أكد علي رحمون، عضو الهيئة الرئاسية لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، أن ما جرى في سوريا بعد 8 كانون الأول/ ديسمبر كان مفاجئاً لكل السوريين بهروب الطاغية بشار الأسد، وترك البلاد في حالة فوضى حقيقية، خاصة وأن من حاول أن يحلّ محل سلطة الأسد هو فصيل مصنّف على لائحة الإرهاب وله تجربة ليست بالجيدة من نواحي كثيرة في إدلب.
انتشار السلاح والفوضى الأمنية
وأشار رحمون إلى أن الوضع السوري هو في خطر حقيقي، فالجميع ينتابه القلق والخوف من المستقبل القريب جداً، منوهاً إلى أن أحد أبرز المخاطر التي تواجه سوريا الآن هو انتشار السلاح بشكل عشوائي بعد حلّ الجيش السوري، الذي كان قوامه حوالي 250 ألف مقاتل.
وأكد أن غياب سياسات واضحة لضبط السلاح يؤدي إلى حالة من الفوضى الأمنية، والتي يمكن أن تتطور إلى احتراب أهلي، خصوصاً في المناطق الساحلية التي شهدت مؤخراً بوادر اشتباكات.
وأوضح أن ضبط السلاح يحتاج إلى قرارات سياسية حازمة وضمانات دولية وإقليمية تتيح تسليم السلاح بطرق آمنة. وبدون مشاركة القوى المجتمعية والسياسية الفاعلة، لا يمكن تحقيق الاستقرار، خاصة أن أي فصيل منفرد، مهما كانت قوته، لن ينجح في بسط السيطرة على كامل الجغرافيا السورية.
أهمية الحوار لحل الأزمة
رحمون شدد على أن الحوار هو المفتاح الأساسي لحل الأزمة السورية، إذ لا يمكن لسوريا أن تُدار من طرف واحد أو جهة تمثل أقلّية سياسية دون إشراك باقي المكونات والقوى. وأكد أن المرحلة الحالية تتطلب توافقات حقيقية تُبنى على مشاركة سياسية واسعة، تشمل كل القوى السياسية والاجتماعية والدينية، لرسم مستقبل البلاد.
وأضاف أن التركيز يجب أن يكون على تأسيس قوى أمنية وطنية تضمن الأمن والاستقرار، بعيداً عن محاولات الفصائل المسلحة فرض سيطرتها بالقوة. وأكد أن غياب هذه التوافقات قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة، خاصة مع وجود بؤرتين خطيرتين هما المناطق الساحلية ومناطق الإدارة الذاتية التي يجري التحريض ضدها بشكل مستمر.
رفض التدخلات الخارجية
ورداً على تصريحات هاكان فيدان، وزير الخارجية التركي، حول استعداد بلاده لمساعدة السلطة الجديدة في دمشق على كتابة دستور سوري، وصف رحمون هذه التصريحات بأنها تدخل خارجي في الشأن السوري وتحريض على الاقتتال الداخلي.
وقال: “لا يمكن لأي طرف خارجي أن يفرض رؤيته أو مصالحه على سوريا. نحن السوريون وحدنا من يمكننا تحديد مستقبلنا، ومن يريد مساعدة السوريين، فعليه أن يدعم الحوار الداخلي ويحترم سيادة البلاد”.
وأشار إلى أن التدخلات التركية ليست جديدة، لكنها تُسهم في تعقيد الوضع وتأجيج الفوضى، داعياً تركيا إلى الاهتمام بشؤونها الداخلية بدلاً من محاولة رسم مستقبل السوريين.
دور المجتمع الدولي والدول العربية
رحمون دعا إلى دور فاعل للمجتمع الدولي والدول العربية، وخاصة الجامعة العربية، في دعم استقرار سوريا. وقال إن سوريا بحاجة إلى دعم سياسي ودبلوماسي يحترم إرادة الشعب السوري ويعزز الحوار بين الأطراف المختلفة.
وأكد أن أي استقطاب أو تدخل فردي من قبل الدول المجاورة سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والاقتتال، وهو ما يضر بمصلحة السوريين والمنطقة بأكملها. وأضاف: “نحن بحاجة إلى ضمانات حقيقية تحفظ أمن السوريين، وتساعدهم على تحقيق توافقات سياسية تقودهم نحو بناء دولة ديمقراطية تحترم جميع مكوناتها”.
واختتم رحمون تصريحاته بالتأكيد على أن سوريا لن تنجو من هذه المرحلة الحرجة إلا بالحوار والتوافق الوطني. وقال: “الوقت حان لأن يدرك الجميع أن البديل عن المستبد ليس مستبداً آخر. علينا أن نبني مستقبلاً مشتركاً لسوريا، يضمن حقوق كل مكوناتها، ويجنّبها مخاطر الاحتراب والفوضى المستمرة”.