Contact Information

مكتب الإعلام : sdcpress@m-syria-d.com 00963937460001 مكتب العلاقات العامة: info-relations@m-syria-d.com

00963937460001

في مناطق سيطرة السلطة، لم يعد لدى السوريين من أحاديث وهواجس، سوى الحديث عن استفحال الفقر والعوز، وانعدام أدنى المقومات المعيشية، في وقت تستمر فيه السلطة بسياساتها، وتعيش أوهاما تلوى أوهام، مع محاولة التسويق المستمرة لفرضيات المؤامرة، عبر إعلام السلطة وأبواقها. كل ذلك يترافق لدى السوريين في مناطق السلطة، بانعدام الأمل، مع اليقين بأن أي حلول سياسية أو اقتصادية، سرعان ما تُبدّدها سياسات السلطة وتعنّتها، وبالتالي فإن حالة الاحتجاجات التي تشهدها محافظة السويداء مدينة وريفاً، ما هي إلا انعكاس حقيقي لرغبات عموم السوريين في التخلص من هذه السلطة، التي تُضيّق الخناق على السوريين، مُعلنة الحرب عليهم، وعلى كل سوري لا يكون بوقاً لها، ويؤمن بالمؤامرات المُحاكة ضدها، ولا يكون بيدقاً في صفوف المُطبّلين لسياساتها.

ورغم محاولات السلطة تشويه الحراك الشعبي في السويداء، وربطه بأجندات خارجية، إلا أن السوريين باتوا يدركون تلك الأساليب التي لم يعد بالإمكان تمريرها. كل ذلك ما هو إلا تأكيد على تصورات السلطة الواهمة ومحاولة شينطة الاحتجاجات وتأطيرها بنظريات المؤامرة، مع محاولة خلق فتنة في السويداء عبر أبواق السلطة، في محاولة بائسة ويائسة لضرب حالة التماهي بين أهالي المحافظة أولاً، ومن ثم تأليب السوريين على أهالي السويداء عبر تسويق فكرة انفصالهم، وتشكيل كيان مستقل، في وقت نفت فيه فعاليات أهلية وشعبية وحتى شيوخ العقل في المحافظة، تلك الأوهام التي تحاول السلطة تسويقها.

شاهد/ي: في دمشق القديمة.. فكم صُهرت سبائك الذهب الغالي فما احترقا

إذاً، بات واضحاً أن السلطة الحاكمة في دمشق، تعمل في اتجاهين، أحدهما سياسي يعتمد على تمييع أي محاولة للحل السياسي، ورفض أي حوار قد يُفضي إلى جُملة حلول، مع محاولة تسويف القرارات الدولية، والأهم في هذا الإطار أن السلطة تحاول تظهير أي مطالبات شعبية أو حركات احتجاجية، تتعلق بتغير الواقع السياسي، على أنه خروج عن السرب، وبالتالي فإن ما يُطرح حُكماً مرتبط بالخارج.

الاتجاه الثاني، هو الواقع الاقتصادي والمعيشي الذي يعاني منه السوريين، والذي لم يكن إطلاقاً جراء العقوبات الأمريكية على السلطة، بل جاء نتيجة سياسات اقتصادية، ومنظومة فساد تُفرغ جيوب السوريين وتعمل على خنقهم تحت ذريعة الحصار والعقوبات. في الاتجاه الثاني، فإن ما تطرحه السلطة حيال إمكانية تعديل الواقع المعيشي للسوريين، إنما يرتكز على ضرورة ما تُسميه السلطة تحرير المناطق الشمالية الشرقية من سوريا، وبالتالي عودة النفط والمحاصيل الإستراتيجية الى الدولة.

ما بين الاتجاهيين السياسي والاقتصادي، فإن السلطة تناور وتعمل على إطالة أمد أزمات السوريين بجانبها السياسي والاقتصادي. ففي الجانب الاقتصادي فالسلطة تُسوق زوراً وبهتاناً، بأن حلّ الأزمة الاقتصادية والتي تسببت بكارثة معيشية أصابت السوريين، هو إعادة السيطرة على المناطق الغنية بالثروات في شمال سوريا؛ أما الجانب السياسي، فإن السلطة أيضاً لديها وهم بأن القوى الإقليمية والدولية تتأمر عليها وتحاول فرض إملاءاتها التي لا تتناسب مع مفاهيم السيادة التي تتشدق بها السلطة. في هذا الإطار تقوم السلطة بربط أي تطور السياسي مع عودة العلاقات بين السلطة والدول العربية، لكن في المقابل وعلى الرغم من حالة الانفتاح السياسي على السلطة ووصول العديد من المساعدات المادية إليها، وعلى الرغم من المبادرات العربية والخليجية لحل الأزمة ومساعدة السلطة والسوريين على تجاوز أزمتهم، إلا أن السلطة لا تزال في صندوقها الوهمي، وضربت بعرض الحائط كل المبادرات العربية والخليجية في الجانبين السياسي والاقتصادي، كُرمى “لعيون الإيرانيين”.

