Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

بقلم: سيهانوك ديبو

 

قبل أن نقول بأن حرباً عبثية وفوضى شعواء كانت ستحدث في السادس من أغسطس آب الحالي قد تمّ تجنيبها على كامل شرقي الفرات، هذه الحرب إن وقعت فكانت من قبل رئيس تركيا المرعوب أردوغان الذي يعلم بأن بلَّ التغيير يصله وتصل تركيا إنْ عاجلاً أو آجلاً. نراه يكبّر قفزاته دوماً، بما تخلّف من أزمات تركية مختلفة داخلية وخارجية.

قبل قول ذلك لا بد من التأكيد بأننا واقعون اللحظة في التهيئة الثانية من الحرب العالمية الثالثة مركزها الشرقين الأوسط والمتوسط. تتعرض فيهما تركيا إلى هزة قوية أولى في العام 2021.

  • هل ستجدد روسيا اتفاقية موسكو- قارص الموقعتين في 1921وتأتي أهم بنودها في إعادة التصديق من قبل روسيا على الاتفاقية كل 25 عاماً؟

وقد كان آخر تصديق لها عام 1996، وإذا لم تصدق موسكو فإن حوالي 30% من أراضي تركيا الحالية سيتم اقتطاعها. أما الهزة الثانية فعتبتها في العام 2023. مئة عام على معاهدة لوزان التي توالدت كل هذه الدول –من بينها تركيا الحديثة- باستثناء كردستان المقرة في سيفر 1920 والملغية تماماً من لوزان 1923.

تركيا الأردوغانية تتزمجر وتتصرف من سبع أعوام كدولة مارقة بغية تحقيق أعلى درجة توسّع لها، وحين يصلها بلِّ التغيير تضمن أن تبقى هي كما هي القائمة؛ إنها جزء من حسابات متطابقة للطغاة المتوحدين وهواجسهم. ولعل آخر تمددين لأردوغان أولاهما بإنشاء قاعدة لها في قطر بمسمى (طارق بن زياد) ليكون الخليج العربي خلفه والسعودية عدوه.

  • ترى هل يعلم أردوغان بأن تركيا في مأدبة قطر الجزيرة اللئيمة غدا أضيع من الأيتام؟

وثانيهما ما سماه أردوغان بممر السلام. يذكرنا الاسم بممر السلام والازدهار الاسرائيلي في وادي الأردن الذي جاء برعاية يابانية لاجتماع الثلاثي اسرائيل والأردن وفلسطين في اليوم الأخير من نيسان 2018 سوى أن الأخير وفق ما جاء رسمياً من قبلهم بأنه مشروع حيوي لتنمية الاقتصاد في فلسطين والازدهار في وادي الأردن، وسياسي اقتصادي بالنسبة لإسرائيل.

بينما ممر السلام الذي يدعو إليه أردوغان هو ضد السلام في كل المنطقة والعالم. كما أن آلة الإعلام التركية تريدها أن تكون كما عادة أعلامها من قلب للحقائق وتزوير الوقائع بالمنطقة الآمنة، والموقف الرسمي الأمريكي يسميه بالآلية الأمنية، وأضاف عليه بأنه ليس بالنهائي إنما بالأوليّ ذلك من بعد المقابلة التي أدلى بها السيد مظلوم عبدي القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية لوكالة هاوار الإخبارية مؤكداً فيها وعلى مدى نصف ساعة تقريباً بأنها لم تنجز بعد وتوجد فيها الكثير من التباينات والعديد من التفاصيل التي تحتاج إلى التوافق وبأن كامل شرقي الفرات يجب أن تكون بالمنطقة الآمنة، وبأن منبج صار خلفاً وعفرين تعود كما سابق عهدها. أي أن اتفاقاً ما بين واشنطن وأنقرة؛ من نوعاً ما؛ تفرضه سياقات المرحلة حدث في أورفا. يمكن تسميته باتفاق أورفا على شاكلة اتفاق منبج. لكن ليس بالمنطقة الآمنة. أورفا مدينة النبي ابراهيم الخليل أبو الأنبياء، وهي أيضاً مدنية السيد عبدالله أوجلان المعتقل في الجزيرة التركية إمرالي عشرين عاماً.

أوجلان الذي أدلى مؤخراً بأنه يحتاج لسبع أيام لوقف الحرب، وقال في العام 2015 بأنه يحتاج إلى 180 يوماً لوضع سلام مشرف ما بين العمال الكردستاني وأنقرة بهدف حل راسخ للقضيتين الديمقراطية والكردية في تركيا.

