شهدت مدينة حلب انعقاد لقاء تشاوري تحت عنوان “مستقبل سوريا إلى أين؟”، بمشاركة قوى سياسية ومكونات مجتمعية متعددة، لمناقشة سبل الخروج من الأزمة السورية وإعادة بناء الدولة.
اللقاء، الذي نظمه حزب سوريا المستقبل بمشاركة مجلس سوريا الديمقراطية وممثلين عن 18 حزباً وتياراً وحركة سياسية، جمع شخصيات من مختلف المحافظات السورية. افتُتح بكلمة ترحيبية لمحمد غرير، الرئيس المشترك لحزب سوريا المستقبل في مجلس حلب، أعقبها عرض للرؤية السياسية للحزب قدمه عبد حامد المهباش، الرئيس المشترك للحزب، مؤكداً أن “التخلص من النظام القمعي كان فجراً تاريخياً لتحقيق طموحات السوريين في الحرية والعدالة”، مشيراً إلى أن “سوريا عانت لعقود من حكم أمني قمعي تسبب بانهيار الدولة والمجتمع منذ ثورة آذار 2011”.
قدّم المهباش رؤية حزبه المتمثلة في عشر نقاط أساسية، شملت عقد مؤتمر وطني شامل، والحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، ورفض التقسيم أو التدخل الخارجي، وتبني نظام لا مركزي مع ضمان تمثيل المرأة والشباب.
فُتح بعد ذلك باب النقاش، حيث ناقش المشاركون رؤى مختلفة حول مستقبل سوريا، مع تركيز على ضرورة بناء دولة المواطنة، ومعالجة الأزمات الإنسانية، ومواجهة التدخلات الخارجية.
أشارت فاطمة الحسينو، إدارية مكتب العلاقات في مجلس سوريا الديمقراطية – مركز حلب، إلى أن “سوريا تمر بمرحلة مصيرية وحساسة بعد سنوات من حكم الفساد واللون الواحد”، مؤكدة أن “مجلس سوريا الديمقراطية يجب أن يكون شريكاً في بناء مستقبل يليق بالسوريين، فالحاجة ملحّة إلى دولة مواطنة تحفظ حقوق وواجبات الجميع دون استثناء، لا دولة محاصصة أو فصائلية”.
من جهته، شدد المهندس باسل قس نصر الله، مستشار مفتي سوريا السابق، على أولوية معالجة الأزمات الملحة، قائلاً: “يجب إطفاء الحريق في سوريا عبر تحسين الأوضاع الإنسانية وبناء الثقة بين مكونات المجتمع”.
أما الدكتور فاروق سليم، الأكاديمي في كلية الآداب وعضو اتحاد كتاب العرب، فقد اعتبر أن “الأزمة السورية هي في جوهرها أزمة هوية صارخة، تتطلب حلولاً غير تقليدية”، مشيراً إلى أن “السلطة الحاكمة تواجه تحديات مركبة، منها توفير الأمن على الحياة والأمن المعيشي. قراراتنا يجب أن تكون وطنية مستقلة، ونحتاج إلى التكاتف لبناء سوريا أفضل”.
بدوره، وجه علي أومري، رئيس الحركة الوطنية للتغيير السلمي، انتقادات حادة لتركيا، واصفاً تعاملها مع سوريا بأنه “استغلال لغنيمة حرب”، مشيراً إلى “تجاوزات متكررة في مناطق الساحل وحمص ودمشق”، داعياً إلى “تحرك عربي ودولي لمواجهة هذه السياسات، ورفع صوت السوريين ليصبحوا أصحاب القرار الحقيقيين في مستقبل بلدهم”.
جسّد اللقاء التشاوري تنوّع الرؤى حول الحلول المطروحة، مع اتفاق المشاركين على أن الخروج من الأزمة يتطلب إرادة سياسية سورية مستقلة، ودعماً دولياً يراعي أولويات الشعب السوري، بعيداً عن حسابات المحاور الإقليمية.