اعتبر حكمت حبيب، عضو الأمانة العامة للهيئة الوطنية العربية، أن مؤتمر الحوار الوطني الذي عُقد في دمشق لم يكن شاملاً ولم يمثل جميع المكونات السورية، بل كان نتاج تحضيرات سريعة قامت بها لجنة منحازة لجهة واحدة، مما جعله يفتقر إلى التمثيل الحقيقي للقوى الفاعلة على الأرض.
وقال حبيب: “منذ الإعلان عن تشكيل اللجنة التحضيرية، كانت لدينا ملاحظات كثيرة حول تركيبتها التي اقتصرت على لون واحد، دون إشراك فعلي لكل المكونات السورية، سواء على المستوى الجغرافي أو الإثني أو السياسي”.
وأضاف: “كنا ندرك مسبقاً أن هذا المؤتمر لن يجدي نفعاً، وما رأيناه اليوم أكد ذلك، حيث كان مجرد نسخة مكررة للمؤتمرات الخارجية مثل أستانا وجنيف، والتي لم تضم القوى السياسية الفاعلة، بل اكتفت ببعض الشخصيات المستقلة”.
إقصاء القوى العربية والسريانية والكردية
وأكد حبيب أن المؤتمر استبعد الأحزاب الكردية والعربية والسريانية، رغم أن العديد من الأحزاب العربية، وخاصة في شمال وشرق سوريا، ساهمت في تنظيم القوى الوطنية العربية وسعت لإحداث تغيير ديمقراطي في سوريا.
وأضاف: “كنا نأمل، بعد سقوط النظام، أن تكون هناك مشاركة حقيقية للقوى الوطنية الفاعلة، لكن المؤتمر كان مجرد تجمع سريع لتقديم الولاءات الشخصية، بعيداً عن أي مصلحة وطنية حقيقية”.
وقال حبيب: “بعد أكثر من عقد على الأزمة السورية، شهدنا تفككاً اجتماعياً بسبب الحرب وظهور تنظيمات متطرفة مثل داعش، والتدخلات الخارجية خصوصاً الاحتلال التركي لمناطق واسعة من سوريا. كان سقوط النظام السوري فرصة لتوحيد الصفوف ومعالجة الجراح، لكن السلطة الجديدة في دمشق اتجهت نحو نهج مركزي وإقصائي، مما يثير مخاوف من إعادة إنتاج النظام السابق بألوان جديدة”.
مؤتمر الحوار الوطني: خطوة نحو المركزية والإقصاء
وأشار حبيب إلى أن المؤتمر تم تنظيمه على عجل، ومنذ تشكيل اللجنة التحضيرية، اتضح أنه سيقتصر على شخصيات محددة، دون تمثيل القوى الوطنية الحقيقية، وهو ما يعكس نهجاً بعيداً عن الحوار الديمقراطي.
وأضاف: “المؤتمرات والندوات التي تعقد بهذه الطريقة لا تساهم في بناء حل وطني، بل تؤدي إلى مزيد من التشظي، لأنها تستثني القوى الفاعلة على الأرض ولا تتضمن رؤية واضحة لمستقبل سوريا”.
الحل في ملتقيات محلية وجمعية تأسيسية شاملة
وشدد حبيب على أن الطريق الصحيح للحوار الوطني يجب أن يبدأ من القاعدة، عبر عقد ملتقيات في جميع المحافظات، بحيث تختار هذه الملتقيات ممثليها بشكل ديمقراطي لمؤتمر وطني حقيقي، يُفضي إلى جمعية تأسيسية لصياغة دستور يمثل جميع السوريين.
واختتم حديثه بالقول: “مثل هذه المؤتمرات تكرّس حالة الانقسام والتشظي ولا يلوح في الأفق حلّ جديد، بل تدفع سوريا نحو نفق جديد من الأزمة”.