بقلم: مصطفى عثمان
يمكننا القول إن حرارة الصيف قد تشعل لهيب النار في الشرق الأوسط. ففي ظل البراغماتية الأمريكية في التعامل مع الملفات الشرق أوسطية، والابتعاد قليلاً عن حسم الانتخابات الرئاسية، تحاول الأطراف الدولية والإقليمية فرض أجندتها على العديد من الساحات. تشير جميع المؤشرات إلى أن المنطقة على صفيح ساخن، وعلى وجه الخصوص الصراع الإسرائيلي الإيراني.
تسعى طهران إلى تقديم نفسها كقوة إقليمية قادرة على إدارة المنطقة. وتهدف من خلال هذا النهج إلى إبراز نفوذها الإقليمي وإثبات أنها قوة يمكن الاعتماد عليها في شرق أوسط متغير ومتقلب بشكل كبير.
في سبيل تحقيق هذه الأهداف، اتخذت إيران خطوات جريئة، منها محاولة تغيير سياستها من خلال حوادث مثيرة للجدل، والتي كادت رواياتها أن تتجاوز حدود الخيال أو مجرد استهزاء بعقول الناس. ولأجل ذلك، تخوض إيران حرباً ضروساً عن طريق وكلائها في المنطقة، الذين يقومون بدورهم بهذه المهمة على أكمل وجه.
وبما أن الحرب التي تدور رحاها في المنطقة تكاد تكون اقتصادية بالدرجة الأولى، بدأت طهران بدفع الحوثيين لتهديد طرق الملاحة في البحر الأحمر. بدأ الحوثيون عملياتهم التي تشمل قصف إسرائيل والسفن في البحر الأحمر، معلنين انخراطهم في الحرب ضد إسرائيل “انتصاراً للمظلومية التاريخية للشعب الفلسطيني”، حسب تصريح المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع. وأيضاً لمنع إسرائيل من الاستفادة من ميناء إيلات، ترسل طهران بشكل يومي رسائل تهديد بحرب شاملة وخاصة.
اقرأ/ي أيضاً: مجلس سوريا الديمقراطية.. مساعٍ متواصلة لتوحيد الصف السوري
إن اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يمثل تحولاً دراماتيكياً في مسار الصراع. هذا الحدث الخطير استشعرت به طهران كتهديد مباشر لنفوذها ووضعها أمام امتحان حقيقي لإثبات مدى ارتباطها بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية. فقد كانت تستخدم هذه الجماعات لتعزيز حاكميتها في المنطقة، والآن تجد نفسها في موقف يتطلب رداً قوياً لإثبات مصداقيتها ودعمها لحلفائها.
ومن جانب آخر، تحاول إسرائيل أن تبقى على نفس الوتيرة من القوة للاحتفاظ بمكانتها كقوة يمكن الاعتماد عليها أيضاً في إدارة الشرق الأوسط. فهي تفتح عدة جبهات دون تردد، فتارة تضرب حماس وأخرى الحوثيين، وتارة أخرى توجه ضربات موجعة لحزب الله. فهؤلاء جميعهم أدوات إيران في المنطقة، ولذلك تحاول تل أبيب القضاء عليهم في المدى القريب ضمن استراتيجية مدروسة بعناية لتحديد ملامح المرحلة القادمة.
يعتبر الصراع بين طهران وتل أبيب واحداً من أكثر النزاعات تعقيداً في الشرق الأوسط. في الآونة الأخيرة، شهدت المنطقة تصعيداً كبيراً حيث نفّذت إيران هجوماً مباشراً على إسرائيل، مما أدى إلى اعتراض الجيش الإسرائيلي لعشرات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية. هذا التصعيد يعكس التوترات المستمرة بين البلدين، حيث يسعى كل منهما إلى تعزيز نفوذها في المنطقة.
اقرأ/ي أيضاً: الحرب الخاصة على الإدارة الذاتية؛ الظاهرة وسبل التصدي
يراقب المجتمع الدولي هذا الصراع بقلق بالغ ويحثّ الطرفين على تجنب التصعيد. هناك دعوات مستمرة لخفض التصعيد من قبل العديد من الدول والمنظمات الدولية، كما تعبّر الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا عن قلقها من تصاعد التوترات في المنطقة وتدعو إلى ضبط النفس وحلّ الخلافات بالطرق الدبلوماسية. كما يحذر المجتمع الدولي من إمكانية اندلاع حرب شاملة نتيجة التصعيد المستمر بين الطرفين.
في الختام، يبقى الصراع الإيراني الإسرائيلي من أكثر القضايا تعقيداً في الشرق الأوسط، مع تداعيات إقليمية ودولية واسعة النطاق. ويبقى المجتمع الدولي في حالة ترقب مستمر، محاولاً الموازنة بين الحفاظ على الاستقرار الإقليمي وضمان مصالحه الاستراتيجية في المنطقة. إن التطورات الأخيرة، وخاصة اغتيال إسماعيل هنية، تضيف بُعداً جديداً للصراع وتزيد من تعقيداته، مما يجعل الحاجة إلى حلٍّ دبلوماسي أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.