أكد عبد الوهاب خليل، عضو المجلس العام في مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، أن الانتقال إلى السلام بعد الحروب يتطلب تحقيق مبدأ العدالة الانتقالية، واصفاً إيّاها بأنها “مجموعة من الوسائل والأدوات التي تمكن من استرداد الحقوق، وتتيح للمجتمع السُّبل الصحيحة للتطور، وإعادة التماسك الاجتماعي، والتعافي المبكر من آثار الحروب”.
وأضاف خليل: “العدالة الانتقالية ضرورية للغاية في الحالة السورية، حيث شهدت البلاد مرحلة معقدة لم تقتصر على صراع بين سلطة ومعارضة، بل امتدت إلى اقتتال طائفي ومذهبي في مناطق عدة. لذلك، تصبح العدالة الانتقالية أداة أساسية لتمكين الحل في سوريا”.
عوامل أساسية لتحقيق العدالة الانتقالية
وأوضح خليل أن الوصول إلى العدالة الانتقالية يتطلب توافر مجموعة من العوامل والأدوات، قائلاً: “لابد من المحاكمات العادلة، والاعتراف بالضحايا، وإعادة بناء المؤسسات، وتشكيل لجان لتقصي الحقائق والكشف عن المقابر الجماعية، إلى جانب مراجعة المناهج التربوية لإزالة كل ما يهدد التضامن المجتمعي”.
وأشار إلى أن الحالة السورية تتطلب عاملاً إضافياً مهماً وهو “ضرورة محاسبة كل من تورط في الانتهاكات وسفك الدم السوري، دون الاكتفاء بمعاقبة الطرف الخاسر فقط”.
وأضاف: “هناك فصائل راديكالية ومتشددة ارتكبت جرائم تضاهي تلك التي ارتكبها النظام البعثي. لذلك، أي عملية سياسية جديدة في سوريا يجب أن تسير بالتوازي مع العدالة الانتقالية”.
خطوات لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا
وأكد خليل أن الوصول إلى الجانب الإيجابي من العدالة الانتقالية يتطلب اتخاذ العديد من الخطوات، أبرزها:
– إيجاد قانون للمحاسبة: “قانون شامل يطبّق على الجميع دون استثناء”.
– تشكيل لجان متخصصة: “لجان تبحث عن المقابر الجماعية والمجازر الاجتماعية”.
– إعادة تأهيل الأجيال القادمة: “إخراجهم من الحالة العدائية والطائفية التي خلّفتها الحروب، ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخر”.
– تعزيز السلم الأهلي: “منع أي خلل جديد في بنية المجتمع السوري”.
– التعويضات وإصلاح الأضرار: “التعويض عن الخسائر وإعادة بناء المناطق المتضررة”.
وشدد خليل على أهمية السعي لضمان أن تكون العدالة الانتقالية في سوريا متوازنة تشمل كافة الأطراف، قائلاً: “يجب أن تعترف جميع الأطراف التي تسببت في معاناة السوريين بدورها في الأحداث، وأن يتم ضمان حقوق ذوي الضحايا وتعزيز التماسك المجتمعي”.
فترة تعافٍ طويلة ولكن ضرورية
وأشار خليل إلى أن “السوريين عاشوا ظروفاً قاسية، حيث تحولت الثورة إلى صراعات طائفية ومذهبية تشبه الحرب الأهلية”. وأردف قائلاً: “فترة التعافي لن تكون قصيرة أو سهلة، لكنها ضرورية لضمان استقرار المجتمع السوري”.
واختتم خليل حديثه بالتأكيد على أهمية الاعتراف المتبادل من جميع الأطراف بما حدث، قائلاً: “العدالة الانتقالية ستظل ناقصة إذا لم يحصل هذا الاعتراف. لا بد من العمل على تأهيل الفرد السوري للتخلص من آثار الحرب التي عاشها لسنوات طويلة، وتحقيق حالة من التماسك المجتمعي لضمان مستقبل مستقر وآمن لسوريا”.