إلى القوى الديمقراطية والفعاليات المجتمعية السورية
في إطار الجهود الرامية لتوحيد رؤى المعارضة؛ عُقِدت مؤتمرات ومبادرات ولقاءات، وتم التوصل في “مؤتمر المعارضة السورية من أجل حل سياسي في سورية” في القاهرة إلى ميثاق وطني مشترك وخارطة طريق جامعة، ركزت عدة شخصيات وقوى سياسية ومدنية على ضرورة امتلاك هذه المخرجات جسما سياسيا قادرا على التعريف الواسع بها وكسب أوسع تأييد سوري وإقليمي ودولي لإطروحات المؤتمر. وقد جرت اتصالات متعددة بين المشاركين من أجل وضع تصور مشترك لمأسسة هذا المشروع الوطني الجامع. وفي شهر آب/أغسطس 2015 وجهت حركة المجتمع الديمقراطي نداءً من أجل بناء تحالف ديمقراطي علماني في عموم سورية. كذلك دعت مجموعات عديدة لهذا التحالف كتابة ونشاطا. ونتيجة الحوار والتواصل واللقاء بين القوى الديمقراطية في سوريا؛ قرر جمع من هذه القوى إطلاق مبادرة وطنية تأخذ على عاتقها الممكن والواجب في اتجاه إنجاح الحل السياسي واستعادة الصوت المدني الديمقراطي لمكانته ودوره في وقف العنف وخوض معركة بناء المؤسسات والبنيات التحتية بالوسائل الديمقراطية وفي مرحلة انتقال تعتمد بيان جنيف مرجعا تحقق حوله أوسع توافق سوري ودولي.
لقد دخلت الأزمة السورية عامها الخامس، ولازالت آلة الحرب تحصد الأرواح وتنشر الموت والدمار، في ظل فشل السوريين في التوصل إلى صيغ توافقية وبلورة مشروع سياسي يفضي إلى مخرج للنفق المظلم الذي دخلته البلاد رغم عقد عشرات المؤتمرات، ولا يوجد في الآفق المنظور أي توافق لحل الأزمة من قبل القوى الدولية المعنية بالملف السوري، فعنف النظام الاستبدادي والعنف المضاد أديّا لمقتل مئات الآلاف ومثلهم من المفقودين وأكثر من مليوني مصاب ومعوق وملايين المهجرين ودمار شبه كامل لمعظم المدن والبلدات والقرى وبناها التحتية.
مع دخول الجماعات الإرهابية على خط الأزمة والتي تعمل لتنفيذ أجندات ومشاريع معادية لمصلحة الشعب السوري، دخلت سوريا معتركاً خطيراً ومتاهات ما عاد بالسهولة الخروج منها وأصبحت ساحة مفتوحة للصراع الإقليمي والدولي، مما يستوجب التحرك بمسؤولية تاريخية لوقف نزيف الدم السوري وانهاء حالة التشرذم والتبعثر والتمزق في النسيج المجتمعي والتي تسببت في هدر طاقات المجتمع وديناميكيته الداخلية مؤدية إلى مزيد من التعقيد والتشابك في المشهد.
إن ما آلت إليه الأوضاع المأساوية في سوريا بدأت تفعل فعلها في تمزيق النسيج المجتمعي السوري بسبب إصرار الأطراف المتصارعة على استخدام العنف. واستمرار هذا الواقع، سيدفع باتجاه التقسيم والتشظي.
إن الحل السياسي لا يزال يفرض نفسه كحل وحيد للأزمة السورية كونه يضع حداً للمأساة السورية ويفسح المجال امام كافة مكونات المجتمع لتقوم بدورها المطلوب في سوريا المستقبل، على أسس ديمقراطية توافقية؛ بغية بناء مجتمع ديمقراطي تعددي ومؤسسات دولة دستورية تعاقدية لا مركزية.
إن أي حل سياسي ديمقراطي يعني الواقعية والعقلانية السياسية وضمان حقوق المواطنة والمكونات القومية. من هنا نعتبر الميثاق الوطني السوري مرتكزاً لمبادئ بناء سورية الجديدة ونؤكد على جملة مبادئ تجمع المدافعين عن سورية ديمقراطية علمانية لكل أبنائها:
– انهاء النظام الاستبدادي وبناء نظام ديمقراطي برلماني تعددي في دولة لامركزية.
– محاربة الجماعات الإرهابية التكفيرية بمختلف مسمياتها .
