطية

المشاركة