تعيش مدينة حلب آلاماً مضاعفة جراء الزلزال المدمر والحصار الخانق واستغلال وسرقة المساعدات الإنسانية، فقد نالت مدينة حلب كما بقية مناطق شمالي سوريا قسطها من الموت والتضرر والانهيارات، ففي ظل الكارثة الإنسانية التي سببها الزلزال الذي ضرب فجر الاثنين الفائت مناطق واسعة من جنوب تركيا وشمال سوريا، يعاني أهالي مدينة حلب الذين التجئوا إلى الحدائق والمدارس والمساجد والمحال التجارية ومراكز إيواء خوفاً من العودة إلى منازلهم بسبب التصدعات التي أصابتها، وباتت معرضة لخطر الانهيار في أي لحظة.
“الموت يلاحقنا كيفما توجهنا” هي لسان حال سكان حلب شمالي البلاد ثاني أكبر مدن سوريا والمعروفة بالعاصمة الاقتصادية للبلاد، تقول فاطمة (45 عاماً)، التي كانت تسكن حي السريان بمدينة حلب؛ أنها التجأت هي وعائلتها المؤلفة من ستة أشخاص إلى الحدائق العامة وأخلت منزلها المهدد بالسقوط جراء الزلزال المدمر، أنهم يفترشون العراء وسط ظروف جوية قاسية بسبب البرد الشديد وغياب المساعدات الإنسانية والإغاثية.
وأشارت فاطمة أن المساعدات الإنسانية التي يتم توزيعها في الحدائق والمساجد والمدارس كانت بالمحسوبيات وقد تم توزيعها على بعض العائلات من المعارف وبـ “الواسطة” وفق تعبيرها، واصفة واقع النازحين في الحدائق بعامية الكلام “كلو سرقة بسرقة، ما عم يوصل للشعب من الجمل أدنيه، ناس عم تاخود وناس عم تبقى بلا أكل”.
قد يهمك: 2167 ضحية حصيلة متغيرة وغير نهائية لضحايا الزلزال شمال غرب سوريا
وتسبب الزلزال المدمر بانهيار عدد كبير من الأبنية السكنية في أحياء الفردوس والاعظمية وبستان القصر والكلاسة وصلاح الدين والشعار والميسلون بمدينة حلب.
وتم افتتاح أكثر من 175 مركز إيواء مؤقتة للمتضررين من الزلزال الذي ضرب سوريا، منها 150 شقة تابعة لمجلس المدينة في حي مساكن هنانو و25 شقة في مبنى التأهيل والتدريب في حي الشيخ طه بحلب إضافة إلى 17 مدرسة في محافظة حلب.
وتتحكم لجان الإغاثة التابعة للسلطة في دمشق على المساعدات الإنسانية التي وصلت إلى مطار حلب الدولي من دول عربية واجنبية عقب الزلزال الذي شهدته المدينة كمساعدات عاجلة للمتضررين وفرق إنقاذ لانتشال الأنقاض.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، رامي عبد الرحمن، في احد تصريحاته للإعلام، أنه “في مدينة حلب ما تزال هناك أحياء يتواجد فيها أبنية دمرت على قاطنيها لم تدخلها فرق الإنقاذ التابعة للحكومة إلى الآن”.
وتابع ” 83 طائرة محملة بالمساعدات المخصصة لمنكوبي الزلزال دخلت إلى سوريا لم يدخل أي شاحنة لمناطق شمال غرب سوريا”، مشيراً بأن الحكومة السورية تسيس المساعدات للترويج لنفسها، لافتاً إلى سرقة هذه المساعدات المخصصة وبيعها في السوق السوداء من قبل الحكومة.
كما بادرت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بإرسال عشرات الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية والطبية إضافة لعشرات صهاريج الوقود لمساعدة المتضررين في مناطق سيطرة السلطة في دمشق إلا أن لم تكلل جهودها بالنجاح ولم تدخل تلك القوافل إلى الآن بسبب رفض السطلة في دمشق السماح بدخولها.
هذا وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للمعونات المخصصة لمنكوبي الزلزال تباع في السوق السوداء.
أحياء من حلب محاصرة… ولم تدخلهما أي مساعدات دولية إلى الآن..!
الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق عدة في سوريا وخلف دماراً هائلاً، زاد من معاناة أهالي حيي الشيخ مقصود والاشرفية والذي كان لهما نصيب من الخسائر البشرية جراء الزلزال، في ظل استمرار الفرقة الرابعة التابعة للسلطة في دمشق منذ أكثر من سبعة أشهر على التوالي.
وبهذا الصدد، قال نائب المجلس العام في حيي الشيخ مقصود والاشرفية، مرعي الشبلي “بالرغم من الوضع الكارثي الذي يعيشه السوريون في مدينة حلب وخاصة أحياء حلب المحاصرة، لم يدخل إلى الآن أي مساعدات دولية، وتستمر السلطة في دمشق بحصارها ومنع دخول المواد الإغاثية والإنسانية، والمحروقات والأدوية وحليب الأطفال وغيرها من المواد الضرورية”.
وطالب الشبلي القوى الدولية والجهات المعنية، بالعمل من أجل الضغط على أنقرة ودمشق لإجبارهم على فتح الطرق لإيصال المساعدات الإنسانية إلى منكوبي الزلزال وتخفيف حجم الفاجعة التي طالت المنطقة.
قد يهمك: رسالة عزاء وتضامن مع منكوبي الزلزال في سوريا وتركيا
ومن أكثر المناطق التي تضررت في سوريا إثر الزلزال هي محافظتا حلب وإدلب وريفيهما، وهي نفس المحافظات التي تعاني منذ أكثر من إحدى عشرة سنة وتضررت بدرجة كبيرة جراء الحرب السورية ولا تزال تعاني من الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة، إذ يعيش 90% من سكان هذه المحافظات تحت خط الفقر.
هذا وقد أعلنت الحكومة السورية يوم الجمعة المناطق المتضررة في محافظات حلب واللاذقية وحماة وإدلب، على انها مناطق منكوبة، وهو توقيت اعتبره العديد من الناشطين متأخراً ولا يمت الواقع بصلة إذ أنه كان من المفترض إعلان المحافظات المتضررة مناطق منكوبة من اليوم الاول بدلا من الانتظار ٥ أيام.
وبحسب الارقام الرسمية فإن عدد ضحايا الزلزال في سوريا وصل إلى أكثر 5300 شخص فقدوا حياتهم وحصيلة الضحايا مؤهلة للإرتفاع إلى أكثر من سبعة آلاف في سوريا بحسب مدير المرصد السوري حيث أشار لوجود مئات الجثث تحت الأنقاض بعداد المفقودين.
لينا العلي- حلب