انتقدت هيفاء محمود، الممثلة المشتركة لحزب الحداثة والديمقراطية في شمال وشرق سوريا، مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي عُقد في دمشق، معتبرةً أنه لم يكن شاملاً ولم يضم القوى الفاعلة، بل استبعد بشكل متعمد التنظيمات النسوية والأحزاب السياسية، مما يفرغه من أي محتوى ديمقراطي حقيقي.
وقالت محمود إن التنظيمات النسوية تمتلك توجّهاً أيديولوجياً تحررياً، حيث يقع على عاتقها تحرير المرأة والمجتمعات من السلطة الأبوية والثقافة الذكورية، إضافةً إلى مواجهة الحكومات الدكتاتورية والإقصائية. كما أن الأحزاب السياسية تؤدي دوراً رئيسياً في تنظيم المجتمعات وتشكيل قاعدة جماهيرية قادرة على التأثير والتغيير، وهو ما يجعلها قوة يصعب تجاوزها.
وأضافت: “اللجنة التي كُلفت بالإعداد للمؤتمر كانت تحمل رؤى راديكالية، وسعت إلى استبعاد هذه التنظيمات، عبر دعوة أفراد مستقلين يسهل التأثير عليهم وإرضاء بعض الدول ذات النفوذ، مما يتيح تمرير أجندتها الأيديولوجية دون مقاومة تذكر”. وأكدت أن هذه اللجنة لا تستطيع مجاراة الديمقراطية الحقيقية، ولذلك قامت بإقصاء الأحزاب والتنظيمات النسوية لضمان عدم وجود فكر ديمقراطي حر داخل المؤتمر.
تغييب المرأة: إلغاء لدورها وترسيخ للسلطة الذكورية
وأشارت محمود إلى أن المنظمات النسوية تتعرض دائماً للاستهداف من قبل التيارات الدينية السلطوية التي تسعى إلى إلغاء دور المرأة في المجتمعات التي تحكمها، لافتةً إلى أن العديد من الدول ذات التوجه الديني أو الأيديولوجي المتشدد تعمل على تغييب النساء عن مواقع صنع القرار، لأنهن يكشفن الممارسات القمعية والعنف الممنهج ضد المرأة.
وأكدت أن تغييب المرأة عن أي حوار وطني يجعل المؤتمر بلا روح، ويعني إلغاء نصف المجتمع ومنعه من التعبير والعمل والفكر الحر، مما يؤدي إلى تكريس التخلف والتسلط، وإبقاء النساء تحت هيمنة العادات والتقاليد التمييزية.
نجاح أي مؤتمر مرهون بمشاركة المرأة
وأضافت محمود: “لا يمكن لأي مؤتمر أن ينجح إذا تم استبعاد المرأة، لأنها الحاضنة الحقيقية للأفكار والرؤى التي تؤسس للسياسات الاجتماعية والاقتصادية والتربوية والسياسية”. وأكدت أن الإقصاء هو توجّه سياسي يهدف إلى فرض لون واحد وصوت واحد على المجتمع، وهو ما يتناقض مع حقيقة التنوع الغني الذي تتمتع به سوريا، حيث تتعدد الإثنيات والطوائف والمكونات العرقية.
سياسات الإقصاء تؤدي إلى المزيد من الأزمات
واختتمت هيفاء محمود حديثها بالتأكيد على أن سياسات الإقصاء والتهميش لن تحل مشاكل الدولة، بل ستزيدها تعقيداً، وستؤدي إلى مزيد من الصراعات وإراقة الدماء. وقالت: “أي نهج يكرس الظلم وإهدار الحقوق وتهميش المكونات لن يؤدي إلا إلى تفكك المجتمع وانقسامه، مما يجعل الوصول إلى الاستقرار أمراً شبه مستحيل”.