أكد السيد حسن محمد علي، الرئيس المشترك لمكتب العلاقات العامة في مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، أن سوريا تمر بمرحلة جديدة ومفصلية في تاريخها، بعد نضال طويل خاضه الشعب السوري على امتداد الجغرافيا السورية للتخلص من النظام البائد.
وأضاف: “مع سقوط هذا النظام، باتت المسؤولية مشتركة بين جميع السوريين للدخول في حوار جاد يحدد ملامح مستقبل البلاد، بما يضمن عدم تكرار أخطاء الماضي”.
ولفت أن السوريين عانوا كثيراً من سياسات الإقصاء والاستبداد، مما يستوجب مراجعة شاملة لهذه التجارب السابقة، والاتفاق على رؤية وطنية مشتركة تؤسس لسوريا تعددية ولامركزية، تحتضن جميع مكوناتها، من عرب وكرد وسريان وتركمان وغيرهم.
ولفت أن حل القضايا العالقة وتجنب إعادة إنتاج الأزمات بصيغ مختلفة يتطلب حواراً شاملاً وبنّاءً بين السوريين، يفضي إلى رؤية وطنية موحدة تضمن حقوق الجميع، وتعزز مفهوم المواطنة الحقيقية، وتحقق تطلعات كافة مكونات الشعب السوري.
وأوضح حسن محمد علي، أن سوريا عانت في الماضي من تجربة سياسية غير ناجحة، حيث تجاهل النظام السابق التنوع المجتمعي ولم يمنح أهمية كافية لمختلف مكونات الشعب السوري، كما همّش القوى السياسية والمجتمعية. حيث اعتمد النظام السابق على سياسة احتكار السلطة ومصادرة رأي الشعب، مما أدى إلى تفاقم الأزمات وتعميق الانقسامات. واليوم، ومن أجل تجنب تكرار أخطاء الماضي وتحقيق تطلعات الشعب السوري، من الضروري أن يشارك الجميع في حوار وطني شامل، يشعر فيه كل طرف بمسؤوليته تجاه مستقبل البلاد.
مؤكداً أن تعزيز الحوار بين السوريين سيساهم في سدّ الطريق أمام التدخلات الخارجية التي تستغل الانقسامات المجتمعية والتناقضات السياسية لإبقاء سوريا في حالة عدم استقرار.
وأضاف: “يؤكد مجلس سوريا الديمقراطية على أهمية عقد مؤتمر وطني سوري شامل، يضم جميع القوى المجتمعية والمدنية والسياسية، إلى جانب ممثلي مختلف المكونات السورية”، مشيراً أن هذه الرؤية تستند إلى ضرورة تجاوز إرث النظام السابق، الذي رسّخ ذهنية عنصرية أسهمت في تعميق الانقسامات داخل المجتمع السوري، وأدت إلى واقع من التقسيم السياسي والجغرافي.
ورأى أن تجاوز هذه التحديات يتطلب تغيير العقليات وإعادة النظر في الأحكام المسبقة التي تكرست عبر العقود الماضية، حيث يجب أن يجتمع السوريون حول طاولة حوار مستديرة لمناقشة قضاياهم بشفافية، بعيداً عن الإقصاء والتهميش، وبهدف التوصل إلى تفاهمات مشتركة تصبّ في مصلحة الوطن السوري.
وشدّد على أن الهوية الوطنية الجامعة يجب أن تكون الأساس، وأن سوريا الجديدة يجب أن تكون دولة تعددية، ديمقراطية، ولا مركزية، تسع جميع مواطنيها بمختلف انتماءاتهم. ومن خلال النقاش المفتوح والعقلاني، يمكن إزالة العراقيل الفكرية والذهنية التي تحول دون التوافق، كما يمكن سدّ الطريق أمام التدخلات الخارجية التي تستغل الانقسامات الداخلية لتعطيل الحلول الوطنية.
وأكد أن الحوار البناء هو السبيل الوحيد لجعل سوريا نموذجاً ناجحاً، ليس فقط على المستوى الداخلي، بل أيضاً كلاعب إقليمي وعربي ودولي، قادر على تحقيق الاستقرار والمساهمة في بناء علاقات متوازنة مع محيطه والعالم.
ورأى حسن محمد علي، أن مناقشة مستقبل البلاد يجب أن تتم ضمن مؤتمر وطني شامل، يكون بمثابة خطوة أساسية نحو الإعلان عن الدستور الجديد لسوريا. مؤكداً على ضرورة أن يستند هذا الدستور إلى مبادئ أساسية تعكس تطلعات جميع السوريين، وتضمن حقوق كافة المكونات دون تمييز.
ولتحقيق ذلك، شدّد على أهمية صياغة عقد اجتماعي وطني سوري، يكون حجر الأساس لبناء مستقبل البلاد، بحيث يرسّخ قيم العدالة والمواطنة المتساوية، ويضمن الحقوق والواجبات وفق المعايير الدولية الناجحة. مؤكداً أن التجارب الدستورية التي قامت على احترام حقوق جميع المكونات، واتبعت الشرعية الدولية، أثبتت نجاحها، ويمكن أن تكون نموذجاً يُحتذى به في إعادة بناء سوريا الجديدة.
وتابع: “نلاحظ في الدستور السوري السابق وجود إقصاء وظلم بحق جميع مكونات الشعب السوري. هذا الدستور لا يعكس تطلعات الشعب السوري بكافة فئاته، سواء العرب أو الكرد أو السريان، إذ لم يضمن حقوقهم. يجب أن نضع مبادئ أساسية يتم التفاهم عليها ومناقشتها لضمان ترسيخ هذه الحقوق في دستور سوريا الجديد. إن الحوار مع جميع الشركاء سيزيد قوتنا ويمنحنا القدرة على إدارة الأزمة بوعي سياسي عميق، مما يساعدنا على تجنب الوقوع في فوضى جديدة”.
وأكد أن السوريين يجب أن يتفقوا فيما بينهم، وفي الوقت نفسه، من الضروري أن تتعاون الدول المجاورة بشكل إيجابي لدعم الشعب السوري في رسم ملامح مستقبله، خاصة في ظل معاناته المستمرة منذ 14 عاماً. وقال: “نحن بحاجة إلى التعاون الدولي، بما في ذلك من الدول الأوروبية والولايات المتحدة، لمساعدتنا في الوصول إلى بر الأمان”.
وأضاف: “لقد طلبنا من جميع الدول الإقليمية والقوى العالمية التعاون معنا لحل مشكلاتنا الداخلية دون الدخول في صراعات جديدة. مع أن النظام قد سقط، إلا أن هناك هجمات ومعارك في بعض المناطق، وهذا لا يصب في مصلحة سوريا المستقبلية. نأمل أن نتمكن من العمل على بناء سوريا المستقبل، دولة متماسكة وصديقة لجميع دول الإقليم، تحترم سيادتها”.
ولفت حسن محمد علي في ختام حديثه، أن هذه المرحلة تتطلب جهوداً ضخمة من جميع القوى، خاصة من الحكومة السورية الجديدة ومن شمال وشرق سوريا، لأن نجاح الحوار يتطلب توافقاً داخلياً شاملاً، بداية من الحوار المحلي وصولًا إلى الحوار الوطني العام.