وبما أن للسلطة تصوراتها الواهمة، فأنه بطبيعة الحال سيكون لأبواقها ذات التصورات. أبواق السلطة وبأوامر عُليا تُصوّر للسوريين بأن إعادة سيطرة السلطة وأجهزتها القمعية على شمال شرقي سوريا، يمثل مدخلاً واسعاً لحل أزمة البلاد الاقتصادية المتفاقمة، وفي مقابل ذلك واستكمالاً لفصول المسرحية، فإن السلطة أيضاً تدعم تصورات أبواقها، لعجزها عن معالجة أسس الأزمات الاقتصادية والمُتمثلة في التّهرب من قبول أي حلٍّ سياسي أو على أقل تقدير، فإن السلطة ترفض تغيير سلوكها وتستمر في لعبة تسويف الحلول دون أي اكتراث بمعاناة السوريين.

واقع الحال يؤكد، بأن السلطة لا تفقه سوى سياسة إفقار السوريين وتجويعهم، والأهم في هذا الإطار، فإن عودة السلطة إلى مناطق شمال شرق سوريا، لا يعني بالقطع تحسناً اقتصادياً ومعيشياً للسوريين، بل على العكس، فإن إعادة سيطرة السلطة على تلك المناطق، لا يعني إلا المزيد من افقار السوريين وامتهان كرامتهم، بل والانتقام من السوريين في عموم مناطق شمال شرق سوريا.

ضمن ما سبق، لابدّ من تذكير السلطة وأبواقها السياسية والاقتصادية والإعلامية بأن منطقة الجزيرة السورية وقُبيل الأزمة التي عصفت بـ سوريا والسوريين، فإن تلك المنطقة وعلى امتداد سنوات سيطرة السلطة عليها كانت تعاني من إهمال متعمد وتهميش ممنهج، وإطلاق يد الفساد لسرقة موارد الجزيرة السورية وحصرها بالدائرة المُقربة من السلطة فضلاً عن إمعان السلطة في سياسة التمييز العرقي والطائفي، والتي مورست بطريقة ممنهجة بحق أهالي الجزيرة السورية.

شاهد/ي: ما بعد “انتصار السلطة”.. المنشآت الحيوية السورية تُباع !

وربطاً بما سبق، فإنه من الضروري أيضاً، تذكير السلطة وجوقتها، بأن الإدارة الذاتية وبتاريخ 18 نيسان 2023، قامت بإطلاق مبادرة وطنية، بُغية التوصل لحل سياسي للأزمة السورية التي طال أمدها، وبإطالة أمدها تستمر معاناة السوريين. المبادرة التي طرحتها الإدارة الذاتية، كان من أهم عناوينها توزيع الثروات والموارد الاقتصادية بشكل عادل بين كل المناطق السورية، فضلاً عن دعوات لحوار سياسي يجمع السوريين ويوحّد جهودهم، في سبيل التوصل إلى حلّ سياسي يُنهي معاناة السوريين أولاً ويُرضى طموحهم وتضحياتهم ثانياً. هذه المبادرة وهذا العنوان العريض الذي يمثّل رغبات عموم السوريين، لم يرق للسلطة وأكثر من ذلك قامت بمحاربة تلك المبادرة ومحاولة التعتيم الإعلامي عليها، مع محاولات لخلق حالة من الشقاق بين المكون الكردي والعربي في شمال سوريا، ترجمته حالة التوتر التي شهدتها مناطق الشمال السوري، لكن وبوعي الإدارة الذاتية ووعي غالبية العشائر العربية تم إحباط مخطط السلطة وحلفائها، الأمر الذي تترجمه بوضوح بيانات العشائر العربية الداعمة لنموذج الإدارة الذاتية في شمال سوريا. كل ما سبق يؤكد بأن هذه السلطة، ترغب بإبقاء ثروات السوريين ومقدراتهم حصراً بيدها وبيد منظومتها الفاسدة، ولا تطمح للسير في أي سياق سياسي يُنهي أزمات السوريين.

سورية ومعاناة شعبها في ازدياد مستمر، واليوم فإن واقع المحافظات الواقعة تحت سيطرة السلطة، لم يعد ممكناً الالتفاف عليه أو تغطيته بقرار اقتصادي هنا أو هناك وبات الواقع في سوريا تحكمه ثورة الجياع والقليل من الكرامة، وهذه السويداء التي خرجت مدينةً وريفاً تُطالب باسقاط السلطة ومنظومتها الفاسدة، يبدو أنها لن تهدأ حتى الوصول إلى الغايات المُرادة، وها هي قوات سوريا الديمقراطية مستمرة في نضالها ضد محاولات السلطة تشويه مشهد الشمال السوري. وما بين الجنوب والشمال، ثمّة سوريون ينتظرون اللحظة المناسبة للخروج ضد وحشية وهمجية تلك السلطة، وضد محاولات شيطنة أي مشروع وطني، أو صوت حر يطالب بالتغيير، فالواقع يؤكد بأن هذه السلطة هي التي تتأمر على السوريين وتعمل على إفقارهم، والمؤكد بأن هذه السلطة باتت في طورها الأخير، كما أنها تلفظ أنفاسها الأخيرة ولعل بوادر التغيير نُظمت بحناجر أهالي السويداء الثائرين، وبنضال الإدارة الذاتية والعشائر العربية في شمال سوريا. أليس الصبح بقريب.

عمار المعتوق-دمشق

المشاركة