عقد المجلس العام لمجلس سوريا الديمقراطية «مـسد»، أمس السبت، اجتماعه الدوري في مدينة الحسكة، برئاسة الرئاسة المشتركة للمجلس، وبمشاركة واسعة من أعضاء المجلس العام ورؤساء الأحزاب والقوى السياسية المنضوية ضمن «مسد»، وذلك لمناقشة آخر التطورات في الملف السوري، والتحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، ودور «مسد» في المرحلة الراهنة والمقبلة.
ناقش الاجتماع في بدايته التحولات الجارية في الإقليم، واختلال التوازنات الجيوسياسية، وانعكاساتها المباشرة على المشهد السوري، وأكدوا على ضرورة التعامل مع هذه المتغيرات برؤية وطنية شاملة تنطلق من مصالح السوريين وحقوقهم المشروعة، بعيداً عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية.
وفي هذا السياق، شدد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية الدكتور محمود المسلط أن الإعلان الدستوري لا يمثل المكونات السورية وطبيعة المجتمع السوري المتنوع، وعليه يجب تضمين حقوق جميع المكونات في الدستور، لأن السوريين ثاروا ضد الإقصاء والتمييز، ولا يجوز تكرار تهميش طيف واسع من السوريين في مرحلة مفصلية من مستقبل البلاد. وأكد أن «مسد» يمتلك دوراً محورياً كجسر سياسي بين مختلف المكونات، وقوة دافعة نحو التغيير السياسي السلمي والديمقراطي.
وأضاف: “دماء السوريين أينما تكون هي دماؤنا، ويجب أن ننطلق من هذه الحقيقة في رسم مستقبل مشترك.”
من جهتها، أكدت الرئيسة المشتركة السيدة ليلى قره مان أن البلاد تمرّ اليوم بمنعطف حاسم يتطلب توحيد الجهود ورأب الصدع بين مكونات الشعب السوري، وقالت:
“سوريا بأمسّ الحاجة إلى عملية انتقالية سياسية شاملة وجامعة، والسوريين اليوم بحاجة بالدرجة الأولى إلى الحوار الوطني والتفاهمات، أي اتفاق بين السوريين يخدم وحدة المكونات السورية وبناء جسور الثقة وتعزيز الهوية الوطنية هو مدخل أساسي لبناء سوريا الجديدة يحتضن جميع أبنائها.”
وتابعت: “مسد هو إطار وتحالف وطني قادر أن يلعب دوره في هذه المرحلة الحساسة الحرجة ولديه إمكانية التواصل مع كافة القوى من أجل بناء سوريا الجديدة.”
وشدد المجتمعون على أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في عموم البلاد، ومنع تحول سوريا إلى ساحة صراع إقليمي ودولي، باعتباره خطوة أساسية لإعادة بناء الثقة، وتهيئة بيئة مستقرة لأي عملية سياسية مستقبلية.
كما تناولت المناقشات شكل الدولة السورية المستقبلية، وطبيعة النظام السياسي الذي يلبي تطلعات السوريين، ويضمن وحدتهم وحقوقهم، انطلاقاً من الانتقادات الموجّهة للإعلان الدستوري وتشكيل الحكومة السورية الجديدة، اللذين تجاهلا التعدد القومي والديني والسياسي في البلاد، ما اعتُبر استمراراً لنهج الإقصاء والتهميش، وعاملاً أساسياً في تفجر الأزمة السورية واستمرارها. وأكد المجتمعون أن غياب التمثيل الحقيقي لجميع المكونات يُعمق الانقسامات، ويتعارض مع أي تصور لبناء دولة ديمقراطية حديثة تقوم على مبدأ المواطنة المتساوية والعدالة والتعددية، ما يستدعي إعادة صياغة العملية السياسية على أسس جديدة وشاملة.
وقدمت الرئاسة المشتركة عرضاً مفصلاً حول نتائج زيارتها إلى دمشق ولقاءاتها مع عدد من القوى السياسية السورية، بالإضافة إلى اجتماعاتها مع وزيرة الخارجية الألمانية والبعثات الدبلوماسية في أوروبا ومصر والولايات المتحدة الأميركية، ووصفت اللقاءات بـ«الإيجابية والمثمرة».
كما رحّب الاجتماع بالاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخراً بين قائد قوات سوريا الديمقراطية والرئيس السوري، وعبّر الحضور عن دعمهم لهذا التفاهم، لما يحمله من مؤشرات إيجابية قد تمهّد لانطلاقة جديدة في مسار الحوار السوري-السوري، وتعزز فرص الوصول إلى حلّ سياسي شامل.
وشكّل ملف التوافق الكردي-الكردي أحد محاور النقاش الأساسية، حيث أكد المجتمعون أن تحقيق توافق فعلي بين القوى الكردية يُعد ركيزة مهمة للمشروع الوطني الديمقراطي، ويمهد لتفاهم أوسع بين جميع مكونات الشعب السوري.
وفي الشأن التنظيمي، استعرضت الهيئة الرئاسية تقريراً حول أداء مكاتب المجلس، وفتح النقاش حول تطوير الآليات التنظيمية، بما ينسجم مع المتغيرات، وتم تقييم نقاط القوة والضعف في الأداء خلال الفترة الماضية، مع التأكيد على ضرورة الارتقاء بالعمل المؤسساتي وضمان فعالية الهياكل التنظيمية في المرحلة المقبلة.
وفي ختام الاجتماع، شدد الحضور على مواصلة العمل السياسي المنفتح، وتعزيز الحضور الوطني لمجلس سوريا الديمقراطية كإطار جامع للسوريين المؤمنين بالديمقراطية والتعددية، مع التأكيد على تنفيذ التوصيات الصادرة عن الاجتماع، والتحضير للقاءات لاحقة تُكمل هذا المسار، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من العمل الوطني المشترك.