Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

باهتمام وترقب حذر، يتابع السوريون حالة الانفتاح على السلطة الحاكمة في دمشق، ليس من باب الاهتمام بالسلطة، و”عودة العرب إلى سوريا”، حسب توصيفات مُحللي السلطة وإعلامييها، بل يتابعون تلك التطورات، من باب ترقبهم للقادم من الأيام، وما ستحمله من انعكاسات قد تطال “ربما” واقعهم الاقتصادي المُتردي، فـ السوريون بغالبيتهم، لا تعنيهم التطورات السياسية على أهميتها، بقدر ما يعنيهم ويؤرقهم الجانب الاقتصادي، لا سيما أن الوضوح في المشهد السوري، يشي بجملة واسعة من العناوين السياسية، سواء لجهة الدول التي أعادت علاقتها مع السلطة في دمشق، أو تلك الجهات التي لا تزال تترقب مآلات وتطورات الواقع السوري بعناوينه السياسية والاقتصادية.

قد يهمك: الإعلام السوري.. بين ضرورات السلطة ورغبات السوريين

وجهتي نظر تحكم السوريين في خضم التطورات المُستجدة، البعض يرى في حالة التقارب مع السلطة، نوعاً من تعويمها لضرورات إقليمية. هي ضرورات تتعلق بمواجهة إيران وتمددها في سوريا، والجانب الآخر يتعلق بمحددات تطال النوايا التركية التوسعية في شمال شرق سوريا، وبين هذا وذاك، ثمة وجهة النظر الثانية، التي ترتكز على رغبات السلطة في دمشق، بتعزيز موقعها العربي، ليس انطلاقاً من زاوية وضع حدٍ لتردي واقع السوريين الاقتصادي والمعيشي، بل يأتي ذلك وفق سياسات السلطة الحاكمة، والتي باتت ضمن أطر الأفول، وبات لزاماً عليها توسيع نطاق علاقاتها، وعدم البقاء في الزاوية الروسية والإيرانية.

ضمن وجهتي النظر السابقتين، ثمة كارثة سياسية ستكون لها منعكسات اقتصادية خانقة، فإعادة العلاقات العربية مع السلطة، تعني ما تعنيه لجهة تعزيز موقع السلطة، وبعودة هذه السلطة إلى الجامعة العربية مُجدداً، لا يعني إطلاقاً إنعاش آمال السوريين الاقتصادية، بل على العكس، فالسوريون وصلتهم الأنباء التي تحدثت عن مشروع القانون الأمريكي، والذي تم إقراره، والمُتعلق بمنع التطبيع مع السلطة في دمشق، وسيكون لهذا القرار بمضامينه وأبعاده، تداعيات تطال الدول المُطبّعة مع دمشق، وهنا الحديث عن تلك الكارثة السياسية، التي ستشمل العرب، فإعادة تمكين السلطة الحاكمة سياسياً، يعني أن الدول المُطبّعة مع دمشق، ستكون شريكة مباشرة في تقوية السلطة، وتمكينها من “رقاب السوريين” أكثر فأكثر.

واقع الحال يؤكد، أن التقارب العربي مع السلطة الحاكمة في دمشق، بدأ منذ أكثر من عامين عبر العديد من الدول، وعلى رأسها الإمارات وسلطنة عمان والأردن، لكن رغم ذلك، لا تزال أوضاع السوريين الاقتصادية في تدهور مستمر، الأمر الذي يؤكد بأن عودة السلطة السورية إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، لن يكون لها منعكسات إيجابية على معيشة وأوضاع السوريين في الداخل، وكذلك اللاجئين في الخارج. في جانب آخر، لا ننكر كـ سوريين، أنه ومع بداية الانفتاح الإماراتي والأردني والعُماني على السلطة الحاكمة في دمشق، ازدهرت لدينا نحن القاطنين العديد من الآمال، لجهة تحسن الواقع المعيشي، لكن وبعد مرور أكثر من عامين، بدا واضحاً أنه ثمة خلل بنيوي مرتبط بعقلية السلطة في دمشق، والتي بات واضحاً أنها تنظر إلى سوريا كـ مزرعة، وتقوم باستغلال أي تطورات إقليمية ودولية، لا لتعديل واقع السوريين، بل لتعزيز أركان سلطتها، ونهب السوريين أكثر فأكثر، دليل ذلك، ما حدث مع مساعدات الزلزال في فبراير/ شباط الماضي، من سرقات وفساد، لتزيد معاناة السوريين ويتراجع سعر الليرة أكثر مما كان عليه قبل الزلزال، رغم وصول مساعدات من الدول العربية والأوروبية بمليارات الدولارات.

حقيقة الأمر، أن المتابع لتطورات الداخل السوري، يرى وبشكل جليَ، أن كل التحركات السياسية الإقليمية تُجاه السلطة في دمشق خلال الفترة الماضية، لم تُحقق أي تغييرات حيال واقع السوريين الاقتصادي، بل على العكس، لأن الواضح أن قيمة الليرة السورية أمام الدولار، لا تزال في حالة انحدار متسارع، إذ تخطى سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية حاجز 9000، ولهيب الأسعار يغزو الأسواق ويكوي السوريين، كل ذلك، والراتب ثابت عند 120 ألف ليرة سورية، ولا يكفي سوى لـ يوم واحد، وعليه فإن اندفاعة العرب تُجاه سوريا، لم تأخذ في الاعتبار واقع السوريين المُتردي، ورغباتهم بتحقيق حل سياسي يُنهي تسلط هذه السلطة على رقابهم، ويُحقق لهم بالتوازي، انتقالاً سلمياً للسلطة.

ليعلم العرب وكل المُطبّعين مع السلطة في دمشق، أن غالبية السوريين تحولوا خلال السنوات الماضية إلى فقراء، بينما السلطة وأزلامها، أثرو على حساب السوريين، وسرقة مقدراتهم، ومن باب الواقعية في استشراف الواقع، فإن كل ما يجري لجهة إعادة العلاقات العربية الخليجية مع السلطة الحاكمة في دمشق، لا يعدو عن كونه أمر سياسي ضمن ترتيب إقليمي ودولي، ولن ينعكس على المواطن السوري والليرة والأسعار، وفي العمق، فإن الدول المُطبّعة مع السلطة، ستصتطدم بتعنت السلطة، وعدم تقديم أي تنازلات، سواء لجهة إعادة اللاجئين، أو وضع حد لتجارة وتهريب المخدرات إلى دول الجوار، الأمر الذي سيحول دون ضخ أموال بالاقتصاد والسوق ويمنع إعادة الإعمار بمساهمة عربية، وبالأخص في ظل العقوبات والموقف الأميركي الواضح تُجاه السلطة الحاكمة في دمشق.

قد يهمك: شمال سوريا.. خرجوا لتغيير والحرية وانتهى بهم المطاف كلاجئين في بلادهم

من المؤسف أن نقول، لم يبقَ في سوريا ما يعوّل على ترميمه، فما زاد عن روسيا أخذته إيران، وكل ما يجري من تطبيع مع السلطة، سيزيد من إحكام قبضتها على مقدرات السوريين، مع قمع للحريات وكتم لأي صوت يُطالب بالتغيير السلمي، أو بتعديل واقع السوريين المعيشي، ولأن ذهنية هذه السلطة لا تملك المقدرة على مقاربة الوقائع بطرق جديدة، فإن ما يحدث من اندفاعة العرب نحوها، ستعده انتصاراً، وستزداد حالات القصاص من السوريين الذين يدفعون من جوعهم ثمن تطلعهم للحرية والعيش بدولة، لا بمزرعة السلطة الحالية.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة