تزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة المصادف لـ 25 تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام، والذي يخلّد ذكرى الأخوات ميرابال اللواتي قُتلن بسبب استبداد السلطة، سلّطت إداريات مكتب المرأة في مجلس سوريا الديمقراطية الضوء على تحديات العنف السياسي الذي تواجهه النساء السوريات في ظل الصراعات المستمرة. وأكدن أن هذا النوع من العنف يُعدّ الأخطر، لما له من أثر مباشر على حقوق المرأة في المشاركة السياسية وصنع القرار.
العنف السياسي في السياق السوري
وفي السياق، أكدت زينب قنبر، إدارية مكتب المرأة بمركز حلب، أن النساء السوريات يتعرضن لشتى أنواع العنف، أبرزها السياسي. مشيرة إلى أنه رغم انعقاد العديد من المؤتمرات الدولية وصدور قرارات أممية بشأن حقوق المرأة، فإن تطبيق هذه القرارات على أرض الواقع لا يزال محدوداً.
وأضافت أن النساء في سوريا تأثرن بشكل كبير خلال سنوات الحرب، لا سيما في المناطق التي تشهد صراعات مباشرة أو خاضعة للاحتلال التركي، حيث يُمارس العنف بأشكال متعددة دون توثيقٍ كافٍ بسبب الضغوط الاجتماعية والعادات الموروثة.
وأشارت قنبر إلى أن الجرائم المرتكبة في هذه المناطق، من قتل عمد واستهداف مباشر للنساء، تُعتبر جرائم ضد الإنسانية. ودعت إلى توثيق تلك الانتهاكات بهدف مساءلة المسؤولين عنها أمام العدالة الدولية.
تصاعد العنف خلال الأزمة السورية
من جانبها، أوضحت رشا نزاه، إدارية مكتب المرأة في الحسكة، أن الأزمة السورية منذ عام 2011 ساهمت في خلق بيئة خصبة لتفاقم العنف ضد المرأة، بما في ذلك العنف السياسي.
ولفتت إلى أن النساء عانين من الإقصاء المتعمد من المناصب السياسية ومن تقلّص فرص المشاركة الفعلية في اتخاذ القرار.
وأكدت نزاه أن العنف السياسي لا يهدد المرأة فقط، بل يعوق تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، كونه يمنعها من ممارسة حقها في التمثيل الحر والآمن في المجال السياسي.
أنواع العنف وتأثيراتها على النساء
وفق هندرين محمد، إدارية مكتب المرأة بمركز قامشلو، فإن الأزمة السورية أدت إلى تزايد أشكال العنف ضد النساء.
مشيرةً أن أنواع العنف شملت الجسدي كالضرب والإيذاء المباشر، والجنسي مثل الاغتصاب والاستغلال الجنسي في مناطق النزاع، والنفسي مثل القمع الاجتماعي والتهميش في المجتمع، والتمييز الاقتصادي مثل استغلال النساء في سوق العمل دون مقابل عادل، وأيضاً العنف السياسي مثل إقصاء النساء من المناصب القيادية ومشاركاتهن السياسية.
وأكدت محمد أن تأثيرات العنف تترك آثاراً نفسية وجسدية عميقة على الناجيات، ما يتطلب وضع استراتيجيات لمعالجة هذه الأضرار وتوفير الدعم النفسي والمادي لهنّ.
العوامل الرئيسية وراء العنف ضد النساء
وتناولت صباح الخليل، إدارية مكتب المرأة في الرقة، أبرز العوامل التي أدت إلى زيادة العنف ضد النساء خلال الأزمة السورية.
وأشارت أن أبرز العوامل هي الحروب والصراعات المسلحة التي أدت إلى انتهاكات واسعة مثل الاغتصاب والاعتقالات التعسفية. والفقر وتدهور الاقتصاد اللذين زادا من هشاشة أوضاع النساء وجعلهن عرضة للاستغلال، وانتهاكات قوات السلطة في دمشق والمجموعات المسلحة التي شملت التطهير العرقي والعنف الجنسي الممنهج.
ولفتت إلى أن من بين العوامل أيضاً تفكك الأسرة والنزوح الذي أدى إلى ضعف الحماية الاجتماعية وزيادة العنف، وكذلك الحصار وقطع الطرق الذي ترك النساء في عزلة وجعلهن هدفاً سهلاً للعنف.
رؤية وخطط مستقبلية
ورأت محمد أيضاً أن التحرر من العنف لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تعزيز المساواة بين الجنسين عبر وضع سياسات وطنية تهدف إلى تقليص الفجوة بين الرجال والنساء في كافة المجالات.
وكذلك توعية المجتمع عبر تنظيم ندوات وبرامج توعوية تسلّط الضوء على خطورة العنف وأشكاله، والتمكين الاقتصادي والسياسي عبر دعم النساء في الدخول إلى سوق العمل وتمثيلهن في المناصب السياسية.
إلى جانب التعاون الدولي عبر دعوة الحركات النسائية المحلية والعالمية لتوحيد الجهود ضد جميع أشكال العنف، خاصة العنف السياسي.
دعوة للتكاتف والعمل المشترك
واختتمت صباح الخليل بمناشدة جميع الجهات الفاعلة محلياً ودولياً لتبني نهج يهدف إلى القضاء على العنف ضد المرأة، مؤكدة أن دور المرأة أساسي في بناء مجتمع مستقر ومزدهر. وأكدت على أهمية تمكين المرأة من حقوقها في جميع المجالات السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، والعمل على مواجهة التقاليد والأعراف التي تعيق تقدمها.
كما شددت على ضرورة إقرار قوانين أكثر صرامة ضد مرتكبي العنف، وضمان تطبيقها بشكل فعّال، مع توفير الحماية القانونية للنساء الناجيات. ودعت إلى تطوير برامج مستدامة لتعزيز دور المرأة في صنع القرار، بما يساهم في بناء سوريا خالية من التمييز والعنف.