في خضم التطورات المتسارعة التي تشهدها سوريا بعد رحيل نظام الأسد، يؤكد رياض درار، الرئيس المشترك للمكتب الاستشاري في مجلس سوريا الديمقراطية، أن القرار الأممي 2254 يشكل المرجعية الدولية الأساسية لرسم مستقبل سوريا الديمقراطي. ويشدد درار على ضرورة تحديث بعض بنود القرار لتتواءم مع المتغيرات الراهنة على الساحة السورية، مع الحفاظ على جوهره كخارطة طريق معترفٌ بها دولياً للحل في سوريا.
وفي سياق حديثه عن القرار الأممي، يوضح درار أن القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 18 كانون الأول 2015 يمثل مساراً أممياً يحظى بتوافق دولي، ويضع الشعب السوري في موقع تحديد مصير بلاده. ويؤكد أن القرار يطالب بإجراء تدابير لبناء الثقة بين الأطراف من أجل المساهمة في فرص قيام عملية سياسية تحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار وتبدأ إجراءات عملية للانتقال إلى نظام ديمقراطي تعددي يشارك فيه جميع السوريين بدون تمييز أو إقصاء.
ويلفت درار إلى أن ميزة القرار في صياغته الأولى أنه يشمل الحكومة السورية والمعارضة المعتمدة بعد ثورة 2011، لكنه يرى أن التغيرات الحاصلة بعد هروب رئيس النظام وخلو موقع الحكومة تستدعي إجراء تحديثات على القرار. ويشير إلى أن هذه التحديثات ضرورية لكنها يجب أن تعتمد على مخرجات المادة الرابعة التي تضع خارطة تغيير زمنية للحل، وعبرها يتم إكمال باقي الإجراءات القانونية والدستورية من تشكيل حكومة انتقالية ذات مصداقية وغير طائفية إلى مرحلة تقدر بـ 18 شهراً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ووضع دستور جديد للبلاد.
ويتطرق درار إلى تحديات المرحلة الراهنة، مشيراً إلى أن تأخير تنفيذ القرار كان نتيجة عرقلة حكومة دمشق السابقة التي رفضت الاعتراف بالمعارضة وآليات التنفيذ عبر مسار جنيف. ويحذر من خطورة تكرار نفس النهج من قبل القوى الجديدة، مؤكداً أن أبرز عقبة تواجه القرار اليوم هي احتمال رفض أحد الأطراف المعنية به أن يكون الحل أو المفتاح لرسم طريق المستقبل.
وفيما يتعلق بالدستور الجديد، يقدم درار رؤية شاملة تقوم على إقامة نظام تعددي لا يعتمد على الأيديولوجيا أو الطائفية. ويقترح إلغاء الصفة “العربية” من اسم الجمهورية وإسقاط شرط دين رئيس الدولة، معتبراً أن المنصب وظيفي يجب أن يكون متاحاً لجميع السوريين. كما يدعو إلى اعتماد نظام لا مركزي يمنح المناطق صلاحيات واسعة في إدارة شؤونها، مع احتفاظ المركز بالحقائب السيادية.
ويولي درار اهتماماً خاصاً لقضية المرأة والمشاركة السياسية، منتقداً بشدة التصريحات التمييزية الصادرة عن مسؤولي هيئة تحرير الشام. ويشير بشكل خاص إلى تصريحات عبيدة أرناؤوط التي وصفها بأنها تشكل صدمة للنساء السوريات، مؤكداً ضرورة ضمان المشاركة الفاعلة للمرأة في كافة مراحل العملية السياسية والانتقالية.
وبخصوص العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، يؤكد درار على أهمية تأسيس هيئة وطنية مستقلة للحقيقة والمصالحة، تعمل على معالجة الانتهاكات والممارسات القمعية من جميع أطراف الصراع. ويشدد على ضرورة بناء تدابير قانونية وسياسية واجتماعية لإصلاح المؤسسات، مع التركيز على دور المجتمع المدني في هذه العملية.
وحول الدعم الدولي والإقليمي، يشير درار إلى أهمية بيان العقبة الذي يمثل دعماً عربياً للقرار، وكذلك دور المبعوث الدولي بيدرسون والبعثات الدبلوماسية في دعم مسار الحل السياسي. ويؤكد أن نجاح العملية الانتقالية يتطلب دعماً دولياً وإقليمياً متواصلاً، مع الحفاظ على الطابع السوري-السوري للحل.
وفي ختام تصريحاته، يشدد درار على أن بناء سوريا الجديدة يتطلب تعاضداً وتكاتفاً وطنياً، مع التركيز على البُعد المحلي والداخلي واحترام خصوصيات المجتمع السوري. ويؤكد أن نجاح المرحلة الانتقالية مرهون بشعور جميع السوريين بالتمثيل العادل في الإطار الحكومي، وضمان كرامتهم وحقوقهم بموجب القانون والدستور. ويختم بالتأكيد على أن التحول نحو الديمقراطية يجب أن يستند إلى أسس علمية وعملية تراعي التجارب العالمية في بناء الأنظمة السياسية والمصالحة الوطنية والحوكمة الرشيدة والتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.