بقلم :سيهانوك ديبو
لجنة متابعة نجمت عن أعمال لقاء عيسى الأول يومي 18/19 تموز العام الحالي المنعقد تحت شعار اللقاء السوري السوري, حضره حوالي السبعين من القوى والأحزاب وشخصيات المعارضة الديمقراطية العلمانية السورية بدعوة ورعاية من مجلس سوريا الديمقراطية- مسد. كإحدى نتائج هذا اللقاء نتج تشكيل لجنة متابعة مهمتها التحضير لعقد لقاء ثاني مواصلة مع مختلف القوى والأحزاب ومع الشخصيات السورية؛ وفقه فقد تقرر عقد اللقاء الثاني –منذ أكثر من شهر- بتاريخ 28/29 نوفمبر تشرين الثاني الحالي؛ موجهة دعوة إلى من تم التواصل معهم/ معهن لحضور أعمال اللقاء الذي ينعقد على مدار يومين مناقشاً ستُّ محاور هي على الترتيب: الشأن الإنساني، شكل الحوكمة في النظام السياسي لسوريا المستقبل، مسألة الاقتصاد، محور الدستور، مسألة المرأة، وأخيراً آليات توحيد المعارضة السورية ودورها في عقد المؤتمر الوطني العام لحل الأزمة السوري .
.
في التاريخ نفسه –دون وازع صدفة- بالأساس لا توجد الصدف في التاريخ- يعقد اجتماع جديد للآستانا بجولة رقمها11 سوى أنها في الحقيقة 12. وما تم ذكره من قبل المضيف؛ فإن هذه الجولة تحضرها الدول الضامنة الثلاث (إيران، تركيا، وروسيا) وطرفين كمراقب من الأردن ومن الأمم المتحدة. ولا داعي لذكر ما يعنيه المراقب، وما تم ذكره أيضاً بأن هذه الجولة لن تتطرق إلى اللجنة الدستورية. يبدو في ذلك بأن الضامنين أدركوا نهاية بأن لجنة الدستور لن تنسج من خلالهم؛ من مسار آستانا الذي تم صناعته بالأساس كي يكون البديل لجنيف على الرغم من إظهار الضامنين وبخاصة موسكو عكس ذلك. يأتي ذلك بالتزامن مع تصريحات السيد بشار الجعفري الذي أظهر الحائط المسدود في ملف اللجنة الدستورية متحججاً مرة أخرى بأنه بالملف السيادي، حقيقة الأمر تؤكد بأن الرجل لم ينطق عن الهوى إنما بالوحي/ الأمر الذي أوحى إليه من قبل موسكو ثم طهران وحتى أنقرة. فسوريا كلها باتت في السماء؛ طالما جغرافيتها وأرضها وسيادتها بالمخترق. لا بل يأتي عقد هذه الجولة بعلاقة كبيرة وملف إدلب الملجوم لجماً ومرة أخرى تحت ذريعة الشأن الإنساني في إدلب وتحت بند الذريعة الأشد بطلاناً بأن أنقرة بغير القادرة على تحمل تدفق ملايين جدد –هذه المرة من إدلب. في هذا بيّنت الوقائع أكثر وفي خضم التصريحات الأخيرة المسكوبة بأن أنقرة أكثر من استفادت من ملف اللاجئين السوريين مادياً ومالياً وأكثر من تبتز غيرها سياسياً من خلاله وبخاصة أوربا. طاقة القدر أفتحتها أنقرة وأنزلتها لصالحها هذه المرة أيضاً. أما ابتزاز أنقرة للرياض في قضية مقتل الاعلامي السعودي جمال خاشجقي فهو مثال ضمن سلسلة ابتزازات تركيّة تجاه بلدان المنطقة والعالم. فهذه هي تركيا وهذه حقيقتها المارقة .
.
الآستانا 11 يحضره وفد من النظام وآخر (للمعارضة المسلحة)؛ لا بد أن يحضروا كي يستدل من خلالهم بأنها جولة تتعلق بسوريا. ويجب أن لا نتفاجئ بأن النصرة والتركمنستاني وحراس الدين يحضرون الجولة؛ فهم حقيقة من يمثلون (المعارضة المسلحة)؛ دون أن ننسى وجوه صفراء من (درع الفرات) و(غصن الزيتون). هذه هي تركيا الحالية أمُ حنون وصدر رحيم لهؤلاء بالمفرق وبالجملة
.
الآستانا 11 ابنة الآستانا 1 التي تدرجت من شعارات متعددة وتخللتها إشارات متناقضة بدأت من إيجاد التسوية و(خفض التصعيد) و(مؤتمر الشعوب السورية) و(اللجنة الدستورية في سوتشي) وأخيراً ب(منطقة منزوعة السلاح) في إدلب؛ جرت كلها بهدف خلق سياق خارج الحل السياسي الدولي، وفرض مصالحات قسرية، إعادة ترسيخ النظام في مناطق المصالحات وتأهيله لاستعادة حالة الاستبداد في سوريا التي تقسّمت في ظل الآستانات، ولم تعد سوريا التي عرفناها ذات يوم. نصف مساحة لبنان تحتلها تركيا اليوم في سوريا؛ من بينها عفرين. إذا ما هو ممكن أن نقوم بوصف الآستانات فإنها نجحت في أمور كثيرة أهمها احتلال تركيا لعفرين. وقس ذلك على المتبقي.
من المهم ذكره بأن هذه الجولة تأتي في جانب كبير منه للتشويش على أعمال لقاء عين عيسى الثاني. لكن من المهم أيضاً التأكيد بأن مجرد إيجاد مقارنة بسيطة بين ما خلّفته الآستانات (1 إلى 11) من جهة ومن جهة أخرى المنجز من قبل مجلس سوريا الديمقراطية من بينها اللقاء السوري السوري وفق الأجندة الوطنية السورية المحضة التي تعقد في عين عيسى الثاني؛ للوصول بيسر بأن مسد ما يزال يُقْدِمُ الخطوة تلو الأخرى للإنقاذ ومنع التقسيم وأن تكون القوة الفاعلة من خلال قوات سوريا الديمقراطية لكل تحرير من الجغرافيا السورية.
وأن القوى العلمانية والديمقراطية وعموم الوطنية السورية من المفترض أن تغادر مواقع التردد والتحضُّر للبناء. فخطوة حل حقيقي تعادل كل سنوات الأزمة، ولأن الحقيقة تؤكد بأن 11 يساوي الصفر، و2 لا تساوي 2. وما يدل على أن استانا11 فاشلة أكثر؛ فلكونها المهمة الأخيرة للمبعوث الأممي إلى سوريا السيد دي مستورا؛ هكذا طلب منه الأمين العام غوتيرش: البقاء من أجل المهمة الأخيرة. وإذا الهدف من المقارنات هو الاختيار فإن اختيار أيّها الوجهة السورية بات بالأمر السهل جداً. ما يلزم إرادة واعية ومسؤولة.