لقد حرصت تركيا على مدى السنوات السابقة ابعاد أي جهد عربي أو دولي عن الشأن السوري وعرقلة كافة الحلول والمبادرات المحلية والدولية وعلى رأسها القرار الاممي 2254 التي من شأنها إنهاء معاناة ومأساة السوريين، واستخدمت لذلك جماعات الإسلام السياسي دينيا و”الائتلاف السوري المعارض ” سياسيا ” والفصائل الإسلامية وتشكيلات المسمى بالجيش الوطني ” عسكريا.
فضربت بذلك طوقا من التفرد بقرار المعارضة وفرض الوصاية التركية عليها؛ بل واستخدمتها سياسيا وعسكريا لتنفيذ اجنداتها وسياساتها داخل الحدود وخارجها.
قد يهمك: الرئيس الإيراني في دمشق.. ماذا عن هواجس السوريين؟
وضعت المعارضة السورية كامل بيضها في السلة التركية بتبعية مطلقة وارتهان تام للقرار التركي الذي ذهب بها الى محادثات أستانا وسوتشي، ضاربين بعرض الحائط معاناة السوريين وأحلامهم والالتفاف على قرار مجلس الأمن 2254 الرامي لحل الازمة السورية .
ومن هذا المنطلق لا يمكن للمعارضة السورية أن تقدم أي تبريرات أو أعذار حيال التقارب بين أنقرة ودمشق خاصة وأن قطار التطبيع بين الحكومة التركية ودمشق ليس جديدا ولا وليد الأمس
بل ظهرت ملامح هذا التقارب منذ العام 2016، وإن كان بشكل غير رسمي على لسان رئيس الوزراء التركي السابق بن علي يلدريم، حين قال ” إن الحل السياسي في سوريا لن يكون دون مشاركة النظام السوري “.
فماذا بقي للمعارضة السورية من أوراق ضغط وحلول بعد أن خسرت كل سلة البيض التي وضعتها في جعبة تركيا؟ .
الإجابة على هذا السؤال تتلخص بسلوك ودور المعارضة نفسها وصمتها حيال الاستدارة التركية تجاه السلطة في دمشق بل وتغيّبها عن أي اجتماعات أو محادثات تُعقد بخصوص الشأن السوري واقتصار دورها على إصدار البيانات التي وصفها الشارع السوري في مناطق سيطرة المعارضة “بالبيانات الخجولة ” .
وللإجابة أكثر حول هذا الموضوع كان لابد من طرح هذا السؤال على السوريين في شمال غرب سوريا وعن مدى ثقتهم بالتحركات التركية والمعارضة السورية.
يقول الشاب وسيم الأبرش، العامل في مهنة الخياطة ” ماذا سوف نستفيد كسوريين أنا شو بدي من هذا التقارب وهل يراعي مصلحة الشعب السوري أصلا..! فهل سوف يعيد هذا التقارب أخي الذي قتله حرس الحدود التركي أم سيعيد بيوتنا التي تهدمت”.
وأردف الأبرش قائلا ” ليس لدي ثقة بالمعارضة ولا بأي تحرك من قبل الحكومة التركية، لأنه وبكل بساطة مَن استخدمنا كمطايا وسلط الفصائل علينا لنهبنا والتضيق علينا ولتحقيق مكاسب سياسية على حسابنا محال أن يراعي معاناة الشعب السوري أو أن يعمل من أجل حقوقه”.
لم يأتِ حديث الشاب ” وسيم ” من خيال أو كيلٍ للاتهامات، وليست انعدام الثقة تلك أتت من فراغ بل كلُّ ذلك نتيجة سياسة ممنهجة لما يعيشه السوريون في شمال غرب سوريا وما تقوم به الفصائل الموالية لتركية من أفعال إجرامية، ومن تضيق على الناس ونهب ممتلكاتهم وأرزاقهم عبر إرغام الناس على دفع الضرائب والإتاوات .
وفي نفس السياق تقول المهندسة علا عبد المولى، ” إنه لمن مفارقات الزمن أن نسمع على لسان المسؤولين الاتراك والمعارضة ذكر القرار الأممي، 2254 خاصة وأنهم أول مَن التفّ حول هذا القرار من خلال محادثات أستانا وأول من جلس مع السلطة في دمشق هي المعارضة اليت ارتهنت لتركيا”.
وتابعت عبد المولى حديثها وهي تقول ” لا يمكنني أن أنسى ما فعلته الحكومة التركية بنا خارجيا من خلال مناكفة الدول على حسابنا وداخليا من خلال تسليط مرتزقتها على رقابنا فكيف لي أن أثق بهم اليوم..؟”.
وفي ذات الصدد يقول محمد الحلاق،( 46 عاما) وهو نازح من ريف حماة الى ريف حلب الشمالي ” عن أي معارضة وعن أي ثقة تتحدث هل يُعقل بعد كل هذه السنوات من الغدر والكذب والارتزاق على أكتافنا وهو يطلب بعد كل ذلك أن اصدق ادعاءاتهم”.
ويضيف الحلاق قائلا، ” انا أستاذ لغة عربية، تعجز من تسمي نفسها بالحكومة المؤقتة عن إعطائي راتب أعيش منه مقابل خدماتي التدريسية فهل تتوقع أن أتأمل من هذه المعارضة ومن مشغّليها أن يقدّموا خيرا للشعب السوري ؟ .”
يدرك السوريون اليوم في شمال غرب سوريا حقيقة لا مناص منها، وهي أن المعارضة السياسية وفصائلها العسكرية وارتهانها للقرار التركي نالت منهم ومن أحلامهم مالم تنله الطائرات والدبابات، وأن أداء المعارضة بشقّيها السياسي والعسكري بخطابها الخشبي غير قادرة إلا على تقديم التنازلات لعدم امتلاكها أي أوراق ضغط .
قد يهمك: عودة سياسية في توقيت مُبهم.. العرب وسوريا وسنوات الدم
وعادة ما تمرّ الشعوب والأمم بمحطات تاريخية ومفصلية تكون بمثابة مفترق طرق في حياتها وقد يترتب على إثر ذلك تحوّلات مصيرية ستنعكس بطبيعة الحال على حاضر ومستقبل أبنائها ومن هذا المنطلق يجب على السوريين اليوم اللحاق بحوار ” سوري سوري ” ينقذهم من مستنقع مصالح الدول والارتهان لها وأن يلبّوا دعوات من نادى طيلة السنوات الماضية ” تعالوا الى كلمة سواء ” فهل تدرك المعارضة السورية ما فاتها أم أنها كما وصفها السوريون ” الي بجرب مجرب عقله مخرب” .
تيم الأحمد \ شمال غرب سوريا.