على الرغم من أن فرص نجاح اتفاقية أورفا تبقى بالمحدودة؛ سوى أنها أحدثت تحولاً إيجابياً مرحلياً في مسارات الأزمة السورية وعموم أزمات شرقي الأوسط والمتوسط. في مقدمتها إبعاد وقوع الحرب على كامل شرقي الفرات التي ما يزال أردوغان يهدد بشنها في ظل أكبر كم من وجود حطب الحريق (جماعات مسلحة سوريّة تتفاخر منذ مدة بأنها ستتولى شؤون شرقي الفرات بدلاً من قوات سوريا الديمقراطية) وهي نفسها الجماعات التي ابتكرت طرقاً مشينة في اللصوصية والسلب والقتل والتغيير الديمغرافي في عفرين ليلة احتلالها إلى اليوم، وهي المحسوبة على الائتلاف بمن فيهم المجلس الوطني الكردي. كما لشأن هذا الاتفاق غير المنجز بأن تسرِّع كلٍّ من السلطة في دمشق وحليفها موسكو عملية مفاوضة حقيقية أو حوار بناء ما بين دمشق ومجلس سوريا الديمقراطية. وفي الوقت نفسه فإنه من المفترض أن تؤثر في إسقاط الفيتو التركي من مشاركة مجلس سوريا الديمقراطية في هيئة التفاوض التي تؤكد الوقائع الحاسمة بأنه حان وقت إعادة هيكلتها بشكل جذري حين عقد الرياض3؛ بخاصة أن اللقاء الثلاثي المزمع عقده في الذكرى 19 من العملية الإرهابية على برجي التجارة العالمية في نيويورك أي في 11 سبتمبر أيلول القادم في أنقرة ما بين الرؤساء الثلاث: بوتين وروحاني وأردوغان سيكون بمثابة إشهار نعوة الآستانا السورية. كم يشبه الآستانا مؤتمر ترسانا الذي عقد في 23 كانون الأول ديسمبر 1876 م على خليج إسطنبول، كان بهدف الوصول إلى حل بين السلطنة العثمانية والصرب ولم تتفق الأطراف المختلفة على حل يرضي الطرفين في اجتماعين يفرق بينهما الشهر.

فإذا كان فشل مؤتمر ترسانا أدى إلى حرب روسيا القيصرية والسلطنة العثمانية 1877-1878 التي استرجع من خلالها أغلب ما خسرته روسيا من أراضي لصالح السلطنة العثمانية في حرب القرم 1856، فإن تأخير إعادة نصب صواريخ إس 400 إلى منتصف العام القادم، وموقف أنقرة المستجد بخصوص لا شرعية الوجود الروسي في أوكرانيا، وفشل آستانا بالرغم من 13 محاولة تدوير الخلافات ما بين الضامنين الثلاثي روسيا تركيا وإيران؛ فإنه يبدو بأن التباعد الروسي والتركي صار وقته، ولو صار ذلك واضحاً فإن روسيا قد لن تبدو غاضبة كثيراً فتركيا قبل آستانا1 لا تشبه أبداً تركيا بعد آستانا 13.

ليس فقط تركيا إنما الجميع بوجوه مصفرّة نالها التعب في إدلب التي تبدو بعيدة عن حسم عسكري لصالح طرف مقابل انحسار أطراف أخرى منها.

الثابت في المسألة السورية بأن المتغير هو الثابت. والعالم برمته على كف عفريت. كل المناطق ملتهبة ليست فقط كشمير. عود كبريت واحد يشتعل يكفي أن يدخل العالم في حرب عالمية بشكل مباشر.

سوريا اليوم تشبه ألمانيا 1944، شرقية وغربية. هل ستكتفي البلدان العربية –رغم أزماتها- بالنظر فقط إلى خط المجابهة (الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا)، والتعامل المتردد معها بدلاً من الانفتاح الرسمي وإياها؟

في حوزة أبناء المشرقين الأوسط والمتوسط الكثير ليثبتوا بأن الشرق الأوسط لن يستقيم أحواله حتى يكون بالشرق الأوسط الديمقراطي. يلزمنا مبادرة على شاكلة مبادرة الملك الكومبودي الراحل نوردوم سيهانوك أرسى من خلالها ثوابت حل كل الأزمة الكمبودية لتكون كمبوديا اليوم بلداً بالقدر المتطور الآمن الذي يشهده اليوم. وهنا فإن الالتفات إلى حبيس إيمرالي تبدو اليوم بالخطوة العظيمة. أوجلان يعتبر من الأمثلة التاريخية القليلة للنضال المدني المقاوم محوِّلاً سجنه إلى مصدر إنتاج أفكار النهوض المجتمعي والتغيير الديمقراطي، ويعتبر اليوم ومستقبلاً ركيزة أساسية من ركائز السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وليس فقط من خلال حل القضية الكردية. هناك من سجنه توجد مبادرة. ما يلزم الالتفات إليه.

تنويه هذه المقالة نشرت في موقع المركـز الديمقراطـى العربـى للدراسات الإستراتيجية والسياسية والإقتصادية
 16آب/أغسطس2019
المشاركة