شهدت سوريا خلال السنوات الماضية تحولات سياسية واجتماعية عميقة أثّرت بشكل كبير على جميع مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك الأقليات الدينية والقومية. في ظل هذه التغيرات، برزت قضايا حماية حقوق الأقليات كجزء أساسي من النقاش حول مستقبل سوريا.
وفي السياق، رأى عصام دمشقي، عضو المكتب التنفيذي لتيار مواطنة والناطق الرسمي باسم المسار الديمقراطي السوري، أن مفهوم “الأقليات” يحمل تعقيدات في السياقين الاجتماعي والقانوني الدولي، ولكنه يُبرز أهمية الحقوق والحماية التي يجب أن تكفلها المواثيق الدولية.
وفي الحالة السورية، أشار إلى أن استخدام مصطلح “المكونات” أصبح أكثر شيوعاً للتعبير عن التعددية، بعيداً عن الإشكاليات المرتبطة بتعريف الأقليات.
وشدد دمشقي على أن قضية الأقليات في سوريا لم تكن بارزة بشكل كبير إلا في سياق سياسات التمييز ضد الكرد، بدءًا من إحصاء الحسكة عام 1962 وما تلاه من حرمانٍ للكرد من حقوقهم الأساسية.
وأوضح أن الحقوق الأساسية يجب أن تكون مستقلة عن نمط الحكم في الدولة، سواء كانت مركزية أو لا مركزية، مع ترجيحه أن النظام اللامركزي أكثر قدرة على احترام الخصوصيات الثقافية والاجتماعية.
وفي إطار الحلول السياسية للأزمة السورية، رأى دمشقي أن دولة المواطنة هي الأساس لبناء سوريا المستقبل. وأكد على ضرورة وجود ضمانات دستورية عُليا تكفل الحقوق الجماعية والفردية للأقليات، بعيداً عن التنافس السياسي الذي قد يؤثر على هذه الحقوق.
كما اقترح تأسيس برلمان بغرفتين، حيث تتولى الغرفة العليا ضمان هذه الحقوق وتكون منصة للنقاش حول خصوصيات المكونات المختلفة، مما يساهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
وحول دور الأقليات في إعادة بناء سوريا، أوضح دمشقي أن وجود ضمانات قانونية ودستورية سيجعلها جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، حيث ستشارك بفعالية إلى جانب بقية السوريين في إعادة الإعمار على مختلف المستويات.
وفي الختام، أكد عصام دمشقي أن بناء سوريا الجديدة يتطلب دولة مواطنة تُلغي الفوارق بين المكونات وتكفل العدالة والمساواة للجميع، مع الاعتراف بالتنوع الثقافي والاجتماعي كعنصر قوة لبناء مستقبل أفضل.