Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

شهدت محافظة درعا اتّفاق تسوية عام 2018، كان عنوانه الرئيس عودة الحياة إلى مسارها الطبيعي، وتوفير الخدمات على كافة المستويات، وإرساء الاستقرار الذي يعتمد على ضبط الأمن، وعدم ملاحقة أبناءها المناهضين للسلطة أمنياً، إلّا أن المشهد مغاير تماماً، وكما يقول المثل الشعبي “كلام الليل يمحوه النهار”، فالسلطة لم تفِ بأيّ من وعودها ولم توفر ولو الحد الأدنى من الخدمات لأهالي المحافظة، ولم تستطع ضبط الأمن بما يضمن حياة مستقرة، بل على النقيض من ذلك، استمرت في محاربة الأهالي في لقمة عيشهم وفق طريقتها الخاصة في إذلال وإركاع السوريين.

في عموم مدن وبلدات محافظة درعا، يشتكي الأهالي من النقص الحادّ في مادّة الخبز، فعلى الرغم من أنّ هذه المحافظة تُعَدُّ من أبرز المحافظات الواقعة تحت سيطرة السلطة إنتاجاً للقمح، إلّا أنّ ذلك لم يكن كفيلاً بوضع حدٍّ لمعاناة أهلها من قلّة الكمّية التي تحصل عليها العائلات من مادّة الخبز.

واقع هذا الحال يُخبرنا به عبد الكريم م (43 عاماً) وهو أحد أهالي حيّ المحطّة في مدينة درعا، ويقول إنّ الأفران في المدينة لا تعمل بشكل يومي، وهي تغلق أبوابها باستمرار، وعند المطالبة بالخبز والمخصّصات اليومية من المعتمدين، يأتي الجواب بأنّه لا توجد كمّيات كافية من الطحين، وعندما نتوجه إلى الأفران فإنّنا نحصل على الإجابة ذاتها؛ عدم تزويد المخابز بمخصّصاتها الاعتيادية.

اقرأ/ي أيضاً: السوق السوداء تزدهر والمواطن يدفع الثمن.. قصة المحروقات في حمص

ويتابع عبد الكريم: “المفارقة أنّ الخبز السياحي متوفّر وبكثرة، لكنّنا لا نستطيع شراء ربطة الخبز السياحي بمبلغ 15 ألف ليرة سورية، فكيف تحصل الأفران الخاصّة على الدقيق ومن أيّ مصدر يصلها؟ وكيف لا تصل مخصصات الدقيق إلى الأفران التابعة للسلطة؟ واقعنا لا يوصف!”.

‘هذا الموجود دبّروا حالكم’

ويقول عبد الكريم م : “في الأيّام التي نحصل فيها على خبز، يكون ذلك بالنسبة لنا عيداً، لكنّ السلطة مصرة على إبقاء الفرحة ناقصة، فجميع أهالي درعا يشتكون من رداءة رغيف الخبز، بسبب سوء نوعية الطحين المقدَّم للأفران، كما أنّ الخبز لا يوزَّع من الأفران مباشرة بل يتمّ توزيعه على معتمدين وبالتالي يتأخّر وصوله للمواطنين ما يُفقد الخبز جودته. لقد طالبنا المحافظة مراراً وتكراراً بإيجاد حلّ لأزمة رغيف الخبز، إلّا أنّه لا حياة لمن تنادي، ودائماً ما يأتينا الجواب ‘هذا الموجود ودبّروا حالكم’. كلّ ذلك يؤكّد أنّ السلطة تحارب السوريين في لقمة عيشهم، وهي تنتقم منهم بطرقها الخاصّة”.

ومحافظة درعا ليست استثناءاً عن بقية مناطق السلطة التي تعيش ظروفاً معيشية مأساوية بسبب انخفاض الأجور في القطاعين العام والخاص وانعدام الخدمات وغياب الدعم وتسلط تجار الأزمة، ما جعل الحصول على الاحتياجات الأساسية حلماً يتمناه المواطن.

الألم الأعمق

وعلى الرغم مما أجرته السلطة من تسوية في محافظة درعا بحجة إعادة الأمن، إلّا أنّ الأمن يطالب به أبناء المحافظة على الدوام لم يتحقق، فخلال السنوات التي تلت اتّفاق التسوية، طغت الفوضى الأمنية على مشهد الحياة العامّة في درعا، عبر تفجيرات وعمليات إطلاق نار واغتيالات طالت معارضين سابقين للسلطة، أو حتّى مدنيين يعملون كنشطاء سياسيين، فضلاً عن انتشار السلاح في كلّ مكان.

ورغم تردّي الواقع الأمني، إلّا أنّ ذلك لم يمنع أهالي درعا من الخروج في تظاهرات، كان آخرها المظاهرة التي خرجت ضدّ قرار السلطة إجراء انتخابات مجلس الشعب، إذ رفع المحتجّون فيها شعارات تطالب بإسقاط السلطة، فيما رفضت لجان درعا المحلّية وضع صناديق الاقتراع في أحيائها، واعتبرت أنّ هذه الانتخابات غير شرعية طالما أنّ السلطة باقية.

اقرأ/ي أيضاً: الشمال السوري المحتل.. الملاذ الدافئ والآمن لتنظيم “داعش”

انفصام السلطة عن الواقع

وفي السياق، يقول المحامي فؤاد ج، إنّ السلطة منفصلة عن الواقع تماماً فيما يتعلّق بمحافظة درعا وعموم مناطق سيطرتها، ففي الوقت الذي تعلن فيه السلطة إجراء انتخابات مجلس الشعب، هناك من يُقتل ويُغتال ويُختطف في درعا، والأولى أن تتّجه السلطة إلى تعزيز الأمن وكفّ أيادي “زعرانها” عن أهالي درعا، وتأمين لقمة العيش بكرامة للأهالي، قبل أن تعلن عن انتخابات نيابية غالبية السوريين يعرفون أنّها شكلية، والأولى أيضاً أن ترحل هذه السلطة طالما أنّها غير قادرة على ضبط محافظة واحدة، وسحب السلاح من “زعرانها”.

سياسة ترهيب

ورغم الحديث عن توقف الأعمال العسكرية في درعا منذ عام 2018، إلّا أنّ الحقيقة هي أن قوّات السلطة تقوم بتحرّكات بشكل شبه يومي، وخصوصاً خلال الليل، بغية ترهيب الأهالي، لإبقاء حالة اللااستقرار في المحافظة، فضلاً عن ملاحقة الشباب الفارّين من الخدمة العسكرية الإلزامية. كلّ ذلك يؤكّد أنّ ما تقوم به السلطة في محافظة درعا، ما هو إلّا انتقام من أبنائها، والواضح أنّ السلطة تسعى من خلال سياساتها الأمنية في درعا، إلى إجبار غالبية من رفض الخروج إبّان اتّفاق التسوية، على مغادرة درعا، وإلّا فالقتل أو الاعتقال سيكون من نصيبهم، وهذا ما يفسّر استمرار الاغتيالات والاعتقالات التي طالت مناهضي السلطة.

وليد السكري – درعا

المشاركة