– الإقرار بالتنوع المجتمعي السوري والاعتراف الدستوري بالشعب الكردي والشعب السرياني (الآشوري الكلداني الآرامي) والشعب التركماني والأرمني والشركسي وحل قضيتهم حلاً ديمقراطياً عادلاً وفق العهود والمواثيق الدولية في أي دستور توافقي قادم.
– استلهام المحطات النهضوية في الثقافات الإسلامية والمسيحية الشرقية والعقائد الأخرى باعتبارها تراثا مشتركا في الوطن السوري لكل مكوناته.
– اعتبار حرية المرأة ضمانة لكافة الحريات.
– اعتبار الشباب القوة الفاعلة في المجتمع والعمل على تمثيلهم النوعي في النظام الديمقراطي المنشود.
– ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وبشكل خاص ضحايا الحروب المدمرة التي عاشتها سورية في السنوات الخمس الأخيرة
– حماية الطفولة ووضع مشاريع خلاقة لإنقاذ أطفال سنوات العنف من تبعات التهجير والعسكرة والأمية والتربية السليمة.
اعتمادا على هذه المبادئ الأساسية فإننا نرى أن على القوى السورية الفاعلة على الأرض والمؤمنة بالحل السياسي أن تتحرك بقوة لطرح نموذجها والتوافق على صيغة مشتركة للحل مما يستوجب:
أولا- طرح مشروع الحل المعتمد ومناقشته مع كل القوى السياسية المؤمنة بالحل السلمي الديمقراطي بدون استثناء والوصول بالمشروع إلى صيغته النهائية.
ثانيا – تشكيل أكبر تجمع ممكن من هذه القوى من خلال عقد اجتماع موسع لممثليها للسير بالمشروع وتطبيقه على أرض الواقع.
المبادرة؛ مبادئها ومنطلقاتها الأساسية
هو مشروع سياسي وطني ديمقراطي سوري يعمل على ضم كل المكونات المجتمعية والكيانات السياسية في هذه المرحلة الاستثنائية المصيرية من أجل تحمل مسؤولياتهم في انقاذ وطنهم من المأساة التي يعيشها وتحقيق تطلعات شعبهم في التغيير الديمقراطي الشامل الذي يحقق العدالة الاجتماعية وبناء النظام الديمقراطي العلماني البديل. يشكل الاجتماع التحضيري نقطة انطلاق بناء جبهة سورية الديمقراطية التي تخوض بقواها المدنية والسياسية وشخصياتها الوطنية والإعتبارية المعارك السياسية القادمة من أجل انتقال البلاد من العنف والاستبداد والتطرف إلى دولة قانون ومؤسسات قادرة على إعادة سورية إلى عداد الدول ذات السيادة والعطاء والإلهام.
نحن ممثلو المكونات المجتمعية والقوى السياسية؛ ارتأينا القيام بهذه المبادرة من أجل التأسيس لمشروع سياسي يستند الى إرادة موحدة وقناعة مشتركة بأن الوضع السوري يستدعي إعادة الثورة السورية الى مسارها الصحيح.
بالتأكيد ندرك انه لا توجد أية وصفات جاهزة وكاملة لهذا الواقع السوري المعقد الذي اذا استمر انما يهدد المنطقة والعالم برمته لكننا ندرك أيضا ونؤمن، أن الجهود الخيرة لأبناء هذا البلد واصدقائه ستثمر عن مشاريع قادرة على انقاذ ما تبقى من سورية وحماية الاخرين من شظاياها اذا انفجرت لكن ذلك يحتاج إلى رؤى موضوعية قمنا بطرحها من خلال هذه المبادرة التي تنتظر التطوير والتحديث عبر مناقشتها في مختلف الهيئات والمحافل التي تجد نفسها مسؤولة عن ايجاد حل لهذه الازمة وهذا بدوره يستلزم الاصرار والالتزام الواعي بقضايا الشعب من خلال رؤى ديمقراطية حقيقية تسمح للجميع بالمشاركة في الحل والبناء لتكون سورية وطناً ديمقراطيا تعدديا لا مركزيا علمانيا لكل السوريين على اساس احترام الحقوق الديمقراطية لكل المكونات وفق ما تنص عليه القوانين والاعراف الدولية بضمانات دستورية.
القوى السياسية في الإدارة الذاتية الديمقراطية
كتلة أحزاب المرجعية السياسية الكردية
تيار قمح
تجمع عهد الكرامة والحقوق
التحالف الديمقراطي الوطني السوري
23 تشرين الثاني